يعتريني نوع من الاستغراب و التعجّب من طريقة تفكير بعض الأشخاص و نظرتهم حول شيء اسمه .. الحياة الخاصة للأفراد..

لا أدري ما سيُفيد هؤلاء، حين يقومون بالتحدّث فيما بينهم عمّا يفعله الآخرون أو ما فعلوه في حياتهم أو ما يقولونه أو ما قالوه.. و الأنْكى من ذلك اِيمانهم المستتّب بأنّ لهم الحق في ذلك!! لهم الحق على زعمهم أنّ من أخطأ أو اِرتكب ذنبا فهو يستحق الغيبة و قد يصل الأمر الى ما أسوء ..النّميمة و الفتنة ما بين الأفراد إلى ما لا تُحمَد عُقباه!!

برأيي الشخصي الأسوء هو ليس من أخطأ أو أذنب .. سواء في حق نفسه، فبالتالي قد يطلب الغفران من الحق سبحانه ليستجيب الله له في لحظة ..مصداقا لقوله تعالى:

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (110) وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111).. سورة النساء

أو سواءَ كان الخطأ في حقّ الغير، فلَربّما ندِم على ما فعله و اعتذر و قوبِلَ اعتذاره  بصدرٍ رحب و روحٍ سَمِحة..فماذا سيستفيد هؤلاء حينها؟

هُم بالتأكيد الأسوء ...فهم لم يسعَوْ الى الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر الذي أمرنا الله به .. ولم يسعَو لستر أفعال و أقوال من حولهم و هو الواجب فعله، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من نفَّسَ عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ أنه قال:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".

وقوع النّاس في الأخطاء أو الذنوب لا يعطيك الحق في النّظر اليهم بعين المحاسب و المعصوم  أو أن ترمقهم بنظرة الازدراء أو الدونية ، ويكأنَّ هدايتك و ابتعادك عمّا اقترفه بعض النّاس هو من صنع يدك .. لا بل هي الهداية من الهادي سبحانه .. هو من يمّنّ بها علينا جلّ و على، فكلّ ابن آدم خطاء و خير الخطّائينَ التوابون، و اِن كان الأمثل أن تستره و أن تنهره اِن كان في الاِمكان.. و الأسمى أن تُهديه دعوةً في الغيب ترجو بها الله أن يعفو عنه و يتوب عليه، لأنّه و بكل بساطة يا اِخوان و يا أخوات يُفترضُ أنّ ما نتمناه لأنفسنا نتمناه لغيرنا .

هدانا الله و ايّاكم لما يحبّه و يرضاه .. و جعلنا سترا لاخواننا و أخواتنا، و سخرّنا لاعانة المسلمين و قضاء حوائجهم و السّلامُ ختام ..