الحدود في الإسلام والعقوبات في القانون
نشر في 21 ديسمبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
من أهم المعضلات في التشريع عدم التوصل إلى أساس عام وسليم يقام عليه،فالقيم التي يحاول المشرعون رعايتها وإعتبارها في دساتيرهم و قواننينهم ليست محل إتفاق حتى توضع في ميزان واحد وذالك لإختلاف البيئات و الظروف و الحظارات و الأيديولوجيات ,ولا سيما في سن العقوبات العادلة لكل جريمة أو جناية و لو كان الإختلاف هنا في نوع العقوبة أو تفاوتها شدتا ولينا لكان الأمر هينا و لكن الإختلاف في الجريمة نفسها و النظر إليها من زوايا خاصة لتبريرها و إخراجها من دائرة الإجرام أحيانا و على سبيل المثال لم يتمكن الأمريكيون من تطبيق قرار إتخذوه في سنة 1933 يحجر الخمر لأن الشعب رفض ذلك و لم يقبل هذا الحجر و تكمن الحيرة هنا في معرفة المصالح التي لابد للمشرع أن يحافظ عليها و الأهداف التي لابد أن يعمل على تحقيقها ,و بمعنى أخر معرفة ميزان صحيح للقيم التي يجب إدخالها في فلسفة التشريع و إعتبارها أساسا عند تطويرها .
ومادامت الدساتير تصاغ وفقا لرغبات الشعوب ممثلتا في نوابه فقد تتغير هاته الرغبات بمضي الزمن فتفقد هذه الدساتير صلاحيتها .
و في الجانب الآخر فإن مصدر التشريع هو الخالق الذي أحكم قوانين الطببيعة و هو العليم بعباده و بما يليق بهم من تشريع ينظم حياتهم أفضل تنظيم و يوجه سلوكهم نحو الخير و الفضيلة و يفصل بين قضاياهم بالحق و العدل فذالك المراد , و قد إستراح أهل الذكر في التشريع من عناء النظر و حيرة الإختيار بين العديد من النظريات التي لا طائل من ورائها و التي كثيرا ما يضرب بعضها بعض لإختلاف وجهات النظر التي لا تخلو غالبا من الأهواء المسيطرة عليها.
اذا كانت الأنظمة العلمانية أكثر ملائمة لروح العصر فأين نجد أساس القيم المتفق عليها ?
و الحق أن كثيرا من القوانين المدنية اليوم في أروبا مدينتا للتشريع الاسلامي و فقهه لما يمتاز به من عدل و إستعاب و بعد نظر و عمق التحليل و قد أكدت التجارب في هذا المضمار أن القانون لا يستطيع أن يستقل بذاته بل لابد أن يقترن بالعقيدة الدينية ولابد من قانون أخر وراء القانون يحمل الناس على الإدلاء في المحاكم بالبيانات الصادقة للوصول إلى العدل ,فقد إعترفت جميع محاكم العالم بهذا المبدأ حيث أنها تلزم كل شاهد أن يقسم بالله أن يقول الحق قبل الإدلاء بشهادته و هو دليل واضح يؤكد أهمية العقيدة الدينية في صون حرمة القانون .
و اليوم قد حان الأوان للإعتراف بهذه الحقيقة و هي أن البشر لا يستطيعون وضع دستور لهم بدون هدى الله و بدلا من المضي في بحث لا يأتي بنتائج عملية ،و في بذل جهود لا تأتي بثمارها ،علينا أن نعترف بحقيقة دعى إليها الكثيرون من رجال الفكر الاسلامي و غيرهم قديما و حديثا و هي الإحتكام الى قوانين الخالق ,و لعل أهم ما يميز القانون الإلاهي أنه يسد فجوات عميقة تتمثل في خلق الشعور الفردي و الجماعي بشناعة كل جريمة تحارب الأمن و الفضيلة و الأمانة.
اٌلِـلِـهٌمِـ ألِـهٌمِـﻧَاٌ اٌلِـهٌدّىْ وِ اٌلِـتْقْىْ وِ اٌلِـﻧَقْىْ وِ اٌلِـﻧَحٍاٌةُ مِـﻧَ اٌلِـﻧَاٌرُ
-
رافع باعمرلسانس علوم سياسية ، ولسانس حقوق