الفقر في أمريكا - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الفقر في أمريكا

  نشر في 07 غشت 2018 .

الفقر في أمريكا
تأليف الدكتور: راجان مينون
أستاذ العلاقات الدولية في كلية نيويورك والباحث بمعهد الحرب والسلام في جامعة كولومبيا
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

استحوذت المؤسسة العسكرية على مفهوم الأمن القومي لدرجة تستحضر لدى معظم الأفراد صور المجموعات الإرهابية وقراصنة الإنترنت الأشرار والدول المارقة

حافظت الولايات المتحدة لدرء هؤلاء الخصوم على تجمع غير مسبوق من القواعد العسكرية في الخارج وشنت منذ أحداث الحادي عشر من أيلول حروباً في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان التهمت أكثر من 4.8 تريليون دولار

ووصلت ميزانية البنتاجون عام 2018 إلى 647 مليار دولار وهي تتفوق على الصين بأربعة أضعاف والتي تعتبر ثاني دولة في الإنفاق العسكري العالمي وتزيد عن إنفاق الدول الـ 12 التالية في القائمة جميعها والتي تضم سبعة من حلفاء الولايات المتحدة. وإزاء ذلك أضاف الرئيس دونالد ترامب 200 مليار دولار لمصاريف الدفاع المتوقعة لعام 2019

ورغم تبجح الصقور بذلك أصبحت الولايات المتحدة أقل أمناً من أي وقت في تاريخها. لا يتمثل التهديد الأعظم للأمن اليومي بالنسبة لملايين الأمريكيين في الإرهاب أو كوريا الشمالية وإيران وروسيا أو الصين بل في الداخل وعلى الصعيد الاقتصادي. وينطبق ذلك بشكل خاص على 12.7% من المواطنين( أي 43.1 مليون فرد) المصنفين كفقراء وفق المعايير الحكومية: أي ذوي الدخل السنوي الذي لا يتجاوز 12140 دولار بالنسبة للأسر ذات الفرد الواحد ومبلغ 16460 بالنسبة للأسرة ذات الفردين وعلى هذا المنوال….إلى أن تصل إلى المجموع الأميري 42380 دولار لعائلة تتكون من ثمانية أشخاص

لا يفيد الإدخار في كثير من الأحيان حيث لا يمتلك ثلث الأمريكيين أية مدخرات نقدية ويملك الثلث الثاني مدخرات لا تتجاوز 1000 دولار للفرد.( بينما يملك ثلاثة أشخاص وهم بيل جيتس و جيف بيزوس ووارين بافيت سيولة تفوق ما يمتلكه نصف الشعب الأمريكي) ولذلك لا نستغرب عندما نرى أن نسبة العائلات المكافحة لتغطية كلفة الطعام فحسب قد ارتفعت من 11%(36 مليون) في عام 2007 إلى 14%(48 مليون) في عام 2014

العامل الفقير

تساهم البطالة بالفقر دون شك ويعاني ملايين الأمريكيين من الفقر رغم إنخراطهم في العمل وربما يعمل أحدهم بوظيفتين. جاءت أحدث الأرقام من إحصائيات مكتب العمل والتي أظهرت وجود 8.6 مليون أمريكي من”العاملين الفقراء” والذين تم تحديدهم من قبل الحكومة بالأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر بالرغم من عملهم لمدة لا تقل عن 27 أسبوع في السنة. ولا يلحظ عدم أمانهم الاقتصادي في مجتمعنا لإن العمل والفقر لا يجتمعان في أذهان معظم الأمريكيين- وانخفضت معدلات البطالة بشكل كبير من 10% عام 2009 إلى 4% حالياً

أي معونة من الحكومة؟ حدد برنامج الرئيس الأسبق بيل كلينتون لإصلاح الرعاية الإجتماعية والذي أجيز بالتعاون مع الكونجرس الجمهوري قيوداً زمنية للمعونة الحكومية مع تشديد معايير الإستحقاق في المقام الأول. وكما يظهر لوك شافر وكاثرين ايدن في كتابهما المقلق “دولارين في اليوم: العيش على لاشيء تقريباً في أمريكا” لا يتقدم الأكثر عوزاً لطلب العون. وربما ستسوء الأمور أكثر في عهد الرئيس ترامب إذ تشمل ميزانية عام 2019 تخفيضات كبيرة في مجموعة من البرامج المناهضة للفقر

ويمكن لمن يرغب في الحصول على نظرة أعمق للمصاعب التي يعاني منها أولئك الأمريكان قراءة كتاب باربرا ارنريتش الصادر عام 2001 “ النيكل والدايم: عن (عدم) العيش في أمريكا”. وهو تقرير آسر لما تعلمته عندما انتحلت شخصية ربة منزل لا تمتلك أية مهارات وعملت لسنتين في عديد من الأعمال المنخفضة الأجر واعتمدت بشكل كلي على ما تكسبه من العمل لتعيل نفسها

يحفل الكتاب بحكايا الأفراد العاملين ولكنهم اضطروا بدافع الحاجة للنوم في موتيلات رخيصة قذرة والفنادق الرديئة وحتى في سياراتهم والذين اكتفوا بوجبات خفيفة للغداء و حساء المكرونة الشعرية والهوت دوج لطعام العشاء واستغنوا عن الرعاية السنية والزيارات الصحية الدورية

أما من استطاع منهم الحصول على منزل دائم فيختار الأحياء الفقيرة حيث تكون أجور المنازل متدنية وقريبة من موقع العمل بحيث يتم الاستغناء عن السيارة. وحتى المحافظة على مثل نمط الحياة البائس تطلب العمل بوظيفتين في كثير من الأحيان

ورغم ثرثرة كثير من السياسيين عن تحسن الأحوال يقدم ذلك الكتاب صورة دقيقة بشكل ملحوظ عن الطبقة العاملة الفقيرة في أمريكا

ارتفعت نسبة الأفراد الذين يستنفذون رواتبهم الشهرية لتسديد أساسيات الحياة خلال العقد الماضي من 31% إلى 38%. وفي عام 2013 شملت نسبة 71% من الأسر ذات الأطفال والتي استخدمت المعونات الغذائية التي تديرها منظمة “إطعام أمريكا” وهي أكبر منظمة خاصة تعنى باطعام الجياع على الأقل فرداً واحداً عمل خلال السنة السابقة. أما في مدن أمريكا الكبرى وبسبب الفارق الكبير بين الرواتب وإيجارات المنازل بقي آلاف العاملين الفقراء بلا مأوى ينامون في الملاجئ والطرقات أو في سياراتهم وأحياناً مع عائلاتهم. وفي مدينة نيويورك حيث يستفحل التشرد بين العاملين الفقراء ضمت ثلث العائلات ذات الأطفال والتي تستخدم ملاجئ المشردين على الأقل فرداً يعمل في كل أسرة

مداخيل الفقر

يتجمع العمال الفقراء في مهن محددة. حيث يعملون باعة في المتاجر ومقدمي ومحضرين الطعام في مطاعم الأكل السريع وفي طواقم الخدمة والفنادق ومقدمي رعاية الأطفال والمسنين. يحصل الكثير منهم على أقل من 10 دولارات في الساعة دون أية زيادة أو اتحاد عمالي يسعى لزيادة أجورهم. وبقيت نسبة العمال المنتمين لنقابات عمالية في مثل تلك المهن وفي قطاع تحضير الطعام أقل من 4.5%. وليس ذلك بمستغرب إذا أخذنا بعين الإعتبار أن عضوية القطاع الخاص في النقابات العمالية قد انخفضت بمقدار 50% منذ عام 1983 إلى 6.7% من حجم قوة العمل

ويتم ذلك برضى وسرور الجهات الموظفة في قطاع الحد الأدنى للأجور. مثلاً تعمل سلسلة وول مارت بكل جدية لتصعيب انضمام العمال للنقابات ونتيجة لذلك لا تجد نفسها غالباً تحت أي ضغط حقيقي لزيادة الأجور والتي بقيت شبه ثابتة إن لم نقل متناقصة إذا أخذنا بعين الإعتبار عامل التضخم منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي

وعندما يكون التوظيف “وفق الرغبة” يمكن تسريح العمال أو تعديل عملهم وفق أهواء الشركة وبدون أي تبرير. وأعلنت وول مارت هذا العام أنها قد ترفع الحد الأدنى للأجور إلى 11 دولار في الساعة وتلك أنباء جيدة. ولكن لا يوجد لذلك أي علاقة بالمفاوضات الجماعية. كانت مجرد استجابة لانخفاض معدل البطالة وتدفق السيولة جراء تخفيضات ترامب الضريبية للشركات(والتي وفرت لوول مارت ما يقرب من 2 مليار دولار) وزيادة الحد الأدنى للأجور في بعض الولايات وزيادة الرواتب من قبل أقرب منافسيها شركة تارجت. كما أنه ترافق مع إغلاق 63 متجر من متاجر وول مارت والذي أدى إلى تسريح 10000 عامل. وباختصار يحابي ميزان القوة غالباً صاحب العمل ونادراً الباحث عن العمل

وبالرغم من إعتبار الولايات المتحدة واحدة من أغنى الدول في العالم بوسطي دخل فردي يبلغ 59500 دولار لا يزال 12.7% من المواطنين الأمريكيين (أي 43.1 مليون شخص) يعيشون رسمياً تحت خط الفقر. وتعتبر تلك التقديرات أقل من الواقع إلى حد ما. يقيم مكتب الإحصاء الأمريكي معدل الفقر بميزانية الأسرة الغذائية ويضربها بثلاثة ويعدلها وفق حجم العائلة ويقارنها بمؤشر أسعار المستهلكين. ويعتقد معظم الاقتصاديين أن تلك الطريقة لتقدير الفقر غير ملائمة بالمطلق. لم ترتفع أسعار الغذاء كثيراً خلال ال20 سنة الماضية ولكن تكاليف الأشياء الضرورية الأخرى مثل الرعاية الطبية (خاصة إذا لم تمتلك تأمين صحي) والسكن قد إرتفعت بمقدار 10.5% و11.8% على التوالي ما بين عامي 2013 و 2017 بالمقارنة مع زيادة 5.5% بالنسبة للغذاء

وإذا أضفنا كلفة الإسكان والرعاية الطبية إلى المعادلة نحصل على مقياس الفقر المعدل الذي نشره مكتب الإحصاء منذ عام 2011. ويكشف أن أعداداً أكبر من الأمريكان فقراء: 14% أو 45 مليون شخص في عام 2016

بيانات كئيبة

ولكي نحصل على صورة أكمل لعدم الأمان الأمريكي من المهم الغوص بشكل أعمق في البيانات ذات الصلة إبتداءٍ من الأجور الساعية وهي الطريقة التي يدفع بها ل 58% من العاملين. الأنباء الطيبة: يعيش 1.8 مليون شخص أو 2.3% منهم على أو أقل من الحد الأدنى للأجور. الأنباء السيئة: يكسب ثلث العمال أقل من 12 دولار في الساعة و42% أقل من 15 دولار في الساعة. أي 24960 دولار و 31200 دولار في السنة. تخيل كيفية تنشئة اسرة مع مثل تلك الدخول. إذا حسبنا تكلفة الغذاء وأجرة المسكن ورعاية الأطفال وأقساط السيارة(لأن السيارة ضرورية للذهاب إلى العمل في بلد لا تتوفر فيه وسائط النقل العامة الملائمة) والرعاية الطبية

لا تقتصر المشاكل التي تواجه العامل الفقير على الدخل المنخفض ولكن في الفجوة المتسعة بين الدخل وارتفاع الأسعار. رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور الساعية الفيدرالية أكثر من 20 مرة منذ ابتدائها عند 25 سنت في عام 1938 وفق قانون معايير العمل العادلة. وارتفعت بين عامي 2007 و2009 إلى 7.25 دولار ولكن ذلك المجموع خسر خلال العقد الماضي أكثر من 10% من قوته الشرائية بسبب التضخم مما يعني أن المرء يحتاج للعمل 41 يوماً إضافياً في العام ليكسب ما يوازي الحد الأدنى للأجور عام 2009

خسر العمال في شريحة ال20% الأقل أجراً قدراً أكبر من المال حيث فقدت أجورهم المعدلة مع التضخم 1% من قيمتها بين عامي 1979 و 2016 بالمقارنة مع زيادة 24.7% في مدخول ال20% الأعلى أجراً. ويمكن تبرير ذلك بضعف الإنتاجية منذ ذلك الحين في كل القطاعات الإقتصادية بإستثناء التعدين والتي أدت إلى تجريد رفع الأجور من قيمتها بين عامي 1985 و 2015

تستطيع الولايات فرض حد أعلى للأجور كما فعلت 29 ولاية بينما أحجمت 21 ولاية عن فعل ذلك مما ترك الكثير من العمال في فئة الأقل دخلاً يعانون لتغطية تكاليف أمرين أساسيين: الرعاية الصحية والإسكان

وحتى عندما يتعلق الأمر بتوفير الضمان الصحي يقوم أصحاب العمل بتحويل تكاليفه نحو العمال عبر اقتطاعات أكبر ومصاريف إضافية والطلب منهم تغطية جزء أكبر من كلفة التأمين. وتضاعفت نسبة العمال الذين دفعوا ما لا يقل عن 10% من مداخيلهم لتغطية مثل تلك التكاليف- إذا استثنينا الحد الأدنى للتأمين- بين عامي 2003 و 2014

ويفسر ذلك لماذا لا ينضم سوى 11% من العمال في شريحة ال10% الأقل أجراً إلى خطط الرعاية الصحية لقوة العمل في عام 2016 وفق مكتب إحصائيات العمل(بالمقارنة مع 72% في شريحة ال10% الأعلى أجراً). وبالنسبة لنادلة المطعم التي تكسب 2.13 دولار في الساعة قبل احتساب “البقشيش” وزوجها الذي يكسب 9 دولار في الساعة في وول مارت….يكون الخيار بعد دفع أجرة البيت إما شراء الطعام أو شراء بوليصة التأمين الصحي

قدم قانون الرعاية المنخفض التكلفة(أوباما كير) إعانات لمساعدة الأشخاص من ذوي الدخل المحدود لتغطية تكاليف بوالص التأمين الصحي ولكنه استثنى العاملين الذين يحصلون على بعض الدعم في حقل الرعاية من موظفيهم بغض النظر عن تدني رواتبهم من الحصول على الدعم. وبالطبع سيسعى الجمهوريين والمحكمة العليا وقضاتها اليمينيين لتخفيض مزايا ذلك القانون بشكل إضافي

يقتطع السكن الحصة الأكبر من رواتب ذوي الدخل المحدود. حيث تلجأ الغالبية العظمى منهم لإستئجار المساكن. ويبقى امتلاك المسكن بالنسبة لمعظمهم حلماً صعب المنال

وبحسب دراسة لجامعة هارفارد دفع المستأجرون الذين يكسبون ما بين 30000 و 50000 دولار سنوياً ما بين عامي 2001 و2016 أكثر من ثلث رواتبهم لملاك المنازل وارتفعت نسبة المصنفين “محتاجين لاستئجار مسكن” من 37% إلى 50%. أما في شريحة من يكسب أقل من 15000 دولار سنوياً فقد ارتفع الرقم إلى 83%

وبتعبير آخر في الولايات المتحدة غير العادلة إرتفعت أعداد العمال المكافحين لدفع أجرة المسكن في شريحة الأقل دخلاً

وكما تظهر دراسة هارفارد يعزى ذلك بشكل جزئي لارتفاع أعداد المستأجرين الأغنياء( الذين يكسبون أكثر من 100000 دولار سنوياً) مما زاد الطلب في مدينة إثر أخرى على بناء واستئجار الوحدات السكنية الجديدة . ونتيجة لذلك ارتفعت حصة المستأجرين للوحدات السكنية الأغلى من ثلث إلى ثلثين لكافة الوحدات ما بين 2001 و 2016. بينما انخفضت وحدات المساكن المؤجرة للأقل دخلاً من خمسين إلى خمس المجموع مع ازدياد الضغط على المستأجرين وارتفاع أجرة تلك المساكن المتواضعة

وفوق ذلك كله عثر الملاك على طرق قانونية وأحياناً خارج إطار القانون للتخلص من المستأجرين من ذوي الدخل المحدود في مدن مثل نيويورك حيث يشكل الطلب على المساكن من قبل الأغنياء سوق الإسكان

يفترض أن يقدم الإسكان الشعبي ومعونات السكن بعض الغوث لذوي الدخل المحدود ولكن الطلب على المساكن الشعبية تجاوز المعروض بكثير. وبالتالي تطول قوائم الإنتظار ويتشوق الكثير منهم لسنوات قبل الحصول على فرصة هذا إن سنحت لهم أصلاً

ولا يحصل سوى ربع المحتاجين لذلك السكن على أية مساعدة

أما قسائم المعونة فهي أصلاً شحيحة ويصعب الحصول عليها بسبب الفارق الكبير بين التمويل المتوفر للبرنامج والطلب على ما يقدمه. وهناك أيضاً التحديات الأخرى: العثور على ملاك المساكن الراغبين بقبول مثل تلك القسائم أو العثور على مساكن قريبة نسبياً من العمل وفي الأحياء المصنفة بأحياء العوز


والخلاصة أن أكثر من 75% من المستأجرين”المهددين” ( الذين تزيد كلفة استئجار المسكن عندهم عن 30% من الراتب)لا يتلقون أية مساعدة من الحكومة. ويكمن الخطر الأكبر لديهم في التحول إلى مشردين دون مأوى مما يعني الإعتماد على الملاجئ أو العائلة أو الأصدقاء الراغبين في استضافتهم

ستؤدي تخفيضات الرئيس ترامب في الميزانية إلى زيادة معاناة ذوي الدخل المحدود الباحثين عن مسكن رخيص

إذ اقتطعت ميزانية 2019 مبلغ 6.8 مليار دولار(14.2%) من موارد وزارة الأسكان والتطوير الحضري وقضت على قسائم الإسكان والمساعدة لذوي الدخل المنخفض الساعين لدفع فواتير التدفئة. ويسعى الرئيس لتخفيض اعتمادات تحسين المساكن الشعبية بنسبة 50%

كما أن العجز الذي ستولده إصلاحاته الضريبية المحابية للأغنياء سوف يدفع بمزيد من التخفيض في المستقبل

وبتعبير آخر في هذه الولايات المتحدة غير العادلة بدأ تعبير “ العامل المنخفض الدخل” مع “السكن المعقول” يتلاشى شيئاً فشيئاً

ولا يبدو أن ذلك يقلق وزير الإسكان بن كارسون الذي اشترى غرفة طعام بقيمة 31000 دولار لمكتبه الوزاري على حساب دافعي الضرائب وزار بعض وحدات السكن الشعبي الجديدة للتأكد أنها ليست مترفة( بحيث لايرغب الفقراء في البقاء فيها لفترات طويلة

وأعلن كارسون أن الوقت قد حان للتوقف عن الإعتقاد أن مشاكل هذا المجتمع ستحل عبر إنفاق الحكومة لمزيد من الأموال عليها

المال يتحدث

لا تعتبر مستويات الفقر وعدم المساواة الإقتصادية التي تشيع في الولايات المتحدة من أساسيات الرأسمالية أو العولمة

إذ أبلت معظم الدول ال36 في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بلاء حسناً وأفضل من الولايات المتحدة في تخفيض الفقر والتباين الطبقي بدون التضحية بالإبتكار أو إيجاد اقتصادات مسيرة حكومياً

خذ على سبيل المثال فجوة الفقر والتي تعرفها المنظمة بالفرق بين حد الفقر الرسمي في بلد ما ومعدل الدخل للواقعين تحت ذلك الخط. وتمتلك الولايات المتحدة ثاني أكبر فجوة فقر بين الدول الغنية بعد ايطاليا

وفقر الأطفال؟

في تقييم منتدى العالم الاقتصادي ل 41 دولة من الأفضل للأسوأ حصدت الولايات المتحدة المرتبة 35

انخفضت معدلات الفقر لدى الأطفال في الولايات المتحدة منذ عام 2010 ولكن تقرير لجامعة كولومبيا يقدر أن 19% من الأطفال الأمريكان (13.7 مليون) عاشوا في أسر ذات دخل دون خط الفقر الرسمي في عام 2016. وإذا أضفت أعداد الأطفال في العائلات ذات الدخل المنخفض يرتفع ذلك الرقم إلى%41

وبحسب مركز مكافحة الأمراض فيما يتعلق بوفيات المواليد كانت النسبة 6.1 وفيات لكل 1000 ولادة حية وتعتبر أسوأ سجل بين الدول الغنية(وكانت فنلندا واليابان ذات الأفضل أداءً ب 2.3 وفيات

وإذا نظرنا لتوزع الثروة في الدول الغنية كانت تركيا وتشيلي والمكسيك فقط أسوأ من الولايات المتحدة

لقد آن الأوان لإعادة التفكير بدولة الأمن القومي الأمريكية ذات الميزانية السنوية البالغة تريليون دولار. وبالنسبة لعشرات الملايين من الأمريكان لا يشكل الأعداء الأجانب المعيار الأساسي لعدم الأمان بل نظام عدم المساواة الذي ينمو باطراد والذي يراكم المنصة السياسية أمام الأمريكان الأحسن حالاً

فهم يفتقرون إلى المال اللازم لاستئجار اللوبيات القوية. و لا يستطيعون تحرير شيكات سخية للمرشحين الساعين لتولي المناصب العامة وتمويل الدعم الحكومي. و لا يملكون وسيلة للتلاعب بشبكات توليد النفوذ العديدة التي تستخدمها النخبة لتشكيل سياسات الضرائب والإنفاق العام

ويواجهون نظاماً تكون فيه السطوة للمال- حيث المال يتحدث حقيقة وذلك هو الصوت الذي لا يمتلكونه. أهلا بكم في ولايات عدم المساواة المتحدة

المصدر:

National (In) Security

In the United States of Inequality

By: Rajan Menon

July 15, 2018

Tomdispatch.com



   نشر في 07 غشت 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا