الاتحاد الأوروبي وانفراط العقد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الاتحاد الأوروبي وانفراط العقد

  نشر في 24 شتنبر 2016 .

بعد إنهيار الإمبراطورية الرومانية التي كانت تمتد حول البحر الأبيض المتوسط مروراً بإمبراطورية شارلمان (إمبراطور روماني مقدس) ، بدأت المحاولات في القارة الأوروبية لتوحيد أمم أوروبا منها محاولة نابليون في القرن التاسع عشر والأخري في أربعينات القرن العشرين علي يد هتلر، وهما تجربتان لم تتمكنا من الاستمرار إلا لفترات قصيرة وانتقالية. وازدادت هذه المحاولات بشدة في توحيد القارة العجوز بعد كوارث الحرب العالمية الأولي والثانية والتي عرفت فيما بعد بإسم الاتحاد الأوروبي. مدفوعا بالرغبة في إعادة بناء أوروبا ومن أجل القضاء على احتمال وقوع حرب شاملة أخرى.

تم الإعلان عن تأسيس لبنة الإتحاد الأوروبي عام 1957م ، والمؤسسين للإتحاد هم (المانيا - إيطاليا - بلجيكا - فرنسا - لوكسمبرج - هولندا). كانت من أهداف تأسيس الاتحاد الأوروبي إنهاء الحروب المتكررة والدموية بين الجيران والتي بلغت أوجّها في الحرب العالمية الثانية والتي قُدّر إجمالي عدد ضحاياها 60 مليون قتيل مثّلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي. وبالفعل استطاعت أصغر قارات العالم الحديث أن تُثبت للعالم أنها سبّاقة في مجال تأسيس وإنشاء وتطوير المنظمات الإقليمية بدأتها بمنظمة حلف شمال شمال الأطلسي (الناتو) وأعقبها إنشاء الإتحاد الأوروبي. فكان الاتحاد الأوروبي بمثابة جمعية دولية للدول الأوروبية، فاستطاعت أن تنشيء مجال أوروبي خالي من الحدود الدولية، إقامة نظام نقدي أوروبي موحد، وحدة سياسية واقتصادية أوروبية، تعزيز التقدم الاجتماعي، تأكيد مكانة الاتحاد الأوروبي علي الساحة الدولية، المحافظة علي الاتحاد وتطويره كمنطقة تخافظ علي الحرية والأمن والعدل. ولكن توجد دولة من يقرأ تاريخها يُدرك تماماً أنها ليست دائماً علي وفاق مع القارة العجوز، إنها بريطانيا.

يذكر التاريخ أن بريطانيا تمسكت على الدوام بمسافة فاصلة بينها وباقي أوروبا، حتى بعد الانضمام إلى اتحاد لمّ شمل أوروبا، انضمام أتى متأخراً بعد رفض أولي. فعندما أُعلن عن تأسيس الاتحاد الأوروبي في العام 1957م كتكتل اقتصادي، أحجمت بريطانيا وقتها عن حجز مكان لها ضمنه، ولم تعدل عن موقفها سوى في العام 1973م أي بعد 16 عام. وليس غريباً إن كانت بريطانيا أحد الأعمدة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد عالمي، ومركز أوروبا المالي، وصاحبة نصيب الأسد من الاستثمارات الأوروبية المباشرة. لكن وسط كل ما تحظى به بريطانيا والمكتسبات التي أتتها من عضويتها الأوروبية، يبقى ذلك الشعور الدفين بالانفراد وعدم الانتماء حاضراً لدى البريطانيين، حتى أنك قد تسمعهم يطلقون على أوروبا لقب "القارة"، وتجد إعلانات وكالات السياحة في بريطانيا تشير إلى رحلات إلى "أوروبا"، وكأنما هم يقطنون قارة أخرى.

ورغم تأخر قرار التحاق بريطانيا بالاتحاد، فسرعان ما شابته أزمة ثقة. ففي عام 1975م أي بعد سنتين فقط من اللقب الأوروبي، صوّت الشعب البريطاني في استفتاء عام بأغلبية الثلثين لمصلحة البقاء (67%)، ولأول مرة منذ ذلك العام أصبحت فكرة خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي احتمالاً قائماً وتحدياً عميقاً لعملية الاندماج الأوروبي. ودليل علي ذلك رفض لندن الانضمام إلى منطقة اليورو واعتماد العملة الأوروبية الموحدة وتشبثها بعملتها الوطنية، وعدم قبولها أيضاً بالدخول في منطقة الحدود المفتوحة بين دول أوروبا وغيرها مما أدي إلي تشكيل دفعة جديدة حركت رغبة الانفصال من جديد في وجدان كثير من البريطانيين. فقد أوضح آخر استطلاع للرأي في 2015م أن أغلبية البريطانيين (51%) ولأول مرة يفضلون الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل (49%) يفضلون البقاء في الاتحاد الأوروبي.

وكانت النتيجةخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولم يتمكن دعاة البقاء هذه المرة من إعادة سيف الانفصال إلى غمده من جديد. خروج بريطانيا من الاتحاد سيكون له التأثير الواضح علي الاتحاد الأوروبي وعليها أيضاً نظراً لما كانت تحصل عليه من امتيازات نظير وجودها ضمن مقاعد أعضاء الاتحاد. هذا بخلاف ما ستحدثه من تأثير علي المستوي العالمي. فبعد أن كان هناك من يعتبر أن العالم تم تقسيمه إلي العالم ما قبل أحداث 11 سبتمبر والعالم ما بعد أحداث 11 سبتمبر، سيكون العالم ما قبل انفصال بريطانيا عن الاتحاد والعالم ما بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد.




   نشر في 24 شتنبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا