عندما كُنّا صِغاراً !
هل كُنّا نعلم الكثير كي نكبر، أقصد ... هل كُنّا نستحق أن نكبر؟
نشر في 14 شتنبر 2016 .
ما أجملنا عندما كُنّا صِغاراً !، كانت السعادة لا تسعها قُلوبنا ما إن طَبَع أحد على شفاهنا قُبلةً أو حتى ألصقها على جَبَهاتنا الناعمة، ويا لجمالها إن تمكّنت من احتضان وجنتينا التي تتورّد بخجلٍ كُلما لا مستها شفاه من أحبّونا.
كُنا نجري ونجري ونبتعد كثيراً لكي نلعب فقط، لم نكن نجري هاربين من الخوف الذي يحتلنا منها، كُنا نتبادل الابتسامات لكي نبتسم ونضحك .. كُنا نتبادلها حتى نستطيع البوح عن شعور السعادة الذي يغمرنا آنذاك، لم نكن نبتسم كي لا نُشعر أحداً بآلامنا كما الآن.
كُنا نتهاتف شوقاً كي نخرج إلى الحديقة التي اختفت عندما أصبحنا كِباراً، كُنا نصرخ عالياً ببراءةٍ تُسمعنا صدى الصوت الذي يتردد في أفق أحلامنا وعلى ذلك بنيناها، لم نكن نصرخ كي نُنفّس عن رُوحنا كبتها المُرّ كما الآن.
كُنا نتعلّم كيف نُحب القلوب الأخرى، بل كان شُعور الحُب فطرةً نشعر بها تجاه كُل من نُقابله، كُنا نبتسم بمجرد رُؤية العيون الأخرى، كُنا نبتسم لأننا سُعداء بحضورهم، لوجودهم معنا، من أجل الحُب الذي يُبادلوننا إياه، لم نكن نبتسم كي نُجامل أحد كما نحن عندما كَبرنا، لم نكن نكذب في مشاعرنا، بل كُنا صادقين.
عندما كُنّا صِغاراً كُنا سُعداء بكل بساطة، كُنا أجمل، لم نكن نعلم ما أخفته لنا الحياة في مُستقبلها الضبابي، كُل شيء كان وردياً جميلاً، سلساً بأمان، الحياة والحنان الذي احتضن طفولتنا، السيولة في كم المشاعر التي أنقذت مبسمنا كُل تلك الفترة، والحُب الذي بات كنزنا في هذا الزمن الذي أصبح خالياً من صدقٍ كمثله، كُل ذلك كان نتاج الحُب الصادق الذي أودعنا أمانةً بين يدي القدر، الحُب الذي يحتفظ بنبض قلوبنا رغم متاعب هذا الزمان هو قلب أمي وأبي، فلا شيء أصدق من قلبيهما عندما كُنت صغيراً وعندما كبرت الآن، هُم أجمل من كُل شيء أيضاً.
عندما كُنا صغاراً لم نكن على وعيٍ بكل شيء، قلوبنا بسيطة إلى حدٍ لا يتصوره أحد ولن يقدر أحد على تصوره أيضاً، ببراءةٍ كانت تسير حياتنا، وضحكاتنا منبعها صفواً نادراً جداً أن نجد مثيله في زماننا هذا.
ومع كُل ذلك، أتسائل... عندما كُنا صغاراً، هل كُنا نستحق أن نكبر؟ ، إذا كانت الحياة تعلم أن قلوبنا ستتبدل وآلامنا ستزيد وأن احلامنا ستهدم هل كُنا نستحق ذلك ؟
هل كان ذنبنا أننا كُنا صِغاراً كي نُعاقب الآن ؟ ، أم أن الحياة شريرة إلى ذلك الحد الذي يُمكنها أن تقتل بريئاً لصدقه الصغير ؟
أيتها الحياة ... أجيبيني !
عندما كُنا صِغاراً، هل كُنا نستحق أن نكبر ؟
-
ياسين خضركاتب شاب فلسطيني