عبد الرحمان بردادي يكتب: الفضاء الألواني في رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عبد الرحمان بردادي يكتب: الفضاء الألواني في رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي

قراءة سيميائية في الغلاف

  نشر في 19 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

يعتبر هذا المبحث من المباحث التي لا يمكننا الاستغناء عنها في العمل النقدي عامة و السيميائي خاصة، و ذلك لأهميته، و مدى تأثيره في جوانب العمل الإبداعي قاطبة.

حمرة العنوان:  طبعا، وجب علينا أولا أن نعرف ماهية العتبات، وذكر أجزائها المكونة لها، ما يسمى عند جيرار جينيت "بالمحيط النصي التأليفي prétexte auctoriale)) و هي العنوان و اسم الكاتب، العنوان الفرعي، العناوين الداخلية، الاستهلاك، التصدير، التمهيد" ، وكل ما يحيط بالنص من رسومات أو إطارات تصاحب التجليد.

إننا لا ندعي تماما، أننا قد ألممنا بجميع مضامين العتبات، و إن قلنا ذلك فإننا قد نظلم أنفسنا و نظلم الآخر، عفانا الله و إياكم من ذلك. أما عن سبب ذكرنا للعنوان، فهو نفس السبب لذكر العتبات الأخرى، و الذي يكمن في الدلالات الألوانية التي تحملها العتبات، و ما تسوقه من معان كامنة في أغوار النص و غياباته، فمن لون العنوان المليء بالحمرة، مرورا باسم الكاتبة، وتلميحات السواد الذي يكتسي اسمها، كما أنه يكتسي كذلك الصورة المؤطرة خلف العنوان و خلف الإسم، وهي العتبات المهمة التي سنتطرق إليها، بأخذ كل جزء و مقاربته سيميائيا.

1- لون العنوان الأحمر : هذا اللون الذي دائما ما يحيلنا إلى الدم ...إلى الكره... في سلبياته، كما أنه يحيلنا في مرات إيجابية أخراة إلى الحب و العشق، و حتى إلى الشهوة و المجون، طبعا هذا الأفهوم الأخير بعيد نوعا ما، عن دلالية هذه الرواية، فالذاكرة الحمراء التي يصب مدلولها في بوثقة الإرهاق و الدمار، طبعا هي الذاكرة المتعبة المهترئة، التي هانت قواها بهوان الجسد الذي أهلكته سنون الحياة، الجسد الذي كافح في سبيل وطنه، فكان نصرة لأبناء جلدته، و صرحا جهاديا يتمثل به، الجسد الذي ضحى بيده المبتورة نصرة لقضيته، ودفاعا عن كيانه، هو الجسد الذي عانى المر و العسير، ليجد نفسه قد خسر حياة التي تمناها،قبل أي شيء... فضاع كل شيء، الحب...الوطن...الجسد، فما أبقت الحياة فيه لا أخضرا و لا يابسا.

2- دلالة اللون الأسود في اسم الكاتبة، و مصطلح "رواية" و صورة أحلام مستغانمي :

من منا لا يعرف اللون الأسود؟ اللون الذي يذهب بعقولنا إلى الحداد تارة و الصلابة تارة أخرى، ذلكم اللون القوي الذي يحيل إلى التجمع بعد الشتات، و على صلابة الجوارح بعد حزن قد مضى وفات، هذه الأحاسيس التي تملأ غلاف الرواية بشيء من التفاؤل، الذي تصنعه لنا الكاتبة من خلال صورتها التي لم تظهر في غلاف رواية قبل ذلك، سوى في الطبعة الخامسة عشر من هذه الرواية، و كأن الغلاف قد تجدد مفهومه، و لبس لبوسا ثريا، بهذه الصورة التي تلبس فيها أحلام لباس الحداد الأسود، في إشارة إلى ثقافة غربية تحيلنا إلى الحزن على الميت قبل و أثناء و بعد تأبينيته ، و كأنها تبكي جسدا قد مات و تم إحياؤه من جديد في ثوب الجريح، الذي عاد من حرب الذاكرة...حرب تحرير الجسد. إن المتبصر في صورة أحلام على غلاف الرواية، سيلمح في قراءة سطحية سلسلة لا ندري نوعها، قد تكون ذهبا في أغلب طموحاتنا ،و إسوارا ذهبيا آخر، هذه الرموز الذهبية بالإظافة إلى مساحيق التجميل التي تظهر على وجه الكاتبة، تلامس فينا عاطفة التفاؤل بغد أجمل، مع كل ما يكتنف الرواية و حيثياتها من تشاؤم و سوء طالع.

3- دلالة اللون الأخضر في ورقات الشجر المتساقطة: نستطيع من هذا المنطلق أن نثبت كلامنا التفاؤلي، الذي وسمنا به صورة الكاتبة فبالرغم من الصورة السوداوية التي ترسمها لنا في علاقتها بهذا الجسد، و مع استحالة انفصام شخصيتها و انسلاخها عن شخصيات الرواية، إلا أن المرأة المصورة على الغلاف، تسرح نحو عالم مثالي تتمناه مستقبلا، سعيد الأيام، أخضر الأحلام.

من خلال هذه النظرة الألوانية على غلاف الرواية، نستطيع أن نقول بأن الرسام الأستاذ سعيد الصكار قد أبدع في ملامسة الرواية من خلال حنكته و تجربته في اختيار اللون المناسب للرسم المناسب.


  • 1

   نشر في 19 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

بسمة منذ 7 سنة
نقد دقيق وشامل للغلاف وماتحتويه !!
احببت وجهة نظرك في عملية النقد ، في إنتظار باقي تحليلاتك الفنية و الأدبية ...بالتوفيق ``
1
عبد الرحمان بردادي
شكرا لك بسمة :D مودتي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا