المجتمع المدني، وثلاثية (المشاركة، المساءلة، الشفافية)

مقدمة: إن جوهر دور المجتمع المدني هو تنظيم و تفعيل مشاركة الناس في تقرير مصائرهم ومواجهة السياسات و المساهمة الفعالة في تعميق عملية التطور الديمقراطي للمجتمع من خلال وظائف عديدة أبرزها( وظيفة تجميع المصالح، وظيفة حل وحسم الصراعات، وظيفة زيادة الثروات وتحسين الاوضاع، وظيفة إفراز قيادات جديدة، وظيفة إشاعة ثقافة مدنية ديمقراطية)

1- ثنائية المجتمع المدني والمشاركة

تساهم منظمات المجتمع المدني باعتبارها مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي(économie sociale)، أو منشطة الحوار أو النقاش العام ومؤسسة المواطنة أو مستمعة للسلطة العمومية- بالمشاركة أو بالمعارضة أو الامتناع في الدولة، بإنتاج المال العام الجماعي وتشارك في التطوير الاقتصادي والاجتماعي وذلك من خلال:

- التعبئة الاجتماعية لجمع الاموال وبثها في مشاريع اجتماعية واقتصادية.

- استخلاف الجهات الرسمية في تقديم الخدمات لأفراد المجتمع، فالعديد من تنظيمات المجتمع المدني في العديد من الدول بالمساهمة الفعالة في تقديم خدمات عامة، و يزداد الاعتماد على هذا النوع من التنظيمات عند حدوث الأزمات و الكوارث لسد عجز الدول والحكومات.

- تعمل منظمات المجتمع المدني على التنسيق بين مختلف مقدمي الخدمات (عامة وخاصة) من أجل تحقيق فعالية أداء أكبر بفضل التنسيق بين نشاطات، الجماعات المحلية، الدولة، مختلف الجمعيات، المتعاملين الاقتصاديين.

- لمنظمات المجتمع المدني حق القيام بأفعال لا تؤذي الغير والقدرة على التطوع أوالاشتراك. إن الوفرة الجمعوية الناتجة تترجم أشكالا جديدة للتضامن و تساهم في جعل المجتمع المدني فضاء لإيجاد علاقات اجتماعية جديدة.

2- ثنائية المجتمع المدني والمساءلة:

تؤسس منظمات المجتمع المدني للحوار و تطرح إشكاليات كانت مهملة أو مخفاة إراديا من طرف السلطة السياسية: كالكشف عن طريق المنظمات غير الحكومية عن سياسات التهجير القمعي، و إقامة حملات لمراقبة تجارة الأسلحة، و تحريم عمل الأطفال، والتطبيق عن طريق المؤسسات لمعايير اجتماعية و بيئية، فموضوع البيئة مثلا لم يعد من صميم العمل الحكومي إلا بعد تنامي التحسيس بالوضع البيئي من قبل تنظيمات المجتمع المدني.

- تعتبر منظمات المجتمع المدني من أهم الجهات المعنية بمراقبة ومتابعة وتشخيص وتسجيل أية خروقات لسير العمليات الإدارية في مؤسسات الدولة، بحكم دورها الرقابي والتشخيصي، و لأنها تستطيع من خلال هذا الدور أن تمنع وتحد من حالات الانحراف عن الأهداف المرسومة و تجعل عملية التقويم و المكافحة لهذه الآفة تجري بأسلوب منطقي.

- إن تحقيق الأهداف المرجوة للحد من الفساد يأتي من خلال اعتماد مؤسسات مجتمع مدني لاستراتيجيات مدروسة لإشاعة روح المواطنة و المحاسبة.

3- ثنائية المجتمع المدني والشفافية:

تلعب منظمات المجتمع المدني دورا رئيسيا في سبيل تطوير روح المواطنة باعتبارها وسيطا ضامنا لشفافية تسيير شؤون الدولة، فتمتعها بنوع من حرية التعبير تسمح لها بهامش واسع لأن تؤثر وبشكل كبير على القرارات العامة

خاتمة: يعتبر المجتمع المدني ضروري و هام من أجل تجسيد و تكريس المشاركة والمساءلة والشفافية، فمن الضغط على الحكومات لإرساء سياسات عامة إلى الخبرة التقنية لاقتراحها، و من التعبئة المجتمعية إلى تأسيس لسلطة موازية. حيث تلعب منظمات المجتمع المدني دورا متناميا في كل دول العالم، فباختلاف الأدوار والأهداف والأنشطة والاتجاهات التي تخدم و تنشط فيها، أوجد فكرة أن المجتمع المدني هو رهان أساسي بالنسبة للديمقراطية والتطور السسيواقتصادي في نفس الوقت، يمكن القول أن تنظيمات المجتمع المدني شيء أساسي لتحقيق مشاركة المواطنين في القضايا التي تهمهم و تدعم تطور المجتمع اجتماعيا و اقتصاديا، وتساهم بشكل كبير في كشف الفساد ومحاربته وإضفاء نوع من الضغط على الأجهزة الرسمية المعنية لمساءلة المفسدين والمتغطرسين.