عبد الرحمان بردادي، قراءة نقدية في حقيقة المناهج النصية و اللانصية-1- - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عبد الرحمان بردادي، قراءة نقدية في حقيقة المناهج النصية و اللانصية-1-

نحو منهج تكاملي-تنقيحي-

  نشر في 21 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أعتقد أنه يكفينا هذا الهرج و المرج الذي تشهده الساحة النقدية، و الذي يعاني منه الصرح الجامعي و غير الجامعي، من تضارب في الرؤى، و آراء محدثة يغني لها الناس، فيحتفلون بها، و يهللون لمجيئها، ثم بعد حين من الدهر، تجدهم كارهين لها، باغضين لأبجدياتها، تنفر منها المجالس، و تسأم منها المآقط.

إن الناظر و المتبصر في حال النقد الأدبي، منذ بداياته و نشأة مدارسه - الانطباعية و ما جاء بعدها-، سيفزع إلى حقيقة قد غفل عنها الدارسون في كثير من الفترات و الأحايين، التي مر بها الدرس النقدي العربي، سواء في تراثيته أو في حداثيته،  أثناء اشتعال جذوته أو حين احتراقها، تتمثل هذه الحقيقة في تضارب المشارب التي يجيئ إلينا منها النتاج النقدي، فهل يصح ذلك مثلا؟ هل أمكن عيسى بن مريم أن يكون مع محمد بن عبد الله ، وهما نبيان اختلفت المحاضن الأولى لرسالتيهما، في نفس الفترة و بنفس الدعوة، و نفس التشريعات، و التأصيلات و التفريعات الدينية مثلا، فهل يصح ذلك مثلا. أعتقد أن الجواب سيكون، لا ...بل و ألف لا، لأن الأصل في الحكمة الربانية، و حقيقة الوجود أن الناس معادن و اختلافهم ليس عيبا و بالتالي ليس تفرقا.

إذن، بما أن الاختلاف هو الأساس الفعقلي للإنتاج المعرفي، فإن الدرس النقدي لا يمكن أن نوحده، فنجعل نقدا أدبيا عالميا، بين ليلة و ظحاها، بل أعتقد شديد الاعتقاد أن ذلك من سابع المستحيلات، وثامنها و عاشرها، و إننا نرد هذا الحكم الإطلاقي لأسس أثبتها الدرس النقدي بذاته تاريخيا و آنيا:

1- أن النقد الأدبي بمناهجه، قد تقلب و تبدل و تلون مع الأزمنة، و أنه في وجهه الغربي شيء، و في تلقيه العربي شيء آخر، بل إن العقل العربي حينما يتلقى أي علم بمنهجه و نظامه، تراه يسأل عن حلاله من حرامه، قبل أن يستعمله، و هذا ما يخالف كبير الاختلاف العقل الأوربي الذي يجعل الدين في المركز الثاني من أولوياته، طبعا بعد العقل و العلم.

2- أن الأدب هو الأساس الفعلي، الذي تنطلق منه المنهجية النقدية، بالإظافة إلى الفلسفة و العلوم الإنسانية، و بما أن الأدب هو السند، فإن لغته هي العمود الفقري لهذا السند، بل يمكننا اعتبارها مسندا إليه باصطلاح البلاغيين، دون ريب و دون أي شك، و بالتالي فلكل قوم أدبهم، و لكل لغته، و لكل نقده.

فحقيقة النقد الأدبي هي شيء آخر، هي حقيقة متقلبة تنبذ الثبات، و تتحرى التوعر في الشيء، بل هي تبغ ذلك، فتراود الصعب عن نفسه، وهو نافر منها، لكنها تتطلع إلى ملاهثته و إغرائه، ليكون من نصيبها، فتتجلى لنا بعد أن تتمكن منه في صورة القوة التي لا مثيل لها، فيطبل لها القوم، و ينشدون لها أناشيد البطل، لتصبح دندنهم و فاكهة مجالسهم.

إن حقيقة النقد الأدبي الغربي بمراحله الثلاث التي نعرفها، و ربما من كثرة معرفتنا بها قد عهدناها و ألفناها،-فأصبحت بذلك عادة لا تقتلعها إرادة(سياق النص-نسق-سياق المتلقي)، و فعلا في الحياة نعتقد حقيقتها و أحقيتها، من خلال فلسفات نقدية قامت على أنقاض كنيسة مهترئة بالية ، سقيمة الملامح، مضطهدة للشعب، فكان جزائها من جنس عملها- قامت على أسس هاوية واهية، من الانطباع عند سكالينيي مرورا بتاريخية هيبوليت تين و مقارنية لانسون التاريخية كذلك، وصولا إلى لسانيات دو سوسير التي أقامت الدنيا و لم تقعدها، نهاية و ليس انتهاء إلى ما يعرف اليوم بالتلقي أو سلطة المتلقي( البراغماتية النفعية )، كلها نظريات متقلبة المزاج، تجد فيها الناقد منهم، فرحا بنظريته، متعاليا بها، ثم بعد هنيهة ملقيا لها، مستبدلا لها بغيرها...فهل هذا من النقد الأدبي، أم من الجنون الأدبي...

يتبع...


  • 1

   نشر في 21 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا