( نصيحة في طيّها فضيحة )
من سلسلة (نماذج بشريّة في الميزان) .
نشر في 09 مارس 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
( نصيحة في طيّها فضيحة )
على سطح إحدى العمارات .. وبينما اقتربتْ ( عفاف ) من إتْمام نشر غسيلها .. أقبلتْ عليها جارتها الفضولية (حليمة ) و هي كعادتها تريد أن تعرف كلّ شيء عن سكان العمارة .. و بعد تحية الصباح بادرتها بالآتي :
- غاليتي .. لماذا أرى وجهك شاحباً .. و كأنّ آثار الدّمع على جفنيك .. هل من خطب يا حبيبتي ؟ .. أنا في سنّ أمك .. و لي تجارب في الحياة .. افتحي لي قلبك .. فكمْ يهون عليّ أنْ أرى شابة جميلة مثلك و هي تبكي ؟ بالله عليك افتحي لي قلبك .. ماذا بكِ ؟
(عفاف) متنهدة : - مجرّد خصام مع زوجي ليلة البارحة .. ثمّ هذا الصباح .. خرج و لم يكلّمني .
(حليمة الفضوليّة) :
- الرجال همْ هكذا يا بنِتي .. لكنْ عليك أنْ تفكّري مليّاً .. فكما يبدو أنّك حديثة العهد بالزواج .. و إذا تركته يتمادى في مخاصمتك و النيل من كرامتك .. فسيظنّ أنّكِ مكسورة الجناح .. فيزيد من جبروته وطغيانه ..
(عفاف) مستدركة : - - لا أبداً .. زوجي من طينة أخرى .. يحبني ويعشقني .. إنّما خصام البارحة مجرّد سحابة و ستمر بخير إن شاء الله .
(حليمة الفضوليّة) مستهزئة : - هكذا كلنا نحسن الظنّ بهم في الأوّل .. و من بعد تنقلب الموازين .. و تؤدّي المرأة المغلوبة على أمرها فاتورة صبرها و حنانها و وفائها .. يا عبيطة افتحي أذنيك جيّدا : ألمْ تسمعي بالمثل الشهير : كنْ كاسر العود قبل أنْ تُكْسرْ .
(عفاف): - أراك يا جارتي العزيزة .. أعطيتِ للموضوع حجما مبالغا فيه .. و كأنّ الزواج عندك حرب مقدسة بين الأزواج .. حيث الغالب يجب أن يقصم شوكة المغلوب .
(حليمة الفضولية) : - المهم أنا أنصحك بلسان العارفات .. العالمات بخبايا الرجال و دسائسهم .. و أقول لك صراحة .. أنّه إذا رأيتِ زوجك يتمادى باستعمال الغلظة معكِ .. فأخبريني .. فو الله لأعطينّكِ خطّة يعجز عنها الحكماء و البلغاء .. فتجعلينه طوع بنانك صباح مساء في الذهاب و الإياب .
(عفاف) مستوضحة :
- مثل ماذا ؟ لقد شوقتني لهذه الخطّة .
(حليمة الفضولية) بصوت منخفض : - يا عبيطة هناك أربعة نسوة في هذه العمارة .. كنّ كالسّبايا عند أزواجهم .. و لمّا دخلتُ أنا على الخط ..أشرْتُ عليهنّ بأحد العرّافين العمالقة في الطلاسم لا يُشقّ له غبار .. و في فترة جد قصيرة تحولتِ الأسود إلى أرانب و الصقور إلى حمائم .
(عفاف) و قد وضعتْ يدها على صدرها :
- أعوذ بالله .. أعوذ بالله .. أيّ نصيحة هذه يا ..........
في هذه اللحظة تقطع (عفاف) كلامها لأنّها سمعتْ صوت زوجها ينادي عليها .. فطلبت من (حليمة) المغادرة فوراً .. و بالفعل وصل الزوج إلى زوجته حيث بادرها و هو يلهث :
- تصوّري يا عفاف لمْ أستطعْ فتح المتجر .. حتى أعود وأصالحك .. أرجوك سامحيني يا ملاكي .
(بقلم تاج نور الدين)
-
تاج .. نورالدين .محام سابق- دراسات في الفلسفة والأدب - متفرغ الآن في التأليف والكتابة .- محنك في التحليل النفسي- متمرس في التحليل السياسي- عصامي حتى النخاع- من مؤلفاته :( ترى من هذا الحكيم ؟ )- ( من وحي القوافي ) في ستة أبواب وهو تحت الطبع .- ( علم ...