الفن والسياسة وصناعة الكذب... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الفن والسياسة وصناعة الكذب...

  نشر في 26 غشت 2017 .

لقد أصبحنا نعيش في عصر غريب وعجيب، عصر تمكنت فيه السياسة من تسخير الفن لخدمة أهدافها وتحقيق غاياتها، ولا اعتراض على ذلك لو كانت تلك الأهداف والغايات مما يخدم الإنسان، ويحقق له السلم والأمان، ولا بأس أن تتوسل السياسة بالوسائل المواتية، والأدوات الملائمة لبلوغ أهدافها وغاياتها، ما كانت تلك الأهداف والغايات المتوخاة، تصب في مشرع تأمين أسباب الحياة الإنسانية الكريمة والرقي بها، أما أن يشترك الفن والسياسة في التدليس والكذب على الناس لانتزاع الحق في الاعتداء على حريات الآخرين والتضييق عليهم، بل لشن الحروب عليهم، وسفك دمائهم، وتفكيك دولهم، وتمزيق أوطانهم، وتشريدهم في العالمين، فذلك ما لا ينبغي أن يلغ فيه الفن، أو تتورط فيه السياسة، إذ المتعارف عليه أن الفن هدفه الأول، وغايته الأسمى، أن يحقق سعادة الإنسان لا شقاءه، كما أن السياسة في حقيقتها الجوهرية ترمي لحسن توظيف الجهد الإنساني لخدمة الصالح العام، فإذا تورطا في عمل يعصف باستقرار الإنسان ويعرض حياته كفرد أو مجموع لأخطار مدمرة فذلك شذوذ لا يقبل منهما، ويستنكر عليهما، ويحسب عليهما، ولكن يبدو أن هذا العصر وعصر العجائب بالفعل، حيث التقى الفن والسياسة ليتعاونا على صناعة الكذب، واتفقا على تزييف الحقائق وتزوير الأحداث والوقائع خدمة لأنظمة تطمح لبسط هيمنتها على شعوب ومناطق بعينها لأغراض سياسية، واقتصادية، وعسكرية، هذا التواطؤ بينهما قد بدأ مبكرا وليس هو وليد اليوم وكان أول من تنبه إليه وتعرف عليه هو " جواهر لال نهرو" الذي قال لجمال عبد الناصر فيما روي عنه: أن أمريكا لم تتفوق على العالم الثالث بقوة اقتصادها، وإنما بصناعتها السينمائية، وقد أصاب هذا الزعيم الهندي فيما ذهب إليه إذ سخرت أمريكا صناعتها السينمائية لإظهار الولايات المتحدة في صورة الدولة الكبرى المهيمنة التي لا تقهر، ثم سخرت هذه الصناعة في تبرير التدخل العسكري لها في المناطق التي تعتبر وجودها فيها حيويا من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، مثل ما حدث مع أفغانستان والعراق حيث تظافر الفن والسياسة على إخراج مسرحية واقعة 11، 9 ، 2001 ثم ها هو الفن والسياسة يلتقيان مرة أخرى، ليبررا للولايات المتحدة تدخلها في سوريا والعراق فأخرجا لها مسرحية جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهاهما يتدخلان من جديد في فرنسا ويسهما في إخراج مسرحية "شارلي هيبدو" والمتجر اليهودي، بهدف التمكن من نقل الصراع من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، وذلك واضح من التركيز على جنسية المتورطين في هذه الأحداث، وها هي المعلومات تتوالى، والمعطيات تتظافر، على أن تلك الوقائع ما كانت إلا تمثيلا في تمثيل، فالأخوة كواشي الذين نسبت لهما أحداث شارلي هيبدو، جاء ما يفيد أنهما هلكا في شهر أكتوبر في الشام، أي أنهما قضيا بنحو شهرين قبل الحادثة المنسوبة إليهما، وهذا يقوي الشكوك في كون المعتدي على المتجر اليهودي هو أحمدي كولي بالي، حيث أن هناك رواية تذهب أن الذي اقتحم المتجر اليهودي، لم يكن رجلا إفريقيا، بل كان رجلا أبيضا بعيون زرقاء، وهذا يؤكد ما ذهب إليه "جان ماري لوبان" مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليميني، من أن عملية "شارلي هيبدو" هي من عمل جهاز المخابرات، وبتواطؤ من السلطات الفرنسية، ويتفق مع ما ذهبت إليه جريدة "الاندباندنت" البريطانية، التي ترى أن هذه العملية هي من تنفيذ عملاء أمريكيين وإسرائيليين، بهدف إشعال حرب بين الإسلام والغرب، وهذا يتفق تماما مع ما جاء في مذكرات هيلاري كلنتون، التي اعترفت فيها أن الولايات المتحدة وراء تأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام، كم أشار إلى ذلك موقع يمنات، وإذن لم يعد بوسع أحد أن ينكر أن الفن والسياسة قد تورطا في عصرنا هذا في صناعة الكذب إلى أبعد الحدود...   



   نشر في 26 غشت 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا