متأسّفٌ يا سماء - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

متأسّفٌ يا سماء

رسالة إلى إبني

  نشر في 16 فبراير 2019 .

يُقال أنّ الأبوّة والأمومة شعورٌ جميل، ولكنني متأسّفٌ يا سماء، فلا رغبة عندي لأعيش جنّةً لا أستحقّها. ربّما أغيرّ رأيي يومًا ما.. لا أعرف.. ولكن ما أعرفه أنني لا أملك إجابةً لكثيرٍ من الأسئلة. صحيحٌ أنني مازلت على بُعد سنواتٍ روحيّة وإيديولوجيّة من أن أكون أبًا، ولكنّني لسببٍ ما أرى غيومًا ملوّنة في الأفق..

الأمر فيه تفاوتٌ كبير، فأنا سيكون عليّ أن أعلّمك استخدام الشوكة والسكين، أن أساعدك في حفظ درس التاريخ، وفي الحفاظ على توازنك لقيادة الدراجة، سيكون عليّ شراء حذاءٍ جديدٍ لك في كلّ مرةٍ تكبُر فيها قدمك الصغيرة بضعة ملّيمترات، سيكون عليّ اصطحابك لمدينة الألعاب والتقاط صورٍ كثيرة لوجهك الضاحك، سيكون عليّ تعليمك السباحة ومواساتك حين تتحصّل على درجةٍ منخفضة في الامتحان.

حتمًا سأفعل ذلك بكلّ حب..

ولكنّك في المقابل ستكون قد جعلتني أعيش طفولةً أخرى، ستكون قد أطلقت عصافيرك لتُحلّق في سماء روحي مُمِزّقةً كلّ غمامةٍ سوداء تعكّر صفوي، وستكون قد أضفت أوتارك السحريّة إلى قيثارتي ليتسنّى لِيَ العيش مرّتين.

ربّما سيكون عليّ أن أطبطب عليك كي لا تبكي حين تجرح ركبتك، لكنّك ستكون قد طبطبت عليّ بهطولٍ سيجعل الزهور تنبت من حولي.

وهذا اختلافٌ شاسعٌ يا بُنيّ.

ستقترف أخطاءًا يمكن العفو عنها بسهولة، فأنت ستحطِّم بعض الصحون والألعاب، ستكسر بحيويّةٍ زائدة أشياءً باهضة الثمن. سترفع صوتك أحيانًا أكثر من اللازم، وقد تكذب عليّ بضع مرّات، ستُسبّب لي عن غير قصدٍ قليلاً من الإحراج أمام الآخرين بسبب شقاوتك.. جميعها أخطاءٌ سريعًا ما تُنسى، ولكن هل ستغفر أنت أخطائي؟

هل ستغفر عجزي عن فهم ما تقوله عيناك حين لا تجد القدرة على التعبير؟

هل ستغفر أنانيّتي الغير مقصودة حين لا أفرّق جيّدًا بين ما تريد أنت أن تكونه وبين ما أريدك أنا أن تكونه؟

هل ستغفر غفلتي وعدم استعدادي لأكون أبًا مثلما تحلم به؟

هل ستغفر عدم اكتفاءك من المرّات التي أحتضنك فيها؟

والأهمّ من كل ذلك..

هل ستغفر لي قدومك إلى عالمٍ لا يسعك فيه إطلاق جناحيك والتحليق كما يحلو لك؟

حتى العفو عن الأخطاء بيننا ليس عادلاً.

ماذا أفعل حتى أعوّض لك عن هذا الفرق المجنون بيني وبينك؟

ربّما ينبغي لهذا السؤال أن يُدفن بلا إجابة.


  • 2

   نشر في 16 فبراير 2019 .

التعليقات

nowrs22 منذ 5 سنة
بالطبع لأننا ..نطمح للمثالية , تؤرقنا الأمور التي لم تكتمِل على عاتقنا ..
و طاقتنا محدودة .و مقسمة على كثير من الأشياء خلال اليوم , أحياناً نكون مُستنزفون ..بالكاد نقوم بواجبنا الكامل تجاه أنفسنا ..لذلك ..حقاً ..فكرة الخوف من التقصير تفسد علينا متعة / الإمتلاك ..و لذة النعمة الإلهية . إن سمحنا لها ..
....هيااا ..لا يجب أن تكون الأمور مثالية كلمرة ..يكفي أن نكون موجودين . لأجلهم بما نستطيع ..ليستندون علينا بأمان ليكبرون بحب .لنتذكر كل يوم أنَ نحن لا نريد أن نفوز بجائزة أوسكار في دُورنا معهم . يكفي أن نعطي بضمير مرتآح لا يأنب نفسه . لا يدمر نفسه . ≥≤ يجب حقاً ألا تفسد علينا رغبة العطاء الكامِل ...جمال الأيام ..و حجم التأثير الذي نتركه عليهم حتى نتمكن من أن نستمتع معهم و نصنع ذكريات كثيرة ممتعة و عالقة في خاطر كل منا ,, قبل أن يكبـــرون تماماً !! ملاحظة : أحببتٌٌ المقالْ .
1
مالك
أحببت أسلوبك الإيجابي في كتابة ما يدعم المقال ويناقضه في نفس الوقت. مودّتي.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا