دع الصورة تتحدث - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دع الصورة تتحدث

  نشر في 16 شتنبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 13 فبراير 2024 .


حاولت مراراً وتكراراً أن أغالب عجزي عن الكتابة في الأوضاع الراهنة لكن عقلي لا يجد إلا رداً واحداً "دع الصورة تتحدث"

الحال لم يتغير منذ أن سألت نفسي يوماً ما عن فدائية ليلى خالد وهي تناضل من أجل وطن لا تتذكر ماضيها فيه، وعن شموخ نعش شيرين في وجة قاتليها

 قالت نفسي "دع الصورة تتحدث"

 سألتها مجدداً عن مصير القطط بعد استشهاد منتصر ردت

"دع الصورة تتحدث"

عن قلب وائل كيف يحتمل كل هذا! وعن الروح، وروح الروح 

وكل روح تحارب وحيدة أمام العدو والجار 

"دع الصورة تتحدث "

سألتها عما يدفع العجم للانتفاض لأجل أطفالنا والعرب لا يحركون ساكناً ؛هل اعتادوا الدماء والاشلاء المنتشرة في بلاد العرب أم أنهم ،ألفوا الخذلان"

دع الصورة تتحدث"

أجبتها بحيرة ممزوجة بانفعال : وان تركنا الصور صامته ، من سيتكلم عنهم!

من سيأتي بسحر هاروت وماروت في كلماته يدفع بالعرب وحكامهم إلى أخذ موقف يمحي عار صمتهم وعجزهم ويحفظ لهم ما تبقى من دينهم ورجولتهم ؛ يأخذون موقفا...ولو الوقوف علنا في صف العدو ،أقلها نتأكد أنهم أحياء ،آدميين أو حيوانات بشرية لا يهم ،المهم أن نحسم أمرهمف ، هذا الصمت أقبح ما في موقفهم

أجابتني نفسي ولكن بهدوء مغاير لما كنت عليه

"الزم الصمت وانظر لهذه الصور ،الزمه فأنت في حضرة سمو الإيمان والبطولة والشرف الذي إفتقدناه"

أخذت نفسي وضع الراوي لمشاهد بصرية ولوحات تاريخية ولكن بهدوء ممزوج ببعض الأسى.

 أنظر لهذا الطفل الذي يرتجف ممسكاً بيد أخيه ، أخيه ينظر إليه بعيون يملؤها العجب والحيرة والشفقة ، هولاء الأطفال كانوا أصغر من أن يَدرسوا أنواع كرات الدم وماهية الدماء ؛أصبحوا يرونها ، ينزفونها ، يرونها على وجوه صغارهم وكبارهم ، هذه الصورة تحكي لحظة فارقة في تاريخ صاحبها ، طفل يكبر عشرات السنوات في دقائق قليلة ، الصورة محاكاة لأصحاب الكهف؛ كهف الموت ، أطفال لا يدرون متى وكيف كبروا وأين الدفء المتمثل في أهلهم،الله وحده يعلم لما لبث فيهم.

"اصمت و دع الصورة تتحدث "

 أنظر لهذه الصورة ، أب يحمل أشلاء صغيره ،تمعن فيها جيدا ، قرب الصورة ستجدها صورة مركبة ، تركيبة من مشاهد عديدة ، هنا هذا الأب وهو يبني هذا الصغير ، ويصنع له من اضلعه جداراً للتدفئة ، أيام وليالي من الأحلام والبطولة تحولت إلى فتات وأشلاء محموله بلا حول ولا قوه ؛ إلا بعض الإيمان والثبات متمثلان في صوت الأب الهزيل وهو يقول 

"معلش كله فدا فلسطين"

أعلم أني لو أقسمت لك أن خلف هذا المشهد كان هذا رد الأب لن تصدقني ، ولكن لا بأس فكل ثبات فلسطين لا يصدقه عقل العجزه والضعفاء

"دع الصورة تتحدث"

هناك ، هذه الصورة ، أم تجلس شاردة لا تستوعب أنها تجلس بجانب أكفان عائلتها، الأسرة التي لم تفوت مائدة الطعام مضوا إلى مائدة الجنة سويا، ولكن لما تركوا جيش منزلهم وحيدة هكذا! ، دع صورتها تحدثك عن الوحدة وانقلاب الأزمان والحياة التي تنبض بالتيه ولا يشوبها أي أمل.


أن تكون لك الحياة قله من الأحباب ، فتقتلك بضربه واحده وأنت تراهم يرحلون دفعة واحدة وبدونك.

أو أن تعطيك الموت البطئ وأنت تودعهم يوماً بعد يوم.

أتدري ما هو الأمل الوحيد الذي تحمله هذه الصورة؟!

هو أمل صاحبها في الموت ؛ هل تصورت كيف يكون إنساناً خلق ليحيا يعيش متلهفا ومنتظرا للحظة حتفه هرباً مما لا ولن تحدثك عنه الصور ، لكن على كل حال أنا لا أقوى على الوصف بل أخاف أن يكون وصفي لا يرتقي لنصف مستوى المأساة فأظلم نفسي وأظلم أصحاب القضية ، لذلك اسألك أن تلزم الصمت وأن تنتقل بين كل المشاهد،

وأن تدع الصور تتحدث.


  • 1

  • Ahmed Abdelrahman
    أحمد أحمد عبدالرحمن (عادل)، مهندس برمجيات، كاتب مقالات
   نشر في 16 شتنبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 13 فبراير 2024 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا