منتدى تعزيز السلم ... عندما يعزف الطغاة سيمفونية السلام - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

منتدى تعزيز السلم ... عندما يعزف الطغاة سيمفونية السلام

  نشر في 23 يناير 2020 .

تعيش الأمة الإسلامية اليوم مرحلة حرجة من مراحل تاريخها المليء بسنة التدافع بين الحق والباطل والعدل والظلم التي فرضها الله عز وجل امتحانا للناس وتمييزا للخبيث من الطيب ، ولا يخفى على أي مسلم الواقع المأساوي الذي تمر به خير الأمم اليوم من قتل وتشريد وتجويع واحتلال لمقدساتها ونهب لثرواتها وشن حروب عليها، سواء أخذت تلك الحروب شعار مكافحة الإرهاب أم كانت صريحة لحماية مصالح دول غربية وشرقية .

وفي خضم هذه الأحداث وبعد انطلاقة الربيع العربي المبارك برز في الأمة مشروعان رئيسيان أحدهما يدعم خيار الشعوب في التحرر من ثلاثي الطغاة والغزاة والغلاة والآخر يدعم الأنظمة القائمة حيث ما وجدت ويحارب الشعوب في كل الأقطار ويعادي الحركات الإسلامية حتى أصبح الانتماء لديهم لأي من هذه الحركات تهمة قد تودي بصاحبها إلى منصة الإعدام.

وقد دعمت الدوحة وأنقرة ومؤخرا كوالامبور معسكر الشعوب الإسلامية الطامحة للحرية والديمقراطية ومن وراءهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في حين كان لأبوظبي ومنتداها منتدى تعزيز السلم قصب السبق في ريادة محور الثورة المضادة ومعاداة طموحات الشعوب ومحاربة الحركات الإسلامية ، وما بين كتاب الشيخ أحمد الريسوني فقه الثورة وموسوعة السلم للعلامة عبد الله ابن بية حفظهما الله جميعا يخرج للشباب المسلم سؤال شائك يدور أساسا حول علاقتنا بالغرب وبالأنظمة القائمة المرتبطة به وهل تقوم هذه العلاقة على أساس التحرر والندية والثورة على الأنظمة الظالمة أم أن الأصوب هو مسالمة الغرب ومهادنة هذه الأنظمة ؟؟

إن من المبالغة القول أن الإسلام دين سلم و سلام وأن على المسلم أن يمد خده الأيسر لمن صفع خده الأيمن كما عند المسيحيين بل إن الموضوعية والنصوص القرآنية المختلفة تدل على أنه دين العدل والحرية قال تعالى ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) وقال تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) ولعل من أبرز المقولات الدالة على عدل الإسلام وقسطه ورحمته للعالمين قول شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله (إن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح بحال ) وقوله أيضا في عبارته البليغة الموجزة (وحيث ما وجد العدل فثم شرع الله ) التي تدل على أن غاية وهدف النظام السياسي الإسلامي هو إقامة العدل والقسط بين الناس

وإذا انطلقنا من هذه المسلمة نجد أن الإسلام يعتبر الحرب والسلم مجرد وسيلتين - ولم يكونا قط غايتين- لتطبيق العدل ونشر الحرية بين العباد فالإسلام يسالم من سالمه ويحارب من حاربه ويقاتل بلا هوادة من قاتله واعتدى عليه واحتل أرضه وقتل شعبه واغتصب حرائره ودنس مقدساته ونهب ثرواته...

ولقد وضع الإسلام في التعامل مع الآخر مسالما كان أم معتديا أعدل قاعدة وأقسطها تتمثل في قوله تعالى (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) وقوله تعالى ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) فالإسلام الذي أمر بالقسط والبر مع المسالم هو الذي أمر بالغلظ والشدة مع المعتدي وهو الذي اشترط لجنوح المسلمين للسلم جنوح الطرف الآخر ، وقد انتبه إمام المفسرين القرطبي لشاردة لطيفة من شوارد التفسير فبين في تفسير هذه الآية الفرق بين الإذن بالبر والقسط وبين النهي عن الموالاة والمودة وهي لعمري شاردة غفل عنها كثير من أدعياء السلم اليوم فلم يكتفوا بالبر والقسط بل تجاوزوهما للمنهي عنه من الموالاة والمحاباة.

فالإسلام في مجال السلم والحرب لا يفرق في التعامل مع الآخر على أساس اختلاف العقيدة بل على أساس تصرف وموقف الطرف الآخر، ففي الآية بين الله عز وجل أنه لا حرج في بر وقسط المسالمين الذين لم يقاتلوا المسلمين ولم يخرجوهم من ديارهم بل وحبب في ذلك فقال ( إن الله يحب المقسطين ) في حين أن الشرع بين الواجب في التعامل مع المعتدي الذي جاء ليقاتل المسلمين في دينهم وليخرجهم من ديارهم أو ظاهر على إخراجهم ولا ينحصر هذا المبدأ في التعامل مع غير المسلمين فقط بل حتى في دائرة الأخوة الإسلامية القائمة على المودة والأخوة والمحبة فقد يضطر المسلم لقتال فئة من المسلمين ليكف الظالمين عن ظلمهم ويوقف البغاة عند حدهم ويردهم إلى سواء الصراط.

وهذا المبدأ القرآني العظيم توافقه القوانين والأعراف الدولية التي اعترفت بحق الشعوب في الكفاح المسلح ضد المستعمر والمحتل ومقاومته بكل الوسائل حتى تسترد أرضها وتعلن قيام دولتها المستقلة

إنزال النص على الواقع

يؤمن منتدى تعزيز السلم بقيادة العلامة عبد الله بن بية حفظه الله ودعم محمد بن زايد بضرورة السلم مع كافة الأديان من مسيحية ويهودية وحتى بوذية ، ويعقدون لذلك مؤتمرات عالمية وندوات دولية ويؤلفون في ذلك موسوعات خلدونية تجسدت أخيرا في فكرة البيت الإبراهيمي الذي يهدف إلى جمع عبادات جميع الأديان تحت قبة واحدة ، وفكر التسامح هذا الذي اتسع لليهود والمسيحيين وعباد البقر والشجر لم يتسع صدره لكثير من علماء الإسلام نفسه الذين لا يسيرون في فلك الثورة المضادة ، فأبو ظبي التي تفتتح أكبر المعابد البوذية في العالم تعتقل وتحارب كل من يدعم طموحات الشعوب في الحرية والعدالة كما أنها ساهمت بشكل مباشر في الانقلاب المصري ومجازره التي استشهد فيها الآلاف وصودرت فيها حرية أكثر من 60.000 معتقل وتدعم سفاح ليبيا حفتر بل لا تزال يداها ملوثة بدماء طلاب الكلية العسكرية في طرابلس وبدماء أطفال اليمن.

كما أن هذا المنتدى ومن وراءه أبوظبي قد أغفلا أو تغافلا عن قوله تعالى ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) فالأمة الإسلامية اليوم تحتل أرضها ويقتل شبابها وتغتصب حرائرها وتدنس مقدساتها وتنهب ثورتها، ففي فلسطين وسوريا احتلالان قائمان وفي كشمير وتركستان إبادة عرقية لم يشهد لها العالم الحديث مثيلا أما القتل والتهجير في العراق واليمن وغيرهما من بلاد المسلمين فواقعه معروف مشهود ومع ذلك يطالبنا ابن بية حفظه الله بالسلم والسلام وكأن حاملات طائرات المسلمين هي التي تبحر بالقرب من نيويورك أو لندن وطائراتهم الإف 16 هي التي تقصف باريس وليون أو أن الفاتيكان يقبع تحت احتلال جماعة الدعوة والتبليغ منذ 70 عاما!!

إن من أعظم الأمثلة على استهزاء واستغباء هذا المنتدى للشعوب المسلمة هو وقوف مفتي السيسي محمد جمعة ليحاظر عن السلم والسلام في حين أن نظامه لا يزال يقتل ويبطش بأحرار مصر لا لشيء سوى أنهم حلموا يوما ما بعيش وحرية وعدالة اجتماعية.

ختاما إن الشباب المسلم اليوم يؤمن أن الإرادة الأمريكية ليست من مصادر التشريع الإسلامي وقد بدأ يعي أن هذا السلم الذي يدعوا إليه مفتي الإمارات ابن بية هو حق أريد به باطل وموقف صحيح ليس بصالح وحديث للمضطهدين على أنهم منتصرين وأخذ لبعض الكتاب وترك لآخر وتغافل عن واقع المسلمين المأساوي وقبل ذلك كله هو اصطفاف مع الحضارة الغربية و إرضاء لقادتها على حساب مستقبل الشعوب المسلمة و تضحياتها وآلامها

وآمالها

و الله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون



   نشر في 23 يناير 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا