لن ينفعك الهروب من الحقيقه الجليّه أمام عينيك، ولن تعش عُمرك بأسره تهرب، إن الهرب طريق الجُبناء الذين لايصنعون إلا الوهم، طريق إفناء الحياه فى اللهو وكذلك الحسره فى الآخره على ما فوّت.
لن ينفعك الهرب من حقيقه أنك لن تجد من هو أوفى لك من نفسك التى بين جنبيك، مهما تجمّل البشر وحسبت أنهم سيأخذوك من يدك إلى طريق الفلاح، مهما ظننت أن بإسطتاعه أحدهم أن يُزيح عنك ثقل الإحباط والشعور بالفشل كما يُزيح الإستغفار الذنوب فإن ظنك فى غير محله.
وها أنت الآن تهرب من جديد وتأمل أمل زائف منافٍ للواقع بإن أحدهم سينتشلك مما لم تتمرد أنت عليه.
هذه المرحله من النضج قد تكون صادمه للنفس التى تتلهف لتتعلّق بالبشروتنسى بهم الحياه وما بعدها وتهرب بهم من كل المواجهات، مرحله صادمه لكن لابد منها ليرزقك الله بعض البصيره، بغيرها ستظل مخدوعًا حتى تتلقى أول صدمه حقيقيه فى قبرك، صدمه أن الكُل تركك وها أنت وحدك فى الظلام، أنت وعملك الذى جنيته فى أيامك، لو أنك تعذّبت بصدمه الحقيقه مُبكرا فى حياتك لرُحمت من الحسره فى هذه اللحظه.
فيا صديقى أحبب من أحببت فإنك مُفارقه، هذا أمر لا يدعو لقسوه القلب ولكن فقط لبعض التأمل، بعض الإدراك أنك لابد أن تُجاهد وحدك فلن يغنى عنك أحدهم شئ.
ولا شك أن الرفقه الطيبه والأب المُعين والأم المُثابره وكذلك الزوج الذى يشدد به الله أزرك كلها جنود الله فى الأرض وأسباب تُعينك على حمد الله وشكره فلا تتخذها أسباب للهروب وتنتظر عطائها من دون الله لان كل جنود الأرض مهما أحبتك ستقف عاجزه أمام إرادتك أنت، تعجز عن منحك البصيره وإرغامك على الهدايه لان الله خلقك حُر وترك لنفسك اختيار المسير واجتياز الطًرقات، ترك لك اختيار أن تجعل أحدهم أقرب لنفسك من ربك الذى خلقك وترك لك الامتزاج بالبشر حتى يذبل ضميرك ولا يعود يشتاق لخلوه مع ربك.
أنت يا مسكين غفلت عن أن ما يتحسر أهل الجنه على شئ إلا على ساعه مرّت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها، هذا وهم أهل الجنه!
فالآن حاول إدراك الحقيقه وترويض نفسك والجهاد فى هذا السبيل على الأقل حاول حتى لا تلق نفسك خاسرًا فى نهايه المطاف ولا تجد نفسك خائبًا لم تجن فى عُمرك بطوله إلا ذنوب نميمه وحديث لهو وضياع باقى العُمر فى الهروب من الحقيقه. اصمد فى وجه الصدمه فإنك هنا فى كد فلا تقضي حياتك عبث.