داء باركنسون والعلاج بالموسيقى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

داء باركنسون والعلاج بالموسيقى

هل للموسيقى دور فعال في علاج مرض باركنسون ؟

  نشر في 20 فبراير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .


يقول الفيلسوف الألماني نيتشة :

 "الموسيقى كفن بين الفنون يمثل كل الفن وهي الفن المزدهر خارج الزمن تبقى هي المنقذ"

و يقول شبنهاور : 

"الموسيقى حديث الملائكة "

يقول شكسبير : 

"الموسيقى خمرة الحب"

ويقول أفلاطون :

"من حزن فليستمع للأصوات الطيبة فان النفس اذا حزنت خمد منها نورها فإذا سمعت ما يطربها اشتعل منها ما خمد"


تنوعات المقولات عن اهمية الموسيقى وماهيتها ، ولكن اليد العليا هي للعلم لكي يثبت مصداقيتها واهميتها ..


أطلق وليام هارفي على حركة الحيوانات ، حين كتب عنها في العام 1628 ، أسم "موســــــــــيقى الجسم الصامتة" . غالبا ما تستخدم استعارات مماثلة من قبل أطباء الأعصاب الذين يتحدثون عن الحركة السوية على انهاتمتلك طبيعية وسلاسة ، أو "لحنا حركيا" . يختل هذا الاتدفق السلس الرشيق للحركة في الباركونسونية وفي بعض الاضطرابات الأخرى ، ويتحدث أطباء الأعصاب هنا عن "التمتمة الحركية" . عندما نمشي ، تنشأ خطواتنا في تدفق أيقاعي ، تدفق هو تلقائي وذاتي التنظيم. ولكن هذا التلقائية الطبيعية السعيدة تختفي في الباركنوسينية .


ولكن قبل أن نشرع في رحلتنا وقبل الركوب على قارب العلاج بالموسيقى وعلاقتها بمرضى داء باكنسون ، لنلق نظرة سريعة على ماهية هذا المرض علميا وعصبيا ،  اعراض المرض ، والأكثر أهمية  هو عن كيفية مجابهه هذا المرض من قبل أطباء علم الأعصاب بالطرق الطبية المعترفة بها والمتداولة في عصرنا الحالي .

لذلك اربطوا الاحزمة وهلم بنا في رحلة لثنايا اكثر الامراض العصبية فتكا بتاريخ البشرية.....


الباركنسون (Parkinson)


هو مرض يظهر بصورة تدريجية. ويبدا، غالبا، برجفة تكاد تكون غير محسوسة وغير مرئية في احدى اليدين. وبينما يعتبر ظهور الرجفة السمة المميزة الاكثر وضوحا لمرض باركنسون، تؤدي المتلازمة بشكل عام الى ابطاء او تجميد، الحركة ايضا. ويستطيع الاصدقاء وافراد العائلة ملاحظة الجمود في ملامح الوجه العاجزة عن التعبير وعدم تحرك الذراعين في جانبي الجسم عند المشي. كما يصبح الكلام، غالبا، اكثر رخاوة تتخلله التمتمة.

وتزداد اعراض مرض باركنسون سوءا كلما تقدم المرض اكثر.

وعلى الرغم من عدم امكانية الشفاء من مرض الباركنسون، الا ان الانواع العديدة من الادوية من اجل علاج الباركنسون يمكن ان تساعد في التخفيف من حدة الاعراض. وقد تستدعي الحاجة، في حالات معينة، اللجوء الى علاجات جراحية.


أعراض مرض باركنسون


تختلف الاعراض التي تصاحب مرض باركنسون من شخص الى اخر. وقد تكون الاعراض الاولية ضمنية فحسب، دون ان يكون بالامكان ملاحظتها طوال اشهر عديدة، بل وحتى سنوات عديدة. تبدا الاعراض بالظهور، اولا، في جانب واحد من الجسم، وتكون على الدوام اكثر حدة وخطورة في هذا الجانب نفسه، في المستقبل.

وتشمل اعراض داء باركنسون:



الارتعاش / الارتجاف: الرجفة (الرعشة) المميزة التي تصاحب داء الباركنسون تبدا غالبا في احدى اليدين. وهي تظهر على شكل فرك اصبع الابهام باصبع السبابة بحركة متواترة، الى الامام والى الخلف، تسمى ايضا " رعاش دحرجة الحبة" (او: رعاش لف الاقراص - Pill - rolling tremor). وهذا هو العرض الاكثر انتشارا. ولكن، لدى نسبة كبيرة من مرضى الباركنسون لا تظهر رجفة قوية يمكن ملاحظتها.



بطء الحركة (Bradykinesia): قد يحد داء باركنسون، مع الوقت، من قدرة المريض على تنفيذ الحركات والاعمال الارادية، الامر الذي قد يجعل الفعاليات اليومية الاكثر سهولة وبساطة مهمات معقدة وتحتاج الى فترة زمنية اطول. وعند المشي، قد تصبح خطوات المريض اقصر ومتثاقلة، يجر قدميه جرا، او قد تتجمد القدمان في مكانهما، الامر الذي يجعل من الصعب عليه البدء بالخطوة الاولى.


الصمل العضلي (تيبس العضلات ـ Muscular rigidity): يظهر الصمل العضلي، غالبا، في الاطراف وفي منطقة القفا (مؤخرة الرقبة). وقد يكون الصمل، احيانا، شديدا جدا الى حد انه يقيد مجال الحركة ويكون مصحوبا بالام شديدة.

القامة غير المنتصبة وانعدام التوازن: قد تصبح قامة مريض الباركنسون محدبة، من جراء المرض. كما قد يعاني من انعدام التوازن، وهو عرض شائع لدى مرضى باركنسون، رغم انه يكون معتدلا، بشكل عام، حتى المراحل الاكثر تقدما من المرض.

فقد الحركة اللاارادية: طرف العين (Blinking) : الابتسام وتحريك اليدين عند المشي - هي حركات لاارادية، وهي جزء لا يتجزا من كون الانسان انسانا. ولكن هذه الحركات تظهر لدى مرضى الباركنسون بوتيرة اقل، بل انها تختفي على الاطلاق في بعض الاحيان. وقد يكون بعض مرضى الباركنسون ذوي نظرة متجمدة، دون القدرة على الرمش، بينما قد يظهر اخرون دون اية حركات تعبيرية او قد يبدون، ويسمعون، متصنعين (مصطنعين) عندما يتحدثون.

تغيرات في الكلام: القسم الاكبر من مرضى الباركنسون يعانون من صعوبة في التكلم. قد يصبح كلام مريض الباركنسون اكثر ليونة، احادي الوتيرة، احادي النبرة، وقد "يبتلع" جزءا من الكلمات بين الفينة والاخرى او قد يكرر كلمات قالها من قبل، او قد يصبح مترددا عندما يريد الكلام.

الخرف (Dementia): في مراحل المرض المتقدمة يعاني بعض مرضى الباركنسون من مشاكل في الذاكرة ويفقدون، بشكل جزئي، صفاءهم الذهني. وفي هذا المجال، قد تساعد الادوية المستخدمة لمعالجة داء الزهايمر (Alzheimer's Disease) على تقليص بعض هذه الاعراض الى درجة اكثر اعتدالا.



عوامل خطر مرض باركنسون وطرق العلاج 

الغالبية الساحقة من اعراض مرض الباركنسون تنتج عن نقص في ناقل كيميائي في الدماغ يسمى دوبامين (Dopamine). هذا الامر يحصل عندما تموت، او تضمر، خلايا معينة في الدماغ هي المسؤولة عن انتاج الدوبامين. الا ان الباحثين لا يعرفون بشكل مؤكد وقاطع، حتى الان، العامل الاول والاساسي الذي يسبب هذه السلسلة من العمليات. ويرى بعض الباحثين ان للتغييرات الجينية، او للسموم البيئية، تاثيرا على ظهور داء الباركنسون.

رد الفعل الاولي على تلقي خبر الاصابة بمرض الباركنسون قد يكون حادا، دراماتيكيا وصعبا. ولكن، مع مرور الوقت، يقلص تناول الادوية من الاعراض بحيث تصبح هذه قيد السيطرة، بدرجة مرضية. ويمكن ان يوصي الطبيب المعالج المريض باجراء تغييرات في نمط حياته اليومي، مثل: اعتماد المعالجة الفيزيائية (العلاج الطبيعي - Physiotherapy)، التغذية السليمة الصحية وممارسة النشاط الجسماني، اضافة الى تناول الادوية. وفي حالات معينة، يمكن ان تكون المعالجة الجراحية ذات فائدة.


العلاجات الطبيعية / الفيزيائية (Physiotherapy)

العملية الجراحية:

عملية التحفيز العميق داخل الدماغ (DeepBrainStimulation - DBS) هي العملية الجراحية الاكثر انتشارا لمعالجة داء الباركنسون. تشمل العملية الجراحية زراعة موصل كهربائي (مسرى كهربي - Electrode) في عمق المناطق الدماغية المسؤولة عن حركات الجسم.

درجة التحفيز الكهربائي التي يتم نقلها عبر هذه الموصلات تتم مراقبتها بواسطة جهاز شبيه بالناظمة الاصطناعية (منظم دقات القلب ـ Artificial pacemaker) التي تتم زراعتها تحت سطح الجلد في اعلى الصدر. يتم ادخال سلك موصل وتمريره تحت سطح الجلد ليتصل بالجهاز، الذي يسمى "مولد النبض"، في الطرف الاول، وبالموصل الكهربائي (المسرى الكهربي) في الطرف الاخر.

يتم اللجوء الى هذه العملية الجراحية، غالبا، لدى الاشخاص الموجودين في مراحل متقدمة جدا من مرض الباركنسون، الذين لا تستقر حالتهم، حتى بعد تناول دواء الليفودوبا.

ومن الممكن ان يساعد هذا الاجراء العلاجي في تحقيق استقرار/ ثبات في الجرعات الدوائية وفي تقليص الحركات اللاارادية (خلل الحركة - dyskinesia). لكن هذه العملية الجراحية غير مجدية في معالجة الخرف، بل قد تؤدي حتى الى تفاقم الوضع وازدياده سوءا.


والان بعد أن قمنا برحلة في ثنايا هذا المرض وتبينا جميعا ماهيتة العلمية ، للنتقل الان الى علاقة الموسيقى بداء باكنسون :


توصف الباركنسونية عادة أنها "اضطراب حركي" ، بالرغم من أن الأشكال الوخيمة منها لا تؤثر في الحركة فقط ، بل أيضا في تدفق الادراك الحسي ، والتفكير ، والشعور . يمكن لأضطراب التدفق أن يتخذ أشكالا عديدة . ففي بعض الأحيان ، وكما يقتضي مصطلح "التمتمة الحركية" ، لا يكون هنالك تدفق سلس للحركة ، وأنما تقطع ، وأرتجاج ، وبدء وتوقف . يمكن للتمتمه الباركنسونية ( مثل التمتمة الكلامية) أن يستجيب بشكل جميل الى لإيقاع وتدفق الموسيقى ، طالما أن الموسيقى من النوع "الصحيح" ، والنوع الصحيح يكون فريدا لكل مريض . ويقول الدكتور اوليفر ساكس والذي هو طبيب في علم الاعصاب في كتابة (نزعة الى الموسيقى)  :

" بالنسبة الى واحده من مرضاي في عقب التهاب الدماغ ، "فرانسيس دي .، كانت الموسيقى فعالة بقدر أي دواء. ففي لحظة، كنت أراها مضغوطة، ومطبقة أصباعها ، وأسنانها بأحكام ، ومجمدة، أو ترتج ، وتتشنج ، وتبربر ، مثل نوع من القنابل البشرية الموقوتة. وفي اللحظة التالية ، أذا أسمعناها الموسيقى ، تختفي كل هذه الظواهر المتفجرة الممعوقة ، وتستبدل بطمأنينة هنية وتدفق حركي ، وفي النقيض العام ، الموسيقى المتقطعة القرعية قد يكون لها تأثير معاكس عجيب ، حيث تدفعها الى القفز والارتجاج بعجز مع الإيقاع ، مثل ميكانيكة أو متحركة بأسلاك"


بشكل عام فأن الموسيقى "الصحيحة" للمرضى الباركنسونيين ليست متسقة فقط ، ولكنها تمتلك أيقاعا حسن التعريف. من جهه اخرى ، أذا كان الإيقاع عاليا جدا ، أو مسيطرا ، أو متطفلا ، فأن المرضى قد يجدون أنفسهم منقادين أو مدفوعين به بعجز. ومع ذلك ، فأن قوة الموسيقى في الباركنــــــــــسونية لا تعتمد على الاعتياد ، أو حتى الأستماع ، بالرغم من أن الموسيقى عموما تتعطي نتيجه افضل اذا كانت مألوفة للشخض وتروقة على حد سواء.

وفي حالة اخرى مع مريضة لدى الدكتور ساكس يتطرق اليها في كتابه ، تقول المريضة التي تدعى "أديث تي" وهي معلمة موسيقى سابقة عن حاجتها الى الموسيقى. قالت أنها اصبحت : 

 مفتقره الى "الرشاقة" مع بداية باركنسونيتها، وأن حركتها اصبحت "خشبية وميكانيكة  مثل أنسان  َاَلي أو دمية " 

لقد فقدت تلقائية وموسيقية الحركة التي كانت لديها سابقا. قالت ان البراكنسونية ، باختصار ، قد أفقدتها موسيقيتها ، ولكن ، حين كانت تجد نفسها عالقة أو مجمدة ، فأن مجرد تخيل الموسيقى كان يعيد أليها قوه الفعل ، والان ، وفقا لتعابيرها ، يمكنها أن "ترقص خارج الاطار" ، أو المشهد الرتيب المجمد الذي حبست فية ، وان تتحرك بحرية ورشاقة : "الأمر مثل تذكر نفسي فجأة لحني الحي الخاص بي" . ولكن بعد ذلك ، وبنفس القدر من الفجائية ستتوقف الموسيقى الداخلية ، وستقع مرة اخرى في هوة الباركنسونية. 

ف كانت قدرة أديث على مشاركة القدرات التنقلية للاخرين درامية بنفس القدر ، وربما مشابهة ما ، كان في امكانها أن تمشي بسهولة وتلقائية مع شخص اخر ، متوافقة مع ايقاعة ، وسرعته ، ولحنه الحركي ، ولكن في اللحظة التي يتوقف فيها ، تتوقف ايضا .


غالبا ما تكون الحركات والإدراكات الحسية للباركنسونيين سريعة جدا أو بطيئة جدا ، وبالرغم من أنهم قد لا يكونون مدركين لهذا ، قد يتمكنون من استنتاجة فقط اذا قارنوا سرعه حركاتهم بسرعه حركات الاخرين ، أو نظروا الى ساعة لمعرفة كم سيستغرقون من الوقت . وصف عالم الإعصاب وليام غودي في كتابه "الوقت والجهاز العصبي" فقال : 

"قد يلاحظ مراقب كم هي بطيئة حركة مريض باركونسوني ، ولكن المريض سيقول ، تبدو حركاتي الخاصة طبيعية بالنسبة الي الإ اذا نظرت الى ساعة الحائط ورأيت كم تستغرق مني وقتا. تبدو ساعة الحائط للجناح سريعة بصورة استثنائية"


كتب غودي عن التباينات الهائلة أحيانا التي يمكن لهكذا مرضى أن يظهروها بين "الوقت الشخصي" و "وقت الساعة"ولكن أذا كانت الموسيقى حاضرة، فأن سرعة ايقاعها تكون لها الإولوية على الباركنسونية وتتيح للمرضى الباكنسونيين أن يعودوا ، طالما أن الموسيقى مستمرة ، الى سرعتهم الحركية الخاصة ، تلك التي كانوا معتادين عليها قبل المرض.

تقاوم الموسيقى ، بالفعل ، كل محاولات التسارع أو الابطاء ، وتفرض ساعة ايقاعها الخاصة. وعلية فأن للموسيقى دور كبير جدا وفعال في علاج كافة الإمراض المتعلقة بالجهاز العصبي والدماغي .







المصادر :


https://www.webteb.com/neurology/%D9%85%D8%B1%D8%B6-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%86 

كتاب "الوقت والجهاز العصبي" ل وليام غودي

كتاب"نزعة الى الموسيقى" ل اوليفر ساكس







 


  • 1

   نشر في 20 فبراير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

احمد علي منذ 8 سنة
exeptionelle
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا