مقدمة

المجتمعات لا تتطور من تلقاء نفسها بل يجب ان يتوفر داخل المجتمع أصحاب الأفكار النيرة الذين لهم القدرة على القيادة و التحفيز و يشعلون الشموع في كل الأزقة و الطرقات فيستضيئ بها كل المحيطين بهم و الســائرون معهم .

القائد الملهم المؤثر هو الذي يعرف كيف يقود مجموعة من البشر الى احداث فرق في حياتهم المعيشية و العلاقات الاجتماعية بين ما كانوا عليه بالأمس و ما هم عليه اليوم ( من وضعية سيئة الى أخرى افضل منها ) .

هناك علاقة متداخلة بين المجتمع المدني و الدولة ( السلطة ) التي تسهر على وضع الأطر القانونية التي تسير المجتمع المدني و تسهر على تنفيذها و تطبيقها و تتدخل بين الفينة و الأخرى اذا ما رأت انحراف في مسار المبادئ العامة المتفق عليها مع جميع الأطراف فالتكامل يكون بالتعاون التام و الاتفاق و التشارك في جميع المستويات .

المجتمع المدني نقصد به الكيان المنظم في اطار جمعيات و منظمات و اتحادات و نقابات و مؤسسات تعمل جميعها على ترسيخ انشغالات و اهتمامات أعضائها و من والاهم في التوجه و الأفكار و القيم و المبادئ التي يؤمنون بها .

ان بصمة التأثير تبدو واضحة للمجتمع المدني في تشكيل السياسة العامة للبلد و قد يمتد تأثيره الى خارج حدود الدولة مثل تلك الجمعيات العابرة للقارات المدافعة عن حقوق الإنسان و البيئة و المناخ و الفقر و الصحة و غيرها فتأثيرها يمتد الى الزوايا الأربعة للعالم .

قوة المجتمع المدني تظهر و تبرز في تماسكه و اتحاده و تكاتفه و تعاونه في اقتراح الحلول لمشكلات المجتمع و مشاركته في التنمية المستدامة و محاربة الآفات الاجتماعية و له القدرة على اختيار اشخاص معينين يقدمونهم الى سدة الحكم و تنفيذ سياساتهم في التنمية و العدالة الاجتماعية و التربية و التعليم و التكوين و الأمن و الصحة ....

ان عالمنا العربي لا يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالبروز و المشاركة في دواليب السلطة و المؤسسات التابعة لها و هذا راجع لأنظمة الحكم عندنا التي تتصف بالانفرادية في القرارات و الانفرادية في التسيير ، و مع ذلك نجد الكثير من الجمعيات التي تناضل من اجل ان يكون لها موضع قدم في التسيير و السياسة و التشاركية في الرأي و لكي يكون لديها قوة اقتراح تستطيع من خلالها المشاركة في التغيير المنشود .