لا يوجد وهم يبدوا و كأنه حقيقة مثل الحياة التى نعيشها،فالعمر يمضى فى سلسلة من الغفلات و الأغماءات مجموعها فى الختام صفر أو هى فى الحقيقة حاصل طرح و مجموعها بالسالب و ليس بالموجب فتمضى حياة الفرد بالنقصان يوماً بعد يوم يخرج من خديعة إلى أخرى و من وهم إلى وهم أخر فتارة يحسب أنه إمتلك الدنيا و ما فيها و تارة أخرى يشعر بأنه خسر الدنيا و بما فيها و بمن فيها حاله كحال شارب الماء المالح كلما إزداد شرباً كلما إزداد عطشاً لا يحصل على سكينة و لا يشعر بإطمئنان ،فهو هابط دائما من قلق إلى قلق و من تمزق إلى تمزق و من تشتت إلى تشتت حتى تنتهى حياته و محصلتها صفر،تلك هى العقلية التى أصبحت سائدة فى وقتنا الحالى فأصبح معبود كل واحد نفسه و رأيه و مشاعره،فاستبدلنا الذى هو خير بالذى هو أدنى و فانى فكل تلك الأشياء من مشاعر و أحاسيس و مدركات ملموسه التى نعتقد بأنها حقائق مطلقة هى فانيه فيقول الله سبحانه و تعالى" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ " ،فهذا الجمال الذى نشاهده و ننسبه إلى صاحبه هو بالأصل منحه و إعارة من الله بأجل و ميقات يعلمه هو سبحانه و تعالى،كذلك كل ما نحبه و نعشقه و نتعلق به ليس ملك لصاحبه لكنه هبة من الله و نحن نملكها عنه بالقرض أو الاستعارة،فالقضية بالأصل قضية إيمان و رؤية صحيحة للعالم من حولنا،فهما جنيت و مهما حصدت فالمحصلة صفر.
فى كتاب المواقف و المخاطبات للعارف الصوفى محمد بن عبد الجبار ابن حسن النفرى يقول الله سبحانه و تعالى لعباده :
"خلقتك لى..لتكون موضع نظرى و محل عنايتى و بنيت حولك سداً،ثم أردت أن أمتحنك ففتحت لك فى السد أبواباً بعدد ما خلقت و بعدد ما أبديت من جوذاب الإغراء.و خارج كل باب زرعت لك شجرة و عين ماء باردة و أظمأتك و حلفت بألألى ما انصرفت عنى خارجاً لتشرب إلا ضيعتك فلا إلى جوارى عدت و لا على الإرتواء حصلت،فقد ضللت عنى و نسيت اننى الإرتواء الوحيد و السكن الوحيد لك،و أنى أنا الله الحق الخالق كل هذه الصور و مادد كل جميل بجماله ،يا عبدى سترتك برحمتى و حجبتك عن كل هذه الأبواب و حجبتك عن كل تلك الشواغل و الصوارف فرأيتك تحاول أن تخرق الحجاب لتعاود ضعفك فلا تفعل فتعيش ذليل الأشياء سجين العطش الأبدى.يا عبد لن تعرفنى حتى ترانى أوتى الدنيا أرغد و أهنا ما عرفت من الدنيا لعبد عاصى،فترضى بما حرمتك إلا من غضبى و إعراضى يا عبد ميعاد ما بينك و بين أهل الدنيا أن تزول الدنيا فترى أين أنت و أين اهل الدنيا ...
-
Ahmed Elnourأحمد النور 22سنة طالب بكلية الهندسة جامعة الأسكندرية