قراءة تاريخية في تسليم الجزائر لفرنسا النصرانية من قبل الأتراك.!! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قراءة تاريخية في تسليم الجزائر لفرنسا النصرانية من قبل الأتراك.!!

  نشر في 23 نونبر 2017 .

بالرغم من جدلية تسليم أو إستسلام الجزائر لفرنسا عام 1830م, وبالرغم من سياسات فرنسا النصرانية في حق الجزائريين إنقسم الشعب في موقفه إتجاه هذا الغزو بين رافض و مؤيد و متحفظ ينتظر ماتسفر عنه الآمور.

ان المتصفح لتاريخ الجزاير الحديث خصوصا مع بداية الاحتلال يتبين له عدة مغالطات وقع فيها المؤرخون وقبلهم الفاعلون في صنع هذه الاحداث التي زخر بها تاريخنا العظيم.

إن الحديث عن معاهدة القصبة أو إتفاقية الإستسلام الموقعة يوم 05/07/1830 يقودنا لعدة تساؤلات تبدوا لنا منطقية ,هل كان التواجد التركي في الجزاير فتحا وحماية او غزوا واستعمارا؟

اصحاب الراي الاول يتحججون بان الاتراك قد ساعدونا في ابعاد الايبيريين عن شواطئنا و جعلوا منا قوة بحرية لا يستهان بها, وكانت كل القوى الاوروبية الكبيرة تركع صاغرة وهي تدفع الاتاوات للجزائر.

في حين يرى انصار الراي الثاني ان الاتراك كانوا محتلين مثلهم مثل الرومان والبزنطيين والوندال "المخربين" و دليلهم انهم ابعدوا العنصر العربي من كل المناصب والمسؤوليات الهامة في الدولة, و لم يهتموا بالجوانب الحضارية و التطويرية, بل ارهقوا العنصر المحلي بالضرائب الثقيلة و اشراكهم في حروبهم الخارجية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

صحيح انهم ابعدو الغزو الاسباني لكنهم ايضا قدموا الجزائر كهدية ثمينة للفرنسيين النصارى وهذا دليل آخر على استعماريتهم .

إن الذي كشف نوايا الاتراك الاستعمارية هو ذراعهم في الجزائر و المتمثل في الداي حسين هذا الآحمق الفاسق و الغبي ( أنظر فتاوى علماء تلمسان عندما ارادو بيعة السلطان المغربي المولى عبدالرحمان) الذي بضعف تكتيكه العسكري و تعاليه وغروره وقع في المحضور, و خلد اسمه في معجم الجبناء و الخونة فالتاريخ سيحفظ له ماقام به الي يوم ان يرث الله الارض ومن فيها.

والا كيف نفسر مافعله وهو يعلم بقدوم الحملة و مكان نزولها و عتادها و عدتها و مسارها ( انظر المرآة حمدان خوجة) وكان له جواسيس من مالطا وايطاليا ,قدموا له تفاصيل الحملة ومع ذلك اخفق في الاستعداد لها بل ومواجهتها,فوقع ماوقع وتآلم الشعب وحده و دخلت الجزائر في غيبوبة قرابت القرن و ربع القرن يتحمل مسؤليتها الاتراك وحدهم .

خرج الداي من هذه الاحداث مهزوما و مغضوبا عليه ولم يجد احدا يودعه و فاضت عيناه دمعا كدمع التماسيح الماكرة ,و غادر بامتعته و امواله وحاشيته و الاقربون منه الي نابولي غير مأسوف عليه برعاية فرنسية ليسكن في بيوت بكري و بوشناق هناك, ثم بعد مدة رحل لمصر "محمد علي" الذي تحامل وتعاون مع الفرنسيين لغزو الجزائر ليموت هناك غير مترحم عليه .

كما غادر "دي برومون" صاحبه في الاتفاقية ايضا معزولا و منفيا و لم يودعه احد من بني قومه بعد رحيل الداي بشهرين فقط ,فهل لا نشك في ان هناك خيوط لمؤامرة حيكت للجزائريين؟! وهل اصلا القوة البحرية التي يتغنى بها آنصار الآتراك كان يقودها الجزائريين ؟ من كان يشرف على الآساطيل و قيادتها و يعقد الإتفاقيات مع الدول الغربية العرب الجزائريين آم الآتراك؟ و هل يحق لنا أن نفتخر بأنفسنا أم بالآقوام الآخريين؟

بعد ماحصل من خيانات و دسائس ووقعت الجزائر تحت نير الهمجية الفرنسية, كان لزاما على الجزائريين أن يتصدو و يقاوموا هذا المحتل و هذا ماكان فقد قاد الشعب عدت مقاومات شرقا و غربا و جنوبا وشمالا و تفاوتت هذه المقاومات من جهة لآخرى, فالنقسمت الي قسمين مقاومات منظمة تمثلت في الآمير عبد القادر و آحمد باي و آخرى غير منظمة نعتبرها إنتفاضات شعبية كان محركها الاول المصالح أو السياسات التعسفية الفرنسية ضدها (مقاومة الباشاقا المقراني), في حين القسم الأول كان هدفها رد السيادة التي إنهارت في "إسطوالي" آما الإنتفاضة فكان هدفها إسترجاع ممتلكاتها و العيش في هدوء و آمان مع القابلية المحتومة لتعايش مع الفرنسيين.

نحن نؤمن برد الفعل الشعبي و مقاوماته للإحتلال الفرنسي ونثمنها ونفخر بها كما آيضا نستطيع أن نعدد آخطاءها كما حصل مع "المقراني" و "احمد باي" في ما قبل ثورتهما و آثناء مجريات معاركتهما و الآسباب التي حركت إنتفاضتهما و آهدافهما و رؤيتهما لعرب الجزائر و للفرنسيين و للآتراك.

إن فرنسا بعد دخولها للجزائر و قبلها لم يكن لها رادع عسكري أو سياسي قانوني أو حتى آخلاقي يردعها عن آمر كان مفعولا من قبلها, يقول الجنرال "بيجو" < وآي معاهدة تحترم و هي لا تخدم مصالحنا.!>,

لاطالما آرقتني آسئلة و حيرتني كيف لفرنسا الصليبية التي لا تحكمها لا مبادئ و لا قيم سواء كانت دينية أو إنسانية أن لا تقوم بتصفية رموز المقاومة الوطنية الذين وقعوا في آيديها كالآمير و آحمد باي ؟! آلم تكن تخشى من معاودة نسج خيوط المقاومة من قبلهم بعد نفيهم للخارج ؟! آلم تكن فرنسا حريصة على تواجدها في الجزائر و قمع كل ما يسبب تهديدا لكاينها ؟! لماذا لم تفعل ذلك و كانت تقدر على فعل ذلك ؟ هل آحست فرنسا بالذنب لو قامت بذلك؟ أو آنها كانت تخشى ردود دولية تهدد تواجدها ؟ أم خافت من ردود الساكنة الجزائرية التي تكون آكثر قوة لما لها من تبعية روحية لرموز مقاومتها ؟

"احمد باي" في الحقيقة عندما إتخذ قراره بالمقاومة ضد الإستعمار الفرنسي و البقاء في قسنطينة إنما فكر في منصبه كباي من بايات الآتراك الذين إستحوذوا على السلطة و همشوا الجزائريين آبناء البلد الآصليين, و ما يؤكد هذا هو نفسه "أحمد باي" في مذكراته عندما قال<< لوكنت آستطيع التفاوض مع الفرنسيين والإحتفاض بمرتبتي كباي لفعلت ذلك, لكن عندما إستبدلوني بباي آخر كان لزاما عليا أن أقاومهم..>> آليس هذا التصريح يؤكد على أن ما حركه هو مصالحه و خوفه على كيانه و سلطته ! آلا يعتبر أحمد باي مغرورا بعد إستسلام الداي فبدل آن يتعاون مع "الآمير عبد القادر" و شيوخ القبائل العربية صار يفكر في إبعاد "الآمير" من المقاومة و التشكيك في شرعيته. ورفضه لكل المبادرات التي قام بها "الآمير" لتوحيد صفوف المقاومة و لم الشمل لمواجهة الإحتلال لآنه فقط عربي يختلف عن الآتراك المتعاليين!

كان "أحمد باي" مثله مثل آسلافه الآتراك يحبون السلطة و المال و الجاه و يعتقدون بالتفوق الآصل التركي حضاريا بين الشعوب الإسلامية فكان لايروق لهم أن يشاهدوا العرب في السلطة أو على رآسها و لو كان ذلك عن طريق الشورى من خلال المبايعة بالإمارة كما وقع مع الآمير.

إن "آحمد باي" كان سياسيا آكثر منه عسكريا ربما الكثير يقدرون بإجلال تجاربه وخططه السابقة خاصة عندما إقترح على صهر الداي "إبراهيم آغا" خطط لتجنب المهزلة, لكن في ما يبدوا لي عن مهاراته العسكرية لم يبرز لي شيئا منها و دليل ضعف تكتيكه ,وهو ماحصل معه في معركة قسنطينة عندما وضع خطته ونجح بسبب جهل الفرنسيين للمنطقة ومنافذها عام 1836م و آكد على غبائه عندما كرر نفس الخطة عام 1837م حيث كانت الكارثة و تنبه الفرنسييون لسذاجته و إنتصروا بسهولة.

إن تاريخ فرنسا في الجزائر حقيقة تاريخية, و تاريخ الجزائر في ظل الإستعمار الفرنسي أيضا حقيقة تاريخية, و من هنا يبدأ الإشكال في كتابة التاريخ فهو تاريخ لشعبين و لأمتين في وطن واحد ولذاكرتين, كتبه الفرنسي كرصيد لسجلهم الوطني ولدورهم التاريخي في العالم , و يكتبه الجزائري ليسجل به مقاومته و كفاحه و رفضه للتواجد الفرنسي , فعلينا أن نعرف كيف نكتب تاريخنا و أن لا نكون كـ الإمعة نتبع ما يملى علينا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حساني أسامة - جامعة زيان عاشور- الجلفة-


  • 1

   نشر في 23 نونبر 2017 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
لقد اعدتنا الى قرون خلت ،معلومات لم ندرسها ،رؤية الامور بمنظار مختلف ،ولكن حبذا لو لم تقل الاتراك فهذا تعميم ،فالذين ساهموا في سقوط الجزائر في ايدي الفرنسيين يبقون افرادا ،ويأتون بعد سقوط الدولة العثمانية التي حكمت لما يقارب ست قرون،ونشرت الاسلام والعلم ،قبل بداية انحطاطها بسبب اشخاص ،مقالك قيم ،سررت بقراءته وتعرفي على معلومات جديدة ،دام قلمك.
1
حساني أسامة
شكرا على مرورك ، الدولة العثمانية كما ترغبين أن أسميها كانت قد أبعدت العنصر العربي من كل المسؤوليات ، بالإضافة إلي أنها لم تهتم بالجانب الثقافي و العلمي منذ نشأتها إلي غاية زوالها، كل إهتماماتها كانت مُنصبة حول النهوض بالجانب العسكري و السياسي.
Salsabil Djaou
ساحاول الاطلاع اكثر ،ربما تخصصي ابعدني كثيرا عن قراءة التاريخ ساطلع اكثر ،شكرا على التوضيح ،بالتوفيق.
حساني أسامة
الغفو اختي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا