مرحباً أمي
أشعر أنني الآن امرأه شرهه نحوالكتابه،قد أثرتي شهيتي للثرثره بين السطور والتعثر في الفواصل،هممت لمعرفة كم نقطةٍ سأضع بعد كل جمله ظننتها انتهت وهي مازالت تفتح فاهُهَا لمصطلحٍ جديد يكمل ماينقصها من جفاف أدبي،ظننت أنني فقدت الرغبه في مغازلة الحرف وفقدت شغف البوح المنمق في بضع سطور من نصٍ هارب، أُفلت من بين طيات صدري المطبق علي عالم يسوده الظلام الدامس
أتعلمين ياأمي قبل هذه المحادثه الطويله الناسفه لكل فكرةٍ ساذجة كانت راسخةً بالأمسِ في ذهني عنكِ، كنت أحدث نفسي وأتساءل هل يعقل أن يَخذلُ المرءُنفسه؟! كنت دائما آري أنك خذلتِ نفسك أمي ،وخذلتي طفلتك ، لكنني كنت أخاف أن أقسو عليكِ، كنت أخشي أن أشير بأنامل الإتهام نحو صدرك ، كنت أخجل من أن أضرب جسداً ميتًا ، والضربُ في الموتي محرماً في شريعتنا، لكنك قتلتيني حينما بوحتِ لي لأول مره أنك تحملين في صدرك مالا يطاق، لماذا ياأمي اتخذتِ الصمت سبيلاً للفرار؟!لما تجاهلتي أن لديك قلب ينبض وروحٌ تشعر ماخلقنا الله بقلوبٍ فولاذية كي نضعها في وجه العواصف ثم نستجدي منها التحمل آملين أن تنبض من جديد!! ماالتفت أحداً إلي الخلف إلا وقع منه شيء مرت سنوات من عمر أقداري وأنا مازلت ألتفت خلفي لأن الماضي لا يخلو منكِ ولأنني تركت خلفي جزء مني فيه طفله تحمل حقيبةً من أحلام، كانت لاتعلم أن الأحلام لاتباع ولا تشتري، بل تخاض من أجلها الحروب ويصبح النزال لأجلها أمراً لا يخلو من المروءه! لكنني ما عجبت له أنني رغم قرابة الدم والوجع الذي تربطني بكِ بخلاف أنني قطعة منكِ، أنني مازلت آري أن هناك إمرأه تشبهك تقبع أسفل هذا الوجه الخالي من كل معالم الحياه ، المقتظ بالأسئلة،أبحث عن امرأه تشبهك تخبئينها في صدرك،هل كنت تشعرين بي حينما كنت أتلصص علي عالمك الخاص ليلاً ؟!هل كنت تسمعين حفيف جسدي وأنا أعبر أبدان أخوتي الملقاه علي الأرض لأننا لا نملك سريراً يسعنا؟ وأبسط راحة يدي الصغيره نحو أنفك أستشعر أنفاسك، ثم أضع رأسي الصغير فوق صدرك كي استمع إلى دقات قلبك المضطربه ام كنتِ تتصنعين النوم وتضحكين في نفسك من سذاجة صغيرتك المفرطة!! كنت أخشي دائماً أن تفارقيني يا أمي، كنت أخاف أن أغلق جفني علي مقلتاي المكتظة بالدموع فتفارق الحياة عينيكِ ، كانت الدموع لاتجف من فوق وجنتي خوفً، كنت لا أعلم كيف لطفلةٍ مثلي أن تبكي أكثر مما تبتسم كنت أبكي للحد الذي جعلني استجدي الدموع اليوم ولاأجدها،من فرط مابكيت بالأمس
يقولون ياأمي أن أكسير الشباب لا يحظي به سوي العشاق والأدباءوأنا كدت أن أذهب إلي شيخوخةالمشاعر بخطي واثقه بعد أن فقدت حبي وفقدت قدرتي ع مواصلة الكتابه
كدت أن أصنع لنفسي مصلً لأقاوم هشاشة الحب وحالة الإنزلاق العشقي من أقصي أعناق الحنين حتي أسفل أقدام البوح، لكنني ما استطعت سوي أن أكون عاشقةً بلهاء تحمل في قلبها رجلً لم يكن يومً لها ، فلما أتيتي الآن تخبريني بأنني لابد أن أسير في الدرب الذي يقودني إليه حلمي، رغم يقيني أنكِ أول من سيلتقطني في الساحة الاولي من أدراجهِ
أتعلمين ياأمي، تلك الكلمات التي بوحتِ لي بها لم تسعدني، بل شطرتني نصفين، بعض الكلمات ياأمي عندما تتأخر تصبح بلا قيمه، لكن قيمتها عندي أنكِ تألمتِ بها وهذا ماألمني حقاً، أنا الطفلة التي كان يجب عليك ِ أن تصغين إليها حينما تقول لكِ أنها ترتجف الآن خوفًا أو حينما تدعوكِ الآن.. الآن ليس بعد حين ، أن تتوخي الحذر، لأنكِ كما تعلمين لايخذلني شعوري.
ليس هيناً علي أم مثلي تعرف قدر هذا البوح أن تخبرها والدتها أنها مميزه، مميزه جدا وكان من الجيد لها أن تنشأ في أسره مختلفه كان سيكون لها مستقبل أفضل
لا ياأمي هذا ليس عدلاً أن تتحملين وحدك فشل الحياه وتحملين أسفار الذنب فوق ظهرك بجسدٍ هزيل! ما كان الله ليخلقنا في المكان الخاطيء وماكانت حكمته سوي لحسنةٍ تصيبنا في دنياناً أو أخرتنا، عليكِ أن تستريحي الآن فكل الحكايا التي تذكرناها سوياً ماتت داخلي،لم أكن أجرؤ يومً علي نبش قلبي وإخراج التفاصيل التي خبأتها في جوفه ، ماكنت أقوي علي تذكر الأشياء التي كلما تعثرت بها ذاكرتي ارتجفت،قد سترت عورة جرحي بالسكوت عنه فدعكِ أمي من الذي مضي واسمحي لي الآن أن أكتبك وجعً هنا بين قصاصات أوراقي وأفكاري الغير مرتبه ، دعيني أطل عليكِ بين الكلمات كلما أردت أن أشكو إليكِ حزني، فكما تعلمين مازلت لاأقوي علي وجعك مازلت أصمت عن أحزاني حين يسمعني قلبك، مازلت أخبرك أنني بخير حتي تبتسمي ، لعل هذا هو البر غاليتي، وإن كان هناك بابً آخر أعبر به نعيم الأبرار فضعيني ع أعتابه أمي لأنني أحمل أوزاراً فوق ظهري لا يمكنني بها العبور، ربما لم أجد عملاً أبرك به سوي أن لاأحملك ثقل أحزاني وأن أحمل في قلبي آيات الله لربما كانت لكِ تاجً للوقار تتزينين بهِ أمام ملائكة السماء،إن شاء ربي و تنسي بهِ مرارة الدنيا وشقائها ماعدت أطمح لشيء سوي أن أكون أمً صالحه أعبر بأبنائي من شر هذه الدنيا غير مفتونين في ديننا ماعاد شيءٌ يخيفني سوي أن يصيب ذريتي سوءً في دينهم فهل ثمة بلاء يصيب المرء أكبر من ذلك؟!