كيف أُغير مِن صفاتٍ أنا مولود بها؟
كثيراً ما نسمع عن المثل القديم "من شبَّ على شيءٍ شاب عليهِ" وهناك أمثال أُخرى تُعطي نفس المعنى لكنها أقلّ شيوعاً
نشر في 24 غشت 2023 .
كثيراً ما نسمع عن المثل القديم "من شبَّ على شيءٍ شاب عليهِ" وهناك أمثال أُخرى تُعطي نفس المعنى لكنها أقلّ شيوعاً. وأتذكر نفسي عندما وعيت على هذا القول وفي سنٍ صغيرة جدا لا أستوعب وإنما أردد ما أسمع من الكبار دون فهمٍ حقيقي لمعاني الأمور (حالي كحال جميع الأطفال في هذا السن).
ولكن عندما بدأ عقلي بالنضوج وإتسعت آفاق تفكيري.. أصبحتُ أتضايق من هذا المثل وأشباهه كثيرا لكونه يبثُّ اليأس في تغيير صفات سيئة يكون قد تعوّد عليها الفرد منّا – من خلال بيئته التي نشأ فيها أو ما توارثه من كلا والديه أو أحدهما..
مما دفعني هذا السبب إلى التعمق في دراسة علم النفس في فجر حياتي من خلال كتب متنوعة لعلماءٍ في هذا المجال؛ فكانت النتيجة إني إكتشفتُ ضياع تفكير أجيال كثيرة تحت طائلة معلومات خاطئة من مصادر مجهولة قالها أصحابها في موقفٍ معين فأصبحت فيما بعد قانونا يسير عليه البشر ويصدقونه حاله كحال الكثير من الأقوال الأخرى حتى تجاوزنا إلى الدينية منها وبِتنا نفسّر ما نفسّر على هوانا ونضع قوانين غريبة للطبيعة ونُعطي لأنفسنا الحق في سرد الأحكام على بعضنا - كمن يكذّبُ ويصدق كذبته!
وقد أصبح تجاوزنا خطيرا عندما إمتد ليشمل الآيات السماوية وما نفهمه منها بعقولنا البسيطة وندّعي ونصدّق ونوضّح..
<< آيات، أقوال.. تُردّد عبر السنين دون فهم واضح لها>>
"من شبَّ على شيءٍ شاب عليه" أجل إنها جملة سليمة وغير سليمة في الوقت ذاته.. إنها قانون لكل ضعيف إختار أن يُنهي حياته بما إكتسبه وقلده من بيئته، بينما هي باطل لكل من يُعلن تمرده لصفاتٍ من الممكن أن تشوه حياته بسلبيتها.
ولكي نقضي على الباطل فنحن دوما بحاجة إلى حرب الخير، وهذه المعركة تبدأ بتدريبٍ عميق لا يتسرب إليه اليأس أبدا.. فمهما فشلنا ونقضنا العهود بشأن التغيير فسيأتي الزمن الذي يتحقق فيه الوعد ونرتدي فيها أكاليل النصر على ما خِلناهُ مستحيلا.
- والآن ماذا؟ هل أنتم في جانبي؟
• فإذا كنتم كذلك.. إليكم ببعض التدريبات: -
1. إمسك ورقة وقلم وأرسم جدول يتكون من حقلين (الحقل الأول للصفات الإيجابية التي تملكها والثاني للسلبية منها).
2. أكتب تحت كل حقل تأثيرات تلك الصفات في حياتك من مزايا أو عيوب.
3. أنظر إلى المرآة وفي كلّ مرة قل لنفسك (أنا سوف أتغير للأحسن.. أنا قادر على ذلك).
4. إحفظ أفكارك وجدد التحفيز (كن يقظاً ذهنيا).
5. عندما تشعر بالإحباط ويُصعَب عليك التفكير قم ببعض الأنشطة كالذهاب إلى نزهة أو ما شابه.
6. لا تخف من ترك الإنسان الذي بداخلك من إجل الإنسان الذي تريد أن تكونه.
7. يجب أن تكون لديك إرادة قوية وأن تكون متفائلا – مستعداً للتغيير.
8. أحط نفسك بالأشخاص الذين يحملون الصفات التي تتمنى الوصول لها وتخلص من السلبيين منهم – لا تقارن نفسك بنية الحسد وإنما بنية التغيير.
9. كُن مرنا ولا تبالغ في عنادك وإصرارك على أفكارك.
10. لا تنتقد نفسك كثيرا وإنما حدد ما تريد محوه منها.
حسنا.. الكثير منا أو جميعنا نظن بكوننا الشخص الذي كنا نتمنى أن نكونه؛ ولكن من قال بأننا نعرف أنفسنا حقا؟
ربما هناك الكثير مما سنكتشفه عن ذواتنا في رحلة التغيير هذه.. فكل فرد له صورة خيالية عن نفسه ويصدقها وتحمل تلك الصورة الكثير من الصفات الجميلة – لكن في الحقيقة لا يرانا الآخرون بتلك المزايا التي كونّاها عن أنفسنا وصدقها عقلنا الباطن!
<<فالكل في داخله كل شيء من طيبة أو خبث، ثقة بالنفس أو خجل، الحساسية أو الوقاحة.. إلخ>>
لكن بإستطاعة كل منا السيطرة على تلك الصفات وترجيح الكفة التي يريدها من خير أو شر (وهذا ما يمّيز النجاح من الفشل).
لذا إن كنت تريد أن تتغير فستتغير، إن كنت تريد النجاح فستنجح، إن كنت تريد أن تكون طيبا ستكون.. فنحن من نسيطر على ذلك الميزان؛ ولن أقول لك بأن رحلتك ستكون سهلة بل ستواجه الصعب والضعف أحيانا وخصوصا في بداية الطريق ولربما ستنسى هدفك في لحظة مجهولة.. لكن ذلك لا يعني أن تستسلم أبدا (فرحلة الألف ميل تبدأ من خطوة واحدة).
بقلم: د.أسن محمد
-
د.أسن محمددكتوراه في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة