.

✍️. بقلم. محمد خلوقي

—————————

👈شجرة القصر 🗣:

منبثي فضاء طبيعي شاسع ،لكنه مغلق ومحروس ، ويشكل حديقة هذا القصر الفسيح الارجاء. دائما أحظى كغيري بمطلق العناية والرعاية ، يحيط بي بساط شاسع أخضر من العشب ، والنباتات ، والورود ، والازهار المختلفة الانواع والاحجام ،و هن لا يشعُرن مثلي لا بجوع ولا عطش ، بل دائما نرتوي ونتغذى حد التخمة ، وفوق المطلوب والمرغوب ، بأعذب الأمواه ، وألذ الاسمدة وأنفعها ، كما ان حظي جد سعيد ، بحيث أُشذَّب ُوأُجمَّلُ ، باستمرار ، من طرف أحسن وأبرع البُستانيين ..وبين الفينة والاخرى ، استمتع بطلعة العائلة البهية ،و بجلساتها الباذخة رفقة أصدقائهم ونُدمائهم ، ، واستأنس بهم وهم يرفُلون في نعيم الحياة وملذاتها : أكلا وشربا ورقصا ولهوا.

النور ، يا ُأُخيَّة ، يحيط بي نهارا وليلا ، والغذاء لا يفارقني ، والموسيقى تطرب أغصاني ، والسور يحمي قِوامي من كل ريح صرصار عاتية. .

هذه هي حياتي ..

فما هي اخبارك ِ، واحوالكِ ، يا من ْيفرقُّني عنها سور القصر وعسسه ؟؟.

👈شجيرة القهر 🗣

تنهدت الشجيرة . قبل ان تبدأ الحديث ، وقالت : نحن نُسمِّيكُن (اشجار القصر) ، أما مثيلاتي فيطلق عليهن ( شُجيْرات القهر والحر والقر ).

منْبثي ، يا محظوظة ، هو هذا الفضاء الطبيعي المفتوح ، لا يحيط به لا اسوار ولا أنوار ، جذوري المنغرسة فيه تكاد تَظهر من شدة التعرية ، وأغصاني القزمية ، شاختْ ومالت ْ، وانحَنت من وهج الحر ، ونذرة القطر .

أنا لا أفترش إلا الأتربة والحصى ، ولا أُحاط الا بالشوك والاذى ، نهاري معاناة بين حر لايطاق ، وليلي كذلك بطيء الكوكب ، اقاسي برده وقرّه الذي يكاد يُجمِّد حركة اغصاني الضعيفة .  .

فانا ومثيلاتي ، نعيش حياة الذل والاستجداء ، و لا نجرؤ ان نتعالى او نتطاول ، اونتجاوز سور القصر الشاهق ، وان فعلتُ ذلك قد أعيش مصير إحدى قريباتي من الشُجيرْات المقهورات ، والتي كان ذنبها انها نبتت بمحاذاة من سور القصر .

وساخبركِ بما وقع لهذه المسكينة.

في مرة من المرات ، أحست هذه الشُجيرة الصغيرة والهزيلة ، بانتعاشة تسري في جذورها ، وتفتحت على اثرها بعض اوراقها ، وتسامقت أغصانها ، وصار غرسها الى الإزهار والإثمار ، ومع الايام بدأت تفوح منها روائح غير زكية مثل شجرة ( الجنكة الصينية )، مما لا يرقى الى ما يُشم داخل حديقتكم الفواحة ، وفي إحدى الليالي الباردة والحالكة ، تفاجأت المسكينة ، بفأس بستاني القصر يَهْوي على جسدها البريء ، دون رحمة ، فبعثر فروعها، و حطم أغصانها، وشل حركتها ..

هل تعلمين ما سبب هذه الابادة التي كنا عليها شهودا ؟؟

انه استفادة غير مقصودة للشجيرة الفقيدة من تسرُّب خاطئ كان في ماء الصرف الصحي لاهل القصر ، والذي كان يجري في أعماق الارض ، ويمر بحانب منبثها ، فأخذتْ منه - بحكم عطشها وجوعها القاتل - حاجَتها وغذاءها ، رغم نتانته ، وحين لاحظ اهل القصر هذا التطاول غير المسموح به ،ثم اجثتاتُها لان قلمتها قد ارتفعت وان رائحتها الدخيلة قد أزكمت أُنوف العائلة وضيوفها .

أنت يا شجرة القصر ابنة الرغبة ، غُرست بتخطيط واختيار ، وانا ابنةُ الرهبة ، ونتاج الفوضى والعبثية والقهر ، انت تجدين من يدافع عنك ، ويتعهدك ،ويحميك من وهج الشمس ، وزمهرير الرياح ، اما انا فغُرست عشوائيا ، وتُركتُ أُجابه مصيري لوحدي . لا اجد من يسأل او ينشغل عن تأخر نموي ، اوصغر حجمي ، اوتسوُّس عروقي .. وحيدة انا ، أداوي جروحي ، وحيدة أتسول غذائي ، وحيدة أُعد سويعات رحيلي .

هكذا هي أقدارنا المتعددة ، بين حياة القصر، وحياة القهر .. لكن النهاية ستكون واحدة ً، عنوانها : قبر فحشر ، ثم يُسْر أو عُسْر .

محمد خلوقي