كيف تتخلص من الملل من أجل فعالية أفضل؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كيف تتخلص من الملل من أجل فعالية أفضل؟

  نشر في 29 ماي 2019 .

يقر العلماء أن هذا العصر الذي نعيش فيه سوف ترتفع فيه قيمة الدخل الفردي، وتتطور رفاهية الإنسان على المستوى المادي والصحي، بيد أن أغلب الناس سوف يصبحون مهوسون بالتغيير والتبديل في كل شيء، سينتج عن ذلك حالة من الملل والضجر وعدم الرضى عن ما نملك من قدرات وخيرات، فقدان التقدير الذاتي والإحساس بالرضى، إذ أن العامل الأول الذي ساهم في تطور هذا الحس يكمن في الطلاع على ما يمتلكه الغير، فالحياة إلى وقت قريب كانت مليئة بالسعادة حتى لدى الأشخاص متوسطي الدخل بيد أن التواصل الإلكتروني خاصة مواقع التواصل الاجتماعي مكنت الجميع بأن يقدم نفسه ونمط عيشه، الشيء الذي يخلق حالة من التنمر لدى المدمنين على ارتياد تلك المواقع. فيدخل في حالة الملل، حيث لا يرضى بحاله حتى وإن كانت جيدة، إنه ينزع دائماً إلى التغيير وإلى التبديل وإلى التجريب و إغناء الخبرة، إغناء الحياة وإغناء الإدراك. الغريب في هذا الأمر أن هذه الحالة خاصة بالإنسان لأنه يضع مسافة بين أفعاله وتوقعاته، ذلك ما يدخله في حالة من التوقعات السلبية التي تجعل منه شخصا متشائم يتوقع كل الأشياء السلبية بدل أن يصنع لنفسه منظور إيجابي لرؤية الأشياء بشكل جميل مهما كان نوعها وشكلها، حتى الألة لا تمل لكونها مبرمجة على فعل شيء محدد، غير أن الإنسان يحمل حقل من الإمكانات ليس لها بداية ولا نهاية.

الشيء الذي يدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات: كيف يساهم الملل في إضعاف شخصية الانسان ويصيبها بالفشل وقلت الحركة والابداع؟ وإلى أي حد يمكن أن ننمو بشخصياتنا ونتجاوز هذه الحالة السلبية؟ هل بإمكاننا التخلص من حالة الملل ونصبح منجزين وفاعلين في الحياة؟

إن الملل سر كل فقدان، حيث لا نجد لأنشطة التي نقوم بها قيمة، الجلوس مع العائلة والخروج مع اًصدقاء كل هذه الأشياء تفقد الفعالية وإمكانية تفعيلها على المستوى الواقعي، فالزمان الذي يساهم في نمو شخصيتنا يفقد فعاليته في حالة الشخص الملول لا يعجبه شيء. خاصة في المجتمع المعاصر الذي سادت فيه النزعة الفردية، و الإبتعاد عن بناء علاقات ناجحة، فالملل يجعل الواحد منا غير راغب في بناء العلاقات والصداقات حيث تدخل الذات في نوع من الإكتئاب والعزلة.

الشيء الذي جعل الإنسان يغترب عن ذاته وينفصل عن جوهره، وهو يحن إلى العود ولا يعرف الطريق، كما أنه توجد علاقة بين الاكتئاب والملل، فالملول قد تصل به هذه الحالة إلى نوع من الإحباط الذي يمنعه عن أن يجرب أي شيء يدفعه إلى الحياة والفعالية، تصل به هذه الحالة إلى أن يحمل الجوهرة في يده فيخالها حجراً تافهاً، مع أنها جوهرة، لكن هو في حالة عجز أن ينفض عنها التراب والأغبرة، ولو فعل لتبدت له الجوهرة واضحة جلية.

من أجل تجاوز هذه الحالة يجب أن يكون لدى كل واحد منا أهداف وغايات كبرى من أجل قتل الكسل والخمول، فالإنجاز لا يجتمع مع الملل والضجر، فالشخص الذي يملتك رؤية واضحة لما يجب عليه أن ينجزه من أنشطة وأهداف فمن النادر أن تجده يحس بالقنوط والملل.

لا يجب أن نقيس جمالية الحياة بالبعد المادي فقط نربط السعادة مثلا بقدرتنا على فعل ما نريد بدل ذلك يجب أن تكون لدينا القدرة على التعاطي الإيجابي مع الأزمات والتحديات، ولذلك الذين يفهمون الحياة وعندهم فن الحياة وفن العيش، تنمو شخصيتهم مع الزمن وتزداد ثراء وقوة وتمعن النظر في ماضيها لكي تكشف عن معاني وأسرار جديد، فتكون الأزمات سبيلا لنمو شخصيتهم وتنوير حياتهم.

ليس الغاية من هذه الحياة أن تعيشها لمدة طويلة، إنما تقاس فعالية الواحد منا بالبصمات التي تركها في التاريخ وما هي المساهمة التي أضافها للإنسانية على المستوى العلمي والأخلاقي والفني وغيرها من المجالات؟ فخلود الإنسان يتحقق في عظمة الإنجازات التي يخلفها وراءه من كتب و قيم وغيرها من التوجيهات التي تفعل عملية إعمار الأرض.

بعض الخطوات العملية لمحاربة الملل:

بالتالي يجب أن نستيقظ كل صباح ونفتح أنفسنا على جملة من الاحتمالات والإمكانات، لا تجعل اليوم يمر مثل البارحة حاول أن تصنع عوالم فارقة بين ما كنت عليه قبل وما أصبحت عليه اليوم، فالقرار يعود لكل اختر الطريقة التي تريد أن تنظر بها ليومك الجديد هل ترى فيه جملة من الاحتمالات التي تقودك لنجاح أم أنه يوم جديد نعيد فيه نفس التعاسة والمعاناة التي نسقط فيها؟

يقول العامة اضحك مع الدنيا وسوف تضحك معك، هذا المنظور رغم بساطته فإنه يعكس فلسفة عميقة في النفس البشرية، فلنجعل كل أيامنا أعياد وفرص للمتعة والسعادة الجماعية، في كل يوم نستيقظ تبعت الينا احتمالات لا حدود لها، بيد أن الواقع الذي يفرضه الدماغ يحد من سعت الفضاء نتيجة للخوف الذي يترسب في أذهاننا، علينا أن نكون مغامرين نبحث عن الجديد، نخرج من شرنقة اليومي الذي يقتل النفس حتى في العلاقات حاول أن تبحث عن الجانب الذي يفتح الأفاق ويوسع التجربة الإنسانية والتواصلية.

كل فكرة تجول وتدور في خاطرك تتسع وتنتشر من نفس النوع هذا النمط من التفكير أجده سائدا وبدون حدود في العلاقات الانسانية والجمالية، حين تكون سعيدا ترى العالم كله سعيد، وبالمقابل كلما اشتد سواد الدنيا في قلبك أو عقلك ترى الناس والعالم في صورة سلبية، هذا قدر الإنسان أنه يرى العالم من زاويته النفسية.

كما أن الوعي بالذات من الشروط الأساسية للوصول إلى هذه الحالة المتقدمة في المعرفة الإنسانية، كلما عرفت نفسي زادت حالة الرضى والتوازن النفسي، لأن الانسان عدو ما يجهل نحن مخلوقات محكومة بالتنوع والتعدد والنشاط والفعالية المتبادلة، أساس هذا النشاط نابع من التنوع الحضاري والعمراني الذي يعيش فيه الانسان. لأن الفارق بين الوجود الإنساني وباقي الموجودات، أنه يمتلك القدرة على تجاوز نفسه، ويعرف حدوده وإمكاناته، كما قال الفيلسوف الوجودي البير كامي" الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يحاول دائما أن يتجاوز حيوانيته"، طبعا هذه القدرة يقدمها لنا الدماغ نظرا لما يمتلكه من قدرات، فالميزة التي تجعل الإنسان يختلف عن باقي الموجودات تمكنه في قدرته على تجاوز القصور الذاتي ومراجعة أفكاره وتمثلاته للحياة، كما قال الحكيم سقراط "حياة بلا تأمل لا تستحق أن تعاش".

كذلك نحتاج الانفتاح كل شيء جديد، ونبذ التشدد والانغلاق، فإنه رغم تنوعه وإختلافه يظل شيئا جليلا ويخدم الحياة البشرية، تعلم لغة جديد، قراءة الكتب الاطلاع على ثقافات متنوعة عن طريق السفر، زيارة المتاحف ....، كل ما يساهم في تخصيب الشخصية الإنسانية ويدفعها إلى الانفتاح يجب القيام به.

حاول أن تستيقظ صباحا و يكون لك هدف ادخال البهجة والفرح على عدد من الأفراد العائلة والأصدقاء، سوف ينعكس ذلك إيجابا حيث تحس بالفرح والمتعة، رغم أنك قد تبدل مجهودا ماديا أو عضويا رغم ذلك سوف تحس بالفرح والسعادة. وبالتالي فإن التضامن يلعب دورا مهما في الاحساس بالفعالية والإنجاز، فالإحساس بالأخر جزء أساسي من تخصيب الشخصية الإنسانية على المستوى الجمالي والذوقي، فالحب والتعاون والتضامن أسمى أحاسيس تدخل قلب.

كما أن ممارسة الرياضة تنمي حس الفعالية لدى الفرد، لأنها تنشط الدورة الدموية حيث يتم إفراز هرمون الدوبامين الذي ينشط الأيونات التي تساهم في الإحساس بالنشوة والمتعة. ومن جهة أخرى فإن الضحك والمرح من الأشياء التي تبهج النفس ونحتاج التعود عليها على المستوى التواصلي بين الناس، لهذا كان يرى أرسطو أن فن المسرح هو عبارة عن تطهير للبدن لأنه يساعد النفس على الإحساس بالمتعة والفرح والبهجة.

وبالتالي فالضحك كنز ثمين لدى الإنسان ومهم على المستوى الهرموني والنفسي يساعد الجسد والنفس على استعادة عافيتها و الإحساس بالفرح، كما أن التعبير عن المشاعر يعد مسألة مهمة في الحياة، كلنا نمتلك مشاعر نلوح بها لبعضنا فالذي يعبر عن مشاعره بشكل تلقائي يعد شخصا متوازن على المستوى النفسي والاجتماعي. إذن فحوى هذا الكلام أن النفس الإنسانية تحتاج إلى الضحك والترفيه والمتعة والنشاط فالإنسان يحتاج أن يحافظ على الطفل الداخلي من أجل خدمة روح المرح في النفس البشرية عموما.



   نشر في 29 ماي 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا