الأفلام والمسلسلات المصرية...وجريمة "التكلاخ"! (1)
نشر في 20 مارس 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أنا من مواليد السبعينات، نشأت في جيل تربى على الأفلام والمسلسلات المصرية، كما هو حال الكثيرين من أبناء جيلي.
ليلة الجمعة كانت لنا عيد، إنها ليلة الفلم المصري، الذي يهل علينا بعد ركن المفتي، برنامج حفظنا فتاويه التي لا تخرج عن الحيض والنفاس ونواقض الوضوء، إمعانا في قتل الوعي الديني لدى جيلنا.
وأما ليلة الخميس، فقد كانت القناة الأولى تتكرم علينا فيها ببرنامج سينما الخميس لصاحبه علي حسن، الذي لم يبخل على مشاهديه – بين الفينة والأخرى – بفلم مصري تطيب به الخواطر.
سينما علي حسن انتظرناها آنذاك بعيون مشدودة، حيث الأنوار مطفأة، والصمت مطبق، والكل يتلذذ بدفء <المانطة> وعلى أتم الاستعداد للتلقي السلبي اللامشروط، والعيش في العالم الموازي. جلسات لم تكن تخلو أحيانا من استدعاء الأصدقاء من الأهل أو الجيران، احتفاء وزيادة في المتعة.. حتى أن بعض الوجوه ارتبطت عندي بذكريات أفلام.. فصرت لا أفصل أحدهما عن الآخر!!
وفي ليلة خميس باردة، اعتذر علي حسن عن تقديم فلم لعادل إمام.. فطارت العقول وطارت معها المانطات، وصرخ الجميع احتجاجا أهلا وأصدقاء، ولعله الخوف من علقة ساخنة أو مصير مجهول هو وحده الذي منعنا من تكسير التلفزيون الملون الذي بعثه لنا أخي من الخارج لنذوق متع الحياة الدنيا.
وأما علي حسن فلم يكن له منا سوى اللعنات ... حتى طلوع الفجر. كأن المسكين حجب عنا ريح الجنة... ويا للغباء!!!
صورت لنا الأفلام والمسلسلات المصرية في سنوات التسعينات –باستثناء روائع العملاق أسامة أنور عكاشة - واقعا مخالفا لما كنا نعيشه، وسوقت لمبادئ وقيم آمنا بها –دون وعي- من كثرة التكرار.
سوقت لنا اعتقادا أن كل الأغنياء لصوص، استغلاليون، يمصون دماء الفقراء الذين يعرقون ويكدحون من أجل اللقمة الحلال.. حتى جعلونا نحس بالفخر لفقرنا.. فلسنا لصوصا...نحن الشرفاء!!
واستطعمنا دور الضحية.. الذي ينال الأجر عند الله.
أليس أكثر أهل الجنة من الفقراء...؟! هي الجنة إذن!!
إنه وسخ الدنيا.. ونحن أنقياء، أصفياء، أتقياء...
إنهم كروش الحرام.. ونحن ذوي البطون النحيفة، التي ضاقت بامتصاص كؤوس الشاي... ولكنها لقمة حلاااااااال!!
يا إلهي!..كأن الفقر شرطا لتكون من الصفوة.. أسبغوا عليه بمكر ثوب القداسة.. وخلقوا لدينا تعاطفا لا مشروطا مع الفقير مهضوم الحقوق الذي يقفل كتاب السيناريو في وجهه كل الطرق المشروعة للقفز إلى القمة، ولا يبقون أمامه سوى الفتونة أو المخدرات: السجن في الدنيا والنار في الآخرة-مبغاش يحمد الله- .
فهمت الآن، لماذا كانت دهشتي عظيمة حين قرأت حينئذ أن خمسة من المبشرين بالجنة كانوا من أثرياء الصحابة-عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين- وثروتهم تقدر بالملايين.. أو بالملايير حسب تقدير البعض أي أنهم كانوا مليارديرات بلغة عصرنا.
ولحديثنا بقية في الجزء الثاني من المقال.
فوزية لهلال
التعليقات
أسلوب راق جدا..أعدت القراءة كم من مرة لأفهم قصدك بالتدقيق سيدتيلأني دقيقة في بعض الامور
سامحيني ..اكرر لأفهم..أحيانا الأسلوب الراقي يتعبني قليلا
ممتاز