اللحظة التي أتحدث فيها معك الآن ... أحدهم قام بالضغط على زر الطاقة وال Home ليلتقط سكرين شوت , ولكن ماذا لو كان إطار الصورة الملتقطة أوسع قليلاً ؟!
سيظهر لك وائل - صاحب الهاتف - وهو يجلس في غرفته المظلمة وحيداً يطالع هاتفه في صمت وبعد ...
قد يظهر لك أحدهم على هيئة رجل إطفاء مثلاً , إنه يقفز في نيران منزلٍ يحترق لينقذ حياة الآخرين , وآخر يقفز في قلب إنتفاضةٍ تحاول أن ترى النور حتى يلتقط صورةً لتوثيقها , يبدو أنه صحفي , وصديقٌ آخر يقفز قلبه من الفرح , لقد واقفت صديقته للتو على طلب زواجه في أحد الأماكن العامة !
شخصٌ ما يجلس خلف عجلة القيادة , يقابل كل يومٍ أصنافاً عديدة من الناس التي تركب معه , وشخص ما يعمل رائد فضاء , يحلّق عالياً في سفينةٍ فضائية , إنه يرى العالم بزاوية مختلفة ! وشخص آخر يركب بغلته في أحد القرى ليقوم بجولة استطلاعية حول حقله المثمر .
أحدهم يتناول عشاءه في مأدبةٍ فخيمة في أحد الفنادقٍ الراقية , تبدو علامات الترف واضحةً عليه , وآخر في نفس ذات اللحطة يتناوله ولكن في سلة من القمامة في أحد الشوارع البالية , يبدو أنه يندب حظَه ! وأولئك الهنود في تلك القبيلة ما بالهم ؟ هل يتناولون لحوم بعضهم حقاً ؟!
سيظهر لك شخصٌ يقف على ناصية الشارع حتى يعبر الطريق متجهاً إلى عمله , قد يكون أنا أو أنت ؟ وآخر يقف على حدود وطنك , لقد أقسم أن يحميك - ولو أجبر - , وآخر تقف له احتراماً وتقديراً , يبدو أنه معلمك أو والدك أو شخصٌ ذا فضلٍ عليك , في الحقيقة لا تبدو الصورة واضحةً أمامي لأن ذلك لم يعد يحدث الآن !
أحدهم يقرأ كتاباً في خلوته الخاصة , لقد أثرى هذا الكتاب من معرفته وزاده حكمة , وهناك طفلٌ آخر يطالع باهتمام مجلة لميكي ماوس أو سبيس تون - قناة شباب المستقبل - وهو يتخيل نفسه أحد الأبطال الخارقين فيها , وشاب مراهق يطالع أيضاً مجلة ولكن للسيكي ميكي في غرفته , إنه يتخيل نفسه أحد أبطالها أيضاً .
قد يسكن أحدهم في منطقة شمالية , وربما آخرٌ في منطقة جنوبية , سيظهر لك رجال الإسكيمو وهم يتجمدون برداً , كما سيظهر لك أفراد قبيلة الزولو وهم يتصببون عرقاً , وسيظهر أيضاً شخص ما , ولكنه يسكن في قلبك , يبدو أنك تحبه ! يا لئيم :D
قد تحضر مهرجان الخريف في هونج كونج , حيث الألعاب النارية وتلك التنانين التي تتمايل وتتراقص في الهواء , أو مهرجان المصابيح في تايلاند , حين يطلق الناس المصابيح عالياً متمنيين الحظ السعيد , أو مهرجان الطماطم في أسبانيا , حيث يتراشق الناس بمئات الأطنان من الطماطم , ولو كنت سعيد الحظ حقاً , قد تحضر أحد مهرجانات التعري في أوروبا محاولاً أن تندس بينهم دون أن تظهر عليك علامات الحرمان !
هناك شخص ما يطوف العالم سفراً , إنه يرى في كل يوم سحراً جديداً , ويتعلم في كل رحلة ما لا يُعلَمه ألف عام من أنظمتنا التعليمية , وشخصٌ ما يطوف خشوعاً حول مركز النور في الأرض ! يدعو الله دعوة خالصة لأمرٍ ما في قلبه - أسال الله أن يستجيب له - و ثالثٌ يطوف هرباً , يتم تهجيره من وطنٍ كان ولا يزال يحمل الذكرى الأجمل في حياته , أراه والدمع يسقط من عينه حسرةً على ظلمٍ بيَن وصمتٍ هيَن , وشاب يرى الموت بعينيه بحثاً عن لقمة عيشٍ في عرض المحيط , تسقط دمعته هو أيضاً حسرةً على وطنٍ يقوم برفضه - أو هكذا خُيَل له -
ملايين اللحظات يتم التقاطها في لحظة واحدة , يوحي التباين فيها أن لكل شخص منا قصة يعيشها و حكاية يرويها , كل لحظة تمر علينا هي تجربة مختلفة و درس جديد , حتى ولو كان الكادر متشابهاً في بعض الأحيان , فباطن الشخص وحده هو عالم آخر يعيش بداخله !
فلنحاول أن نخرج من تلك الغرفة التي نعيش فيها , لنصنع تلك اللحظات التي نرغب فيها حقاً , فهناك الملايين من الأسرار والمشاهد والتجارب التي لم نراها بعد , فلنملأ شريط حياتنا بها , حتى إذا عُرض علينا في لحظاتنا الأخيرة ....ابتسمنا !
-
wael mansorرغم كل هذا ... لا يزال القاع مضيئاَ