في 11Nov.2004 خرجت علينا الفضائيات لتخبرنا بوفاة الرئيس الفلسطيني في ذلك الوقت ياسر عرفات ، و ذلك بعد خروجه مريضا إلى باريس لتلقي العلاج لمرض غامض أصابه و غير في وضعه الصحي ،ليتحول المرض في النهايةإلى وفاة .
كانت أول الإتهامات تشير إلى تورط الشاباك الاسرائيلي في حادثة القتل و ذلك عن ضريق وضع السم في الأكل أو الدواء الذي كان يصل إلى ياسر عرفات .
جميع الروايات في البداية كانت تصب في هذه الناحية ، و لكن الأمور زادت تعقيدا بعض الشيء ، فالمشفى الفرنسي كان قد أخفى الكثير من الحقائق ، و كان يدعي عدم معرفته بأسباب الوفاة .
أما على الصعيد الفلسطيني فقد تم تشكيل لجنة تحقيق و هذه اللجنة لم نعد نسمع صوتها و لا نتائج تحقيقها ، فقد كانت اللجنة تخرج علينا بأمور تستخف العقل الفلسطيني ، كأن تستنج أن السم تم إيصاله عن طريق شخص ما زار عرفات فترة الحصار أو بعده ، وهذا الشيء غير منطقي ،لأن عرفات كان أذكى من أن يأكل أي شيء يقدم إليه .
بالعودة إلى تاريخ فتح فإننا نجد أنها من أكثر الحركات انشقاقا ، و من أكثر الحركات كانت تعمل على تصفية من يعارضها ، و في تاريخ الثورة الفلسطينية نجد أن هناك الكثير من القادة تم تصفيتهم على يد الحركات الفلسطينية .
إن أسوأ ما أنتجته الثورة الفلسطينية ؛ جماعة المنتفعين الذين لا يبحثون عن وطن ضائع محتل من الكيان الصهيوني ، وليس هدفهم التحرير ، بل هدفهم مصالحم الخاصة التي تطغى على مصلحة الوطن و الشعب .
لم يكن عرفات مطلوبا إلى إسرائيل ، بقدر ما كان وجوده يزعج و يخيف الكثير من الفلسطينيين ، فلذلك لو كانت تريد إسرائيل قتله لفعلت ذلك كما فعلت مع أحمد ياسين و الشقاقي و أبو علي مصطفى دون خوف من أن تعلن أنها هي من فعلت عمليات الاغتيال ، ولكن في حالة عرفات الأمر مختلف تماما و بعيد عن التوقعات و الأفكار ، وقد تكون الحقيقة غير مقبولة للبعض الفلسطيني .
كان ياسر عرفات يمسك جميع أجزاء السلطة بيده ، ولم يكن هناك شاردة أو واردة إلا وتخرج من مكتب الرئيس أو تعود إليه ، هذا الشيء لم يعجب البعض فطالبوا بتقليل صلاحيات الرئيس ، ولكن هذا الشيء قوبل بالرفض في البداية ، لكن بعد عدة أشهر تم استحداث منصب رئيس وزراء .
تم اسقاط رئيس الوزراء الأول و الثاني ، و هذا الشيء كان مقصودا من عرفات ، بعد هذه الحادثة مرض عرفات ، و بعد فترة قصيرة رحل عرفات عن فلسطين .
رحل عرفات و مازالت فلسطين تحت سيطرة الاحتلال ، و منظمة التحرير كأنه لم يبق منها غير اسمها ، و أصبح الشعب يعيش تحت رحمة الراتب الذي أصبح هو القضية .
رحل عرفات و تم خلق واقعا جديدا لم يكن يقبل به ، و لكن هذا الواقع أصبح مفروضا علينا ، و هذا الواقع أصبح هو الحل الوحيد الذي يجب أن نقبل به ، لأنه ببساطة يرضي أصحاب النفوذ و الساسة .
رحل عرفات و مازال البحث جاريا عن القاتل ، الذي لن يتم معرفته في هذه الفترة لأسباب كثيرة .
-
محمد حميدةمدوِّن فلسطيني