نصرة أردوغان ضرورة ميكافيلية وشرعية. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نصرة أردوغان ضرورة ميكافيلية وشرعية.

  نشر في 01 نونبر 2015 .

اعرف أن الكثير سوف يتفاجأ بهذه المقالة, وكيف أنني بشكل وبأخر أناصر أيديولوجية وفكر بينه وبين خلافات وتقاطعات كثيرة, خاصة من حولي الذين يعرفون موقفي من "الإسلام السياسي" بصورة عامة ومن المدرسة الاخوانية بصورة خاصة, لكن كتابة هذه المقالة أجدها واجب علي كتاباتها في هكذا ضروف وواقع.

في الحقيقة الإسلام السياسي وهذا أعتراف مني حقق بعض المنجزات لكن هذا ليس حلاً, لانه مهما قدم يبقى فاقد الارادة منبوذاً محارباً, بالرغم من حجم المداهنة والمجاملة التي يبذلها, هكذا عهدنا الاسلام السياسي منذ معرفتنا به.

نبذة عن التاريخ السياسي التركي

قبل أن نتحدث عن الانتخابات التركية الحالية لابد أن نتطرق الى تاريخ تركيا السياسي بشكل مختصر, كانت تركيا تمثل عاصمة الخلافة الإسلامية لأكثر من 600 سنة، قائدة للعالم الإسلامي والممثل الوحيد له، لكن تم تحويل تركيا في فترة زمنية معينة, من عاصمة للخلافة الإسلامية إلى دولة علمانية على النمط الغربي حرفيًّا على يد مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى اتاتورك"، الذي استطاع سلب الهوية الإسلامية للشعب التركي, بجملة من القرارات المتسلسلة بدأها, بإعلان إلغاء الخلافة الإسلامية رسميُّا سنة 1924م وحذف بند أن تركيا دولة إسلامية من الدستور سنة 1928م إلى القضاء على أبسط مظاهر الدين الإسلامي في تركيا المتمثلة في منع الحجاب للمرأة ومنع الزي الإسلامي العثماني للرجل، ووصولاً إلى اعترافه بالكيان الصهيوني دولة على أرض فلسطين، انتهاءاً يإلغاء اللغة العربية سواء في الكتابة أم في العبادات، وختمها بتصفية الوجود الإسلامي في تركيا على الساحة السياسية أو الاجتماعية من خلال إقراره لقانون السكون؛ وهو قانون ينص على محاكمة كل من ينادي بعودة الدين أو إقامة حكومة تعتمد على الشريعة الإسلامية.

استمر "مصطفى أتاتورك" بهذا النهج الدكتاتوري الرامي إلى تصفية الوجود الإسلامي في تركيا إلى حين وفاته سنة 1938م واستمر من بعد وفاته رفاقه في حزب الشعب (يعرف حاليا باسم حزب الشعب الجمهوري) حيث أكملوا مسيرة "مصطفى أتاتورك" بالحكم الدكتاتوري القائم على الحزب الواحد إلى سنة 1946م؛ حيث تم فيها وبعد ضغوط داخلية وخارجية كبيرة من إنشاء أول انتخابات برلمانية في تركيا قائمة على التعددية الحزبية, ومن بعد هذه التاريخ, بدأ الصراع بين العلمانية والاسلام السياسي على يد قادته المتمثلين حالياً بـ "حزب العدالة والتمنية" يتصاعد, ونجم عن هذا الصراع المتواصل عدة انقلابات واعتقالات وسنوات من الاضطهاد السياسي للاسلامين وللمسلمين, وأي "أضطهاد" أنه اضطهاد علماني للأسلامي!

لكنهم أستطاعوا على مر هذا السنوات تحقيق منجزات كبيرة في رفع قيود العلمانية في محاربة الدين الاسلامي في تركيا, الحفاظ وأرجاع الهوية الإسلامية المسلوبة في تركيا, من تعطيل ما أقره "مصطفى أتارتوك" وحزبه من خلع الحجاب وتصفية الوجود الاسلامي في المجتمع التركي, واحياء اللغة العربية وبناء المساجد والتضيق على الدعاة...الخ من الممارسات العلمانية, فضلاً عن أستطاعتهم بعد سنوات طويلة من الصراع أن يكونوا حاكماً لتركيا بعدما كانوا محاربين مضطهدين, حتى أصبح "الاسلام السياسي" بالرغم من كونه في تركيا ينطلق من ايدلوجية وحزب غير اسلامي كون الدستور التركي يمنع ذلك, رقماً صعباً في الساحة التركية والعالمية, بالرغم من هذا وما وصل اليه وحقق حزب "العدالة" من منجزات وشعبية وارقام قياسية بالحكم, لكنه لازال في صراع اثبات الوجود مع العلمانية في البلاد مستمراً, ومصير هذا الصراع سوف يحسم نوعا ما في الانتخابات الجارية, فتكون تركيا أما أردوغانية أو أتاتوركية.

الانتخابات التركية

بعد قيام الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من حزيران الماضي, شهدت نتائجها صدمة للاطراف المتنافسة لكون نتائج الانتخابات غير محسومة, وبالتالي فشلت الاحزاب المتنافسة في تشكيل حكومة وبناءا على هذا تقرر اليوم الاحد 11/1 يوم الانتخابات التركية المبكرة, ويكمن فشل عقد تسوية وتشكيل حكومة تركية في انتخابات حزيران, حجم تقاطع الايدلوجيات بين الاحزاب المتنافسة التي تعسى كل منها لقيادة تركيا وهذه الإحزاب المنافسة للعدالة هي:

حزب الشعب الجمهوري

يعتبر حزب الشعب أقدم الأحزاب التركية تأسس على يد "مصطفى أتاتورك" ويعتبر الحزب أشد المحافظين على المبادئ العلمانية التركية، تمكن الحزب من الحصول على المركز الثاني في نتائج الانتخابات بنسبة 24.95%، يحمل حزب الشعب أيديولوجية وموقفًا معارضًا للعدالة ولا سيما زعيمه "كمال قليتش دار أوغلو" الذي توجهت بحقه اتهامات بعلاقاته مع الجنرالات المدانين بقضية الانقلاب ضد حزب العدالة.

حزب الحركة القومية

هو حزب قومي يميني تركي لطالما كانت الحركة معارضة للعدالة؛ حيث إن الحركة على لسان زعيمها "دولت بهشلي" قامت بالهجوم ونقد حزب العدالة في مواقف عدة آخرها بعد نتائج الانتخابات حزيران، حيث صرح من خلال تغريدة له على حسابه الرسمي: "فترة الثلاثة عشر عامًا المظلمة التي مرت بها تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية لا يمكن أن يغفلها أحد. فهل من الممكن أن تتم عملية المسامحة دون المحاسبة أولًا؟"

حزب الشعوب الديمقراطي

وهو حزب يساري تركي موالٍ للكرد وممثل لهم ويتهم الحزب من قبل أطراف تركية عدة بأنه ممثل قانوني لـ (حزب العمال الكردستاني) المصنف إرهابيًّا من قبل الدولة التركية، أما عن التكوين الداخلي للحزب فإنه يمتاز بالحضور النسائي فيه بالإضافة إلى الشواذ (المتحولين جنسيًّا) الذين يتواجدون بنسبة 10% يهدف الحزب إلى محاربة الاستغلال والتمييز وتوفير حياة كريمة ومساواة للجميع، هذا ما جاء به النظام الداخلي للحزب، لكن الحزب عرف عليه بالممثل الكردي أما عن موقف الحزب مع العدالة فإنه معارض له ويعتبره غير ديمقراطي ويسعى لتغييره, وكما اشتركت مكونات الحزب في احتجاجات التقسيم.

اليوم تشهد تركيا انتخابات جديدة مبكرة على ضوئها يتم تشكيل حكومة تركية تقود تركيا لأربع سنوات قادمة, في فترة مصيرية تشهد فوضى كبيرة وخلافات دولية عالقة, ما لايعلم به الكثير أن مصير الانتخابات التركية له تأثير بالغ الاهمية على الساحة التركية وعلى الساحة الاقليمة بشكل خاص كما سوف نوضح ونستعرض أدناه.

نصرة أردوغان ضرورة ميكافيلية شرعية!

نعم عزيزي "القارئ" ليست مبالغة أو تهويل أو أطراء قيادي "أخونجي" في الاخوان المسلمين, لكن هذا واقع يقول, عندما تراجع تاريخ تركيا السياسي ومجرياته, والأهم تراجع الاحزاب المتنافسة على حكم تركيا وتأثير صعودها على السياسة التركية, وعلى موزاين الواقع العربي والسوري والعراقي خاصة سوف تجد هذه العبارة صائبة مئة بالمئة ولأستعراض صحة هذه العبارة, نوضح بشكل مختصر تأثير فوز خصوم العدالة سواء على الصعيد التركي والعربي.

تأثير خسارة أردوغان تركياً

أن خسارة حزب أوردغان وصعود الاحزاب المنافسة وخاصة اذا ما صعد أبزر المنافسين"حزب الشعب" يعني عودة للهوية العلمانية في تركيا, كون هذا الحزب أبرز أشد المحافظين على المبادئ الاتاتوركية والمحافظة على علمنة تركيا, وهذا ما يعني عودة لأضطهاد والمحاربة للوجود الإسلامي في تركيا وعلى كل الاصعدة سواء وجود ديني أو أجتماعي أو سياسي, فتاريخ حكم هذا الحزب موقفه من تأسيسه الى هذا اليوم من الاسلام والدين وكيف يعمل على محاربة وجوده خير دليل.

أما تاثير الحزب المنافس الاخر وهو الكردي "حزب الشعوب الديمقراطي" هذا الحزب كما وضحنا هو تابع الى الحزب الكردي المعارض المسلح "حزب العمال الكردستاني"وهذا الحزب-العمال- يسعى الى اقامة دولة كردية ولم شمل الاكراد في العراق وايران وسوريا وتركيا, وما محاولة صعود حزب "الشعوب" الا لتحقيق هذا الهدف-اقامة دولة كردية- او على الاقل زيادة النفوذ "الكردي" في الساحة التركية, ولان هذا الحزب "ميكافيلي" بأمتياز فأن لامشكلة له يتعاون مع المريخ في سبيل تحقيق اهدافه, أي سوف تشد الصراعات والمشاكل في المجتمع التركي حول القضية الكردية بشكل خاص.

تأثير خسارة أردوغان عربياً

نعم ما لايعلم به الكثير أن الانتخابات التركية ومصيرها يؤثر تأثير بالغ على الواقع العربي, ولكي نستعرض هذا التأثير لابد من توضيح مواقف أبزر الاحزاب المنافسة حول الواقع العربي, وهو "حزب الشعب الجمهوري" هذا الحزب الذي تأسس على يد "مصطفى أتارتوك" والذي يعتبر أشد المحافظين على علمنة تركيا كما وضحنا, يحمل هذا الحزب برئاسة زعيمه مواقف حادة حيث "كمال قليش" سياسي تركي "نصيري" الطائفة والمعتقد, ابرز مواقف "كمال قتليش" وحزبه المنافس الاول للعدالة, يكمن في موقفه المضاد من "الثورة السورية" والداعمة بشكل علني لنظام بشار الاسد في سوريا, فضلاً عن علاقاته مع جهات شيعية عراقية وأيرانية, لدرجة قام "كمال قلتيش" بزيارة الى العراق التق بها مع نوري المالكي في عام 2013, والاخطر من بين كل المواقف التي يتنباها هذا الحزب وزعيمه هو موقفهم من اللاجئين السورين, حيث دعى ويدعوا بأستمرار -كمال قلتيش- الى طرد اللاجئين السوريين, وأخر دعواته في طرد اللاجئين السوريين في الشهر الرابع, التي أتخذ منها دعاية أنتخابية اذ صرح قائلاً "إذا فزنا بالانتخابات سنعيد السوريين الى بلادهم" صعود هكذا حزب وحكمه لتركيا يعني دعم متزايد لنظام بشار الاسد, وضغط على المعارضة السورية خاصة مع أستمرار محادثات "فيينا" والتدخل الروسي, وتزايد في القضاء على الثورة السورية, فضلاً عن مصير أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري مصيرهم الطرد, فضلاً عن تزايد في النفوذ الايراني في المنطقة وفي تركيا خاصة, أما عراقياً سوف يكون الاسوء هو الاخر, وعلى الصعيد المصري سوف يواجه "الاخوان المسلمين" وكل المعارضين الاسلاميين للسيسي في مصر مأساة لخسارة داعم لهم كبير مثل العدالة, وبكل أختصار خسارة "اردوغان" هو زلزال في الساحة الاقليمية؛ كون المواقف التركية سوف تكون مناقضة للسابقة التي كان يتبناها العدالة, وهذا ما يعني تغيير في خارطة ومجريات الواقع بشكل كبير في حالة خسارة العدالة سواء على الساحة التركية او الاقليمية.

اما النقطة الاخيرة التي أود الختام بها, هي حول مواقف "السلفية الجهادية" وخاصة المتحمسين منهم والحديثي العهد, بالرغم من كوني أتفق مع مواقف "السلفية الجهادية" من "الاسلام السياسي" في نقاط عدة, لكن اجد محاربتهم لأردوغان في هذا الوقت أمر غير مقبول ويعكس سلباً على الواقع العربي وعلى التنظيمات السلفية بشكل خاص, ما قد يحاول ينكره الكثير أو لايعلم به هو صلة تنظيم "الدولة الاسلامية" مع الحكومة التركية وسياستها.

اذ تعتبر تركيا بوابة الدخول وجسر العبور المقاتلين الاجانب الى اراضي تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا والعراق, اذ صعود حزب يتبنى مواقف حادة ضد تنظيم الدولة بشكل تام, يعني أغلاق هذه البوابة, فضلاً عن اهمية تركيا من الناحية الاقتصادي للتنظيم, اذ تعتبر تركيا السوق الذي من خلال يقوم تنظيم الدولة تصريف منتجاته النفطية في "سوق السوداء" وشراء الاسلحة والبضائع, وصعود حزب معارض يحمل هكذا مواقف حادة اتجاة تنظيم الدولة, هو مضرة للطرفين سواء التركي او تنظيم الدولة, اذ التركي سوف يحارب من خلال اغلاق بوابة عبور المقاتلين الجهاديين الاجانب, والعمل بشكل مكثف من خلال التحالف الدولي والضغط على المعارضة السورية, والتنظيم سوف يحارب من خلال التلاعب بأمن تركيا من خلال ما يملك من شعبية واعداد كبيرة مبايعه له, وهكذا تكون الحرب بينهم والطرفين في خسارة!

في الختام اتمنى فوز حزب العدالة بالرغم من مواقفي معه التي لازلت متمسكا بها, لكن رؤية بدائل "حزب العدالة" التي سوف تحكم تركيا وحجم خطور تاثيرها على الواقع الاسلامي التركي والعربي العربي خاصة, يلزمني أن اساند هذا الحزب وبالرغم من كونها مساندة معوية وأن أدعوا غيري لكي يساندها كضرورة شرعية ميكافيلية.



  • العم حمادي
    العم حمادي كاتب ساخر ومحلل سياسي جاد, أكتب في الواقع السني العراقي وهمومه, من ليس معني بالشأن السني العراقي لايفهم ماذا أكتب, والمصاب بداء الانتماء لايسعد بما أكتب.
   نشر في 01 نونبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا