في صغري و على مقاعد الدراسة المتوسطة طلب مني أستاذ اللغة العربية كتابة قصة قصيرة فبحثت في مخيلتي فما و جدتني إلا وقد شرعت في كتابة قصة عن غابة يحكمها أسد و من حوله شعب يريد إسقاطه و هو متشبث بكرسيه هو و مجلسه غير آبه بالأصوات التي ضاقت ذرعا بتصرفاته.
فالتجأ الأسد لمجلسه و كلهم يوافقونه فبدأ يراود أحد أعضاء مجلسه الغيرة ليس على الشعب إنما على الكرسي فبدأ يحيك الفتن بين المجلس و الحاكم إلى أن أوقعهم ببعضهم و عندما ضعفوا جميعا قام بإستغلال الفرصة و أوقع بالأسد و تقلد الحكم.
كتبت تلك القصة و أنا على نيتي لا أعلم ما السبب الذي دفعني لكتابتها بيد أن المعلم حين قرأها تعجب فبادرني بالسؤال هل أحد أبواك يكتب في جريدة؟! قلت لا فتعجب.
ما كنت أعطي سببا لتعجبه و سؤاله إلا أنه قد أعجب بالقصة.
مرت سنوات و تخرجت من الثانوية و أقبلت على الدراسة الجامعية و إذ العالم العربي يشتعل نار على حكامه و من بينها موطني.
أصبحت الشعوب تطالب بعيشها فلم يأبه حكامهم.تحولت المطالب لإسقاطهم فلم يأبهوا بل قد زادوا وتيرة القتل و رفعوا حدته و ضاقت الأرض بأفعالهم و مازالوا على كراسيهم. ماجت بي الذاكرة و ما أجد أمامي الا القصة التي كتبتها قد وقعت .و نظرات معلمي باتت تتضح جليا أمامي و سبب تعجبه.
نعم إنها حرية الإنسان الفطرية.الفطرة السليمة الحرة من القيود و العبودية إلا لله عز و جل.
فمثلي كتب على فطرته و مثلي من خرج على فطرته وقتل على فطرته. فكم من طفل قد لقى حتفه بسبب فطرته و كم من رجل و امرأة لقوا حتفهم لفطرتهم؟
معلمي علمت إجابة استفهامك من واقع مرير عشناه في كبرنا حيث أن الفأر الذي كتبت عنه من حيث لا أعلم هو عينة لأحد حكامنا و الأسد هو أول من سقط فلعب الفأر دور المسكين راعي مصالح الشعب إلى أن تمكن فأزاح من كان تحت يده وسلطانه.و أسد غيره تعلم من تجارب من قبله فأبعد كل الفئران و ما زال يصارع على كرسيه القائم على دماء شعبه.
حب السلطة من نوازغ النفس البشرية و الحرية من أصولها فتجد الحر الكريم لا يسعى لسلطة أو حكم إنما يسعى لعيش كريم يتعبد فيه الله عز و جل بلا قيد أو شرط.
الحكاية هذه كتب فصولها فئران متربصين و مستأسدين متشبثين بحكمهم و راح ضحيتها شعوب مسلمة تطالب بحقها.
فكم من فأر قلب حكما و كم من مستأسد متشبث و كم من شعب أضحوكة و كم من شعب صامد رغم ما يتعرض له.
هذا هو حالنا و هذه غابتنا.
-
عبد الحكيممُسلِمٌ..يفتقدُ حريةً سُلِبَت منه..و كثيرٌ كحالي. (سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته)