عزيزي،
الذي لا أعلم حتى إسمه، ضيف شذارات حلمي والقاطن به،المنقبض قلبه السائرة كلماته بكماء تحمل الصمت وتلقي به في سكون الحياة،الوحدة و الذات،
أنت محق كحق الميت بكفنه،والنمل برزقه،
إن العقول حنطت بحنين الماضي والقلوب قبور تقمع وتقبع بها عواطف مخذولة مهزومة نحملها على كفن فوقنا حتى تقوست ظهورنا من فرط نفاقنا وكدنا نلامس بجابهنا الأرض ليس خشوعا بل ذلا...
عزيزي ،
الأنية الفخارية التي نسيت أن أسقيها بالماء فجفت أوصالها ونفذت إليها خيوط العنكبوت ...أنا لم أنسك بل نسيت كيف أشرب من هذا التابوت وأقطف العنقود...
عزيزي،
،مثلك أنا....لا يعزي بؤسي سوى قلم وهذه الأوراق وبعض من الصمود لكن الزمن حاز عل بعض من حرمة عالمي وهلك ببعض احلامي،اريد ان اخلق حروفا وكلمات جديدة لم يتعثر بها أي إنسان،ربما خرفت وفات الأون على أغنية قبل النوم،على تهويدة أم أو قبلة فوق الجبين.... لأنني مثلك لم أعد أرى بهذه الحياة أي نطفة من الجمال ولو حتى ملئ اليدان،حتى وجهي المنعكس على المرايا صرت أتحاشاه، هو قبيح قبيح كثيرا ولم يتغير به شيء، فالشعر أحمر إلتهمته النار وتتقد بأطرافه أما الأعين فزائغة وجاحظة تهتز... بعصفة ريح،بشدة وجع،بلوعة ألم.. قد تهذب من ذالك قضبان من الرموش المنسدلة بعبق المسك الفاقد للحرية،وإن حدثتك عن بئر من الأنين المستمر فهو كالتين المتشقق في شفتي والدماء على عرشه تنهمر..
عزيزي ،
الذي عزفت به الرياح عزفا شديدا فلا يئن ولا يحن، وتعثر بمركب في بحر دموعه الخالية من كل الألون إلا من لون الحزن،شغل حزنك على شريط قديم من أغاني الكرتون وكن طفلا على كتف العالم أو بحضني من جديد ولو لزمن،وإن أردت أن تنتشي فدخن أوراق رسائلنا القديمة .. تلك الصفراء المهترئة الأطراف ذات رائحة جوزة الطيب والمطر... إجعلها لفافات تهمس همس الشياطين بالأذن...
عزيزي ،
المتقد لوعة الفار من هذه الحياة،
إن الصدر الأدمي واهب الحياة يعرف كيف يقبض باب قفص الموت بلا مفتاح،ينثر قبح الرماد في صدورنا وتهيل عليه طيور أفئدتنا وأرواحنا التائهة كل مساء
عزيزي،
المتفجع من نقلة رجل،من بكاء الطفل من إنعكاس الظل ،من غرغة المياه،من نبضة القلب ومن حصوات الرياح...،إهدأ...
إهدأ،.....ثم إهدأ فلقد نثرت بحلقي جمرات الوداع وألقيت بشكوك على أطراف أصابعي حتى أصابني ما أصاب الجرة الفارغة من الماء.