يقف في وسط تكية الدراويش و قد ارتدي الجبة و القفطان المنقوش و هو يرقص علي أطراف أصابعه يتبعه مجموعة من الدراويش " المولوية " يلتفون حوله و هم يشطحون شيلانهم الصوفية حتي هوت علي الأرض بينما تقدم منه المنشد الذي ينشد التراتيل و الموشحات الدينية بجواره عازف الناي الذي يعزف الحان الناي الحزين !!

ينظر إليهم جميعا يتعجب لماذا ينادونه " شيخ الطريقة "و هو مجرد رجل بسيط لا يدري ما الذي جاء به الي هذا المكان الغريب بالنسبة له ! لمح الإشارة من شيخ يرتدي زرقة الثياب و هو يشير إليه بيده لإشارات غريبة !! استوقفه مستنكرا 

" من انت يا رجل ماذا تريد مني و لماذا انا هنا "

 " انا عملك الصالح و اتبعك حيث كنت لاخرجك من عتمتك "

" ماذا تقصد يا هذا انا لم افهم شيئا وضح كلامك "

" لا تدعي الغباء انت تعرفني جيدا منذ ذاقت اعينك نور الحياة "

" و لماذا انا هنا الان " 

" انت في دوامة كبيرة و يجب أن تخرج منها فورا و لن يتم هذا إلا إذا تجاوزت الاختبار "

" روحك الان عالقة بين عالم المنام و عالم الواقع و انت ملزم باجتياز ذلك عندما تعيش الحياة و الظروف التي وضعناك بها لإصلاح حياتك "

" انت تمزح الن استيقظ للواقع "

" لا ستبقي نائما حتي تجتاز الاختبارات "

" و ما المطلوب مني الان "

" أن تعيش معنا حياة الزهاد "

" هل تمزح اتريدني أن أصبح متسول "

" أجل سترتدي خرقة الثياب و تحمل الكشاكيل تحمل الصدقات من المساجد و التكايا و تحضر معنا جلسات الحضرات الصوفية "

" انت تمزح انا رجل بسيط في حالي لماذا علي أن اقضي هذه الحياة الغريبة "

" النتيجة ستعرفها في النهاية فليس امامك خيار الان "

" و اهلي الن يروني "

" لا تكذب انت مجرد رجل وحيد تسكن منزلك بمفردك بلا ونيس "

" ما هذا انتم تعرفون عني كل شيء " 

" طبعا انا عملك الصالح اتبعك منذ خلقك في الحياة "

" لا مجال للاستسلام الان ماذا علينا أن تفعل الان "

" اريدك ان تذهب معي في جولة الي بغداد اولا لدي أمر عظيم لك "

نظر الدرويش الي الرجل الذي كان ينظر إليه قلقا ثم أشار إليه بالركوب فوق ظهره 

" هل انت مجنون كيف يعني اركب فوق ظهرك مات عباس بن فرناس حينما حاول الطيران  "

"هذي قدرات خاصة لي هيا اركب "

" ساصاب بالجنون حتما "

" اركب و انت صامت يا " معاذ " 

" كيف عرفت اسمي !!"

" هل ساخبرك الف مرة اني عملك الصالح "

" حسنا معذرة " 

" سنذهب الان الي حاضرة العلم و الثقافة بغداد العلوم كلما اذكر كيف دمرها هولاكو و احرق مكتبتها و حول نهري دجلة و الفرات انهار دماء ابكي دما " 

" الغريب أن ابن هولاكو " اولجاتيو و سك عليالنقود عبارات التوحيد و الشهادة المحمدية  "

" سبحان الله ينطبق المثل " يخرج من ظهر الفاسد  عالم " 

" وصلنا بغداد قد اتيت بك الي مسجدها الجامع الذي سيده الخليفة المنصور " 

" انظر الي أروقة المسجد حيث عقدت الصلاة و مجالس العلم اه علي بغداد الان ما يليق بها الحروب و القتل و تشريد الأبرياء "

" لنا الله يا ولدي تعال اعرفك علي امام الجامع "

" اهلا بك يا شيخ " عبد الرحمن " 

" اهلا بك يا " كردي " كيف حالك و دراويشك من هذا الشاب الذي برفقتك " 

" هذا " معاذ " نريد أن نجلس معك يا شيخ في أمر جلل "

" اجلسوا يا مشايخ ماذا لديك يا " كردي ""

" يتعرض عليك حياة"  معاذ"  و لك الحكم الرجل شاب عشريني سكن منزله بمفرده بعد وفاة والديه في ظروف غامضة و انقطع عن الناس !

ماذا تتصحه يا شيخ "

" كلنا نصبر علي القضاء و القدر يا ولدي اخرج من عزلتك الي الحياة يا ولدي "

" لا استطيع و انا احمل سرا خطيرا مجبرا علي عدم البوح به منزلي به عصابة قتلة يا شيخ "

" ماذا تقول يا ولدي لابد من تأثير الصدمة عليك "

" العصابة من قتلت ابواي و يهددوني بالقتل لو خرجت "

" و ما الذي اتي بالعصابة الي منزلك "

" والدي يا شيخ صدمني صدمة العمر حين عرفت أنه كان تاجرا للسلاح !"

" لا حول و لا قوة الا بالله و ماذا حدث "

" العصابة احتلت منزلنا و قتلت ابواي و ستقتلني لو راتني "

" اذن لماذا تريد العودة ستموت يا ولدي "

" لاذال لدي حلم العودة هل اترك لهم المنزل و الارض لا و الله ما تقبل نخوتي ذلك "

" و لماذا لم تنجح يا ولدي و انا وحيد بدون مساعدة انا احارب منذ سنين طويلة بمفردي "

" لا تحزن يا ولدي الله معك "

نظر إليهم الدرويش " كردي " 

" موعدنا انتهي يا شيخ " معاذ أمامه عمل طويل "

" معاذ " هل انت مستعد للتغير انت لم تنجح مقاومة تجار السلاح الا بالتغير من داخلك يا ولدي "

" أما تريد أن تمليء الفراغ النفسي داخلك و هل من يانس بذكر الله بحاجة إلي جليس "

" و إن لم تفتح لي الباب فانا المقيم علي اعاتبك " 

" جلال الدين الرومي "

كان صدي هذه العبارة يرن في أذنه جيدا و كان كان طاقة روحية كامنة تمده اياه أن الطريق الي الله مفتوح كان السؤال يتردد في أذنه اذا أراد تغير الحال فلابد من التغير من داخله اولا لابد لهذا القلب أن يسكن بذكر الله ٠٠ 

وجد نفسه يشارك بنفسه داخل الحضرة الصوفية و روحه محلقة في عالم اخر .. شعر و كأنه تحرر من جسده فخلقت الروح فوق أغصان شجرة السرو و هي تغني كالبلبل  انشاد الحب الالهي لأول مرة يشعر " بالطيران الحقيقي "حين تتخلص الجسد من الروح فتحلق الروح في عالم الحب الالهي و يبقي الجسد مسراه ..احساس السكينة و الهدوء و كأنه اخيرا عثر علي روحه المفقودة و حررها تماما بحيث لم تعد مقيدة بجسد و لا حياة ....

يتابعه الشيخ " كردي " و هو قد اطمئن أن " معاذ " قد وجد روحه اخيرا ...أعطاه الوشاح الازرق مبتسما و هو يربت علي كتفيه ضاحكا 

" "معاذ " اما ذلت مصرا  علي العودة "

" سأعود الان لكن العودة تغيرت فانا أصبحت شخصا آخر و لكن هل انا اجتزت الامتحان "

" طبعا لقد وصلت إلي ما نريد و الشال هو هديتك و الان نلتقي لاحقا يا عزيزي  "

فتح " معاذ " عينيه و قد وجد نفسه عاد إلي منزله ها قد خرج من منامه لكن لحظة اين تجار السلاح !!

لمح ورقة  مكتوب عليها 

" يا ركاءب الأرواح جدي في طلب هذه المنازل و يا نجاءب القلوب اسرعي في نيل هذه الدرجات "

" مولانا الامام  عبد القادر "

" النهاية "