إنّي و اللّه لأعجب من قوم يعدّون أنفسهم مسلمين و لا يرون في الإسلام قدرة على مجابهة واقعهم المرير و لا يرون أنّ الحلّ يكمن في جعله نمطا للحياة و ليس مجرّد شعائر يأدّونها في أوقات معيّنة. فمرحلة البناء الّتي تعيشها كلّ البلدان العربيّة الثّائرة تتطلّب نموذجا يحتذى به لنقل هاته البلدان إلى بحر الأمان فطفقنا نبحث في كلّ التّجارب الغربيّة لننهل منها و نسينا شيئا مهمّا و رئيسيّا وهو أنّنا لا نشترك مع تلك البلدان إلّا في صفة واحدة ألا وهي صفة الإنسانيّة عدا ذلك نحن نختلف من حيث الألسن و الثّقافة و الدّين و نسينا نموذجا هامّا في موروثنا الإسلامي و تجربة فريدة من نوعها نقلت المسلمين من الفقر و الجهل إلى السيط و الغنى فبنوا حضارة استمرّت على مرّ السّنين و هابها كلّ العالم ألا وهي "التّجربة العمريّة".
فكلّ السّاسة اليوم بما في ذلك "الإسلاميّون" يتخبّطون في محيطات مشاكل بلدانهم يخرجون ساقا لتغرق أخرى لأنّهم بحثوا عن نموذج يحتذى به خارج ثقافتهم و دينهم. و المعارضة تنأى بجانبها من الإسلام و تعتبره هو المشكل هو الّذي سيفرّقنا و ليس ما يجمعنا عندما نقحمه في السّياسة. لذلك أصبح فصل الدّين عن الدّولة هاجسا لديهم. لا أعرف كيف يعيش إنسان فصلت روحه عن جسده؟! فالإسلام هو روح هاته الأمة لا تستقيم بدونه. يرون في الإسلام ظلما لغير معتنقيه وكبتا للحريّات و اضطهادا للمرأة وهو بدون شكّ تمام العكس.
أنصف سيّدنا عمر رضي اللّه عنه مبادئ الدّين الإسلامي و أثبت أنّ الإسلام قادرا على بناء حضارة قائمة على العدل ضامنة للحريّات منصفة للمرأة لأنّ اللّه تعالى منزل هذا الدّين حرّم الظّلم عن نفسه فكيف يرضاه لعباده أو يكرّسه في دينه.
عجب الغرب من عمر و قدّروه و نسيه المسلمون و إزدروا مجهوده فضاعوا و تاهوا و صدق فيهم قول الفاروق رضي اللّه عنه:" نحن قوم أعزّنا اللّه بالإسلام أذلّنا اللّه ما ابتغينا العزّة في غيره". نعم نحن كلّ المسلمين بلا إستثناء تنطبق علينا هاته القولة إذ أنّنا نسينا تعاليم ديننا و جوهره الحقيقيّ و طفقنا ننهل من تجارب إنسانيّة أخرى . أنا لا أنكر هاته التّجارب و فاعليّتها لكنّني مقتنعة تمام الإقتناع - و التّاريخ خير دليل- أنّ فاعليّتها محدودة المدى و أنّها لا تقدّم حلاّ جذريّا. لذلك يجب أن نؤسّس تجربتنا على أساس واحد ألا و هو الإسلام و أن نجعل من القرآن و الهدي النبويّ منارتنا لكتابة عقدنا الإجتماعيّ ألا وهو الدّستور.
Image: https://a5dr.com/bookidea/%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B3/
-
Dr. Marwa Mekni Toujaniأستاذة جامعيّة - مدونة مستقلة