بعد إعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لإسرائيل ٬ انقلب العالم العربي رأسا على عقب ٬ و كثر الحديث و البيانات و التهديد و الوعيد من كل حدب و صوب ٬ و تعالت الأصوات المنادية باسترداد القدس و تحرير فلسطين في مشهد يعيد للأذهان الأفلام الثورية و قصص بطولات العرب المزعومة و حروبهم أيام سبعينيات القرن الماضي .
في الحقيقة دفعني التحفيز للبحث و التنقيب بين مشاهد التاريخ العربي و محاولة القراءة بتمعن و عمق بين السطور و طرحت التساؤل :
لماذا ضاعت القدس منا ؟
ما سر جرأة الرئيس الأمريكي بإعلان خطير كهذا ؟
و هل القدس قضية جوهرية للعرب أم فقط فكرة جزئية ؟
يقول الثائر مارتن لوثر كنغ لن يستطيع احد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا ٬ مقولة ربما تفسر واقع القدس اليوم و من خلالها نقرا الواقع الذي يسعى حكام العرب لطمسه ٬ من خلال تبني الظاهرة الصوتية و حشد الدعم عبر خطابات بالية تسعى لشحن النفوس و هي مرصعة بما يثلج الصدور ٬ مع إلقاء اللوم على عدو خفي دون الوقوف و لو للحظة وقفة صدق مع النفس.
أليس العرب من حولوا القضية الفلسطينية من قضية جوهرية للأمة إلى خبر أخير قبل أخبار الفن في النشرات الإخبارية تحت عنوان الشأن الفلسطيني ؟
أليس العرب من سلموا أموالهم لترامب ٬ و قبله لبوش و الآخرون مخصصين لذلك استقبالات بالرقص و المدح و التكريم و الهدايا و السجود لايفانكا ؟
أليس العرب من منحوا أراضيهم كقواعد خلفية لبناء منصات إطلاق الصواريخ على العراق و على سوريا و هدم اليمن و زرع الفتنة في مصر؟
أليس العرب من اتصل بهم ترامب قبل الإعلان المشؤوم ٬ و ابدوا موافقتهم حتى بعض المحسوبين على الفلسطينيين أنفسهم ؟
أسئلة كثيرة يمكن طرحها دون أن نجد لها إجابة تشفي الغليل أو على الأقل تبرر الخذلان و الخضوع لسيناريوهات كتبناها بأيدينا و صادق عليها حكام العرب و جنى ثمارها من سلمناه القدس.
أليس حكام العرب من جعلوا من بلدانهم سماءا تظل الفاسدين و المفسدين.
أليست الأنظمة العربية أمثلة يستشهد بها أساتذة الجامعات عند إلقائهم لمحاضراتهم المتعلقة بالظلم و الاستبداد ؟
أليس حكام العرب من جعلوا شعوبهم على أهبة الاستعداد للرحيل من بلدانهم ٬ بحثا عن فرص للعيش كبني البشر المحترمين لا كأفراد من القطيع ؟
أليس حكام العرب من هدموا سلم القيم في أوطانهم ٬ و رفعوا الراقصة و المغنية و همشوا العالم و المعلم و مولوا برامج مسابقات الغناء ٬ و صنعوا جيلا يحلم بالشهرة و لو بهز الأرداف ؟
أليس حكام العرب من اعدموا العلماء و حبسوا الدعاة و اضطهدوا المعارضين لأنهم تفوهوا بكلمة الحق ٬و أنكروا عليهم إتباع الأنظمة البعيدة عن مقوماتنا ؟
أليس حكام العرب من اختاروا في مناهجهم التربوية في المدارس تعظيم بطولات الغرب على حساب قضية فلسطين الجوهرية ٬ و جعلها غالبا موضوعا غير معني بأسئلة الامتحانات ؟
أسئلة لا نهاية لعددها تطرحها على نفسك محاولا تفسير الوضع لكن لن تجد سوى خيارا واحدا فقط ٬ و هو أن القدس عاصمة لإسرائيل و أن العرب لا يقرؤون و إن قرءوا لا يفهمون و إن فهموا لا يطبقون كما قال احد الساسة الصهاينة ذات يوم ٬ و إلا فكيف يتوددون إليهم و المولى قال عنهم أنهم لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم.
فيا حكام العرب ارحلوا و اختاروا لأنفسكم الفراش الوثير و الكراسي العظيمة في مزبلة التاريخ ٬ لان أقلامه ستكتب عنكم أنكم رقصتم في الفيديو كليب ٬ و صوتم في اراب ايدول ٬ و تعريتم في اليخوت و ادخرتم أموالكم في بنوك العم سام و حاصرتم إخوانكم في غزة و قطر و انسلختم من هويتكم حتى حللتم مهرجانات التعري و الغناء في ارض التوحيد كما تقولون ٬ وحاربتم الإسلام نيابة عن القردة و ترفعون اليوم لافتة القدس عاصمة أبدية ولكن لمن...الله اعلم بما تضمره القلوب
فهل اخطأ اليهودي بإعلان القدس عاصمة لأهله ؟..... أم جنت براقش العربية على أهلها.
محمد بن سنوسي 18-12-2017
-
بن سنوسي محمدمدون حر اطرح افكاري و اسعى للمشاركة في اصلاح المجتمع