عشيقتي
وسط جمع من الناس، في رواق متجر ممتاز؛ كانت واقفة في الممر، قبالة أقرانها، مبتسمة، بشوشة، في أبهى عنفوانها. لم يأبه لها المارة، على طاولة العرض تتوسط المشهد، بقبعتها الحمراء، قامتها الطويلة، كانت ترتدي معطفا نقيا وشفافا، على خاصرتها ثوب ناصح البياض، مزركش بخطوط لاتينية سوداء، بخلفية حمراء الجوانب؛ ظهرها يتموج ناعم الملمس ، تتمايل تعلو وجهها حمرة الدم ، أردافها تتعاظم لتصبح بحجم قلبي... كم أحبها... عشيقتي!
الليالي الباردة، حين أكون بعيدا عن حضن زوجتي، تكون عشيقتي مصدر قوتي، مؤنسة غربتي، تتيهني عن المحيط، تشبعني حتى التخمة، كل حواسي تتيقظ. عيناي حمراوان، أرى بهما بشكل أفضل.
نكون سعداء عندما نتراقص، أغير عليها حد الكفر، إن ضايقني غريب بنظراته لها، أستطيع أن أرسم طريق الموت في سبيلها؛ و لما لا، فعلاقتي بعشيقتي كانت مند زمن الإحساس بالرجولة، نختلس القبلات عن اعين مجتمع منافق، في السينما والمقهى والحدائق والفصول الدراسية... كان لعابها وقاية من تسوس اسناني، والتهاب لثتي.
لم تكن لدي الشجاعة الكافية، لأعرفها على أهلي، كنت اغار عليها، حتى من أشعة الشمس، أحضنها، أعانقها، أخبئها، اختبئ وإياها، عشيقتي، محبوبة ، شعبية في طباعها، رغم غطرسة أبويها الأرستقراطيين، والدها زنيبر و والدتها لالة غيثة، تنحدر من مدينة مكناس.
أبوها رجل عصامي، تجاوز سن التسعين، محافظ على رشاقته، وسيم، ابتسامة لا تفارق محياه، لم يحتج يوما إلى شرب إكسير الشباب، أدرك سرا تعود عليه، أدمن ممارسة السباحة.
"حماتي" تخصص لها حنان ورعاية، فالبنت لأمها، تحبها عروسة فوق الرؤوس، وضعت لها أحمر شفاه بلمسة فنان، زادتها جمالا، من منصة التتويج حتى الواجهات الزجاجية، تليق بها و أخيها الكبير : المغرابي.
أتعرفون إسمها؟ يا اعدائي من العشاق، في غيابي يدلعونها باسم : الفرّاكة؛ ولقبها الحقيقي: شود صولاي.
سعيد تيركيت