الفرق بين الاحتياج الجنسي والأمن الجنسي
نظرة فلسفية لحاجة الإنسان للنصف الآخر
نشر في 22 ماي 2019 .
الاحتياج الجنسي والأمن الجنسي ؟؟
.
العلاقة العاطفية والجنسية بين الزوجين في الأصل علاقة سمتها الثبات والاستمرار
والعيش من أجل الآخر مبنية على مقولة الحب الرومانتيكى : تعاهدنا على ألا يفرقنا إلا الموت
.
الخطورة التي يواجهها المجتمع اليوم هي أن هذه الروابط المتينة قد تحولت في ظل المتغيرات المتسارعة والتكنولوجيا الحديثة واتجاه المجتمع نحو المادية وثقافة الاستهلاك السريع إلى روابط عابرة وآنية وهشة تقترب كثيرا من ثقافة الـ تيك واي
.
وعلى سبيل المثال : العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية والجنس الإليكتروني ومشاهدة المواقع وممارسة العادة ... إلخ
.
وبدأت تتعالى صيحات بين الشباب حول إمكانية التحرر من قيود المسئولية والالتزام التي يفرضها الزواج التقليدي واستبدالها بعلاقات عاطفية أو جنسية سهلة ومريحة لن يطالبك أحد فيها بالصبر ولا التضحية مبنية على تلبية الرغبة واللذة تذهب إليها بحرية واختيار متى ألحت عليك الغريزة
.
وهذه العلاقات الافتراضية السهلة ليس فيها عهود ولا قيود ولا شراء "بامبرز" ؛
.
فقط تحتاج إلى الشاشة و تجديد الباقة ، ولم تقتصر هذه الظاهرة على الشباب والأجيال الجديدة فقط بل تسربت أيضا إلى المتزوجين والأجيال القديمة أيضا .
.
بالإضافة إلى ذلك يمكنك إنهاء هذه العلاقة الافتراضية إذا لم تكن راضيا عنها في أي وقت بكل سهولة بغير الحاجة إلى فتاوى دينية أو لجوء إلى قضاء أو غرامات مالية وذلك عن طريق ضغطة زر : ( إنهاء الصداقة – غلق النافذة – الإقصاء ومنع الطرف الآخر من الوصول إليك)
.
الأمر الذي أدى إلى هشاشة مخيفة في العلاقات وانتشار التفكك الأسري وظاهرة " الأزواج شبه المنفصلين" التي أصبحت تعانيها الروابط الإنسانية اليوم بالإضافة إلى الإحساس بعدم الأمان .
.
حاجة الإنسان للأمن الجنسي تشبه كثيرا حاجته للأمن الغذائي فكل كائن حي لديه احتياج غريزي ملح للغذاء (الطعام والشراب ) يستوي في ذلك الإنسان أو الحيوان على حد السواء ، وحاجة الإنسان للغذاء والجنس حاجة دورية بمعنى أنه بمجرد الوصول إلى حد الشبع ما إن تمر عدة ساعات حتى يعاوده الشعور بالجوع مرة أخرى وهكذا
.
والاحتياج الجنسي والغذائي في الدرجة الأولى من الاحتياجات الإنسانية الفسيولوجية في مدرجة ماسلو الشهير ، والفرق بين الإنسان والحيوان في ذلك هو أن الحيوان في الغالب لا يحمل هم تخزين الطعام بمعنى إنه يتحرك يوميا لأجل أن يبحث عن تلبية احتياجه الغذائي وكذلك احتياجه الجنسي بطريقة بسيطة وتلقائية بنظام (اليوم بيومه) وبالطبع لا يحمل هم اليوم الذي يليه .
.
والشيئ الذي يميز الإنسان عن غيره من الكائنات هو فكرة التخطيط لضمان الغذاء وادخاره وتوفير أسبابه بحيث إنه متى وجدت الحاجة إلي الغذاء يكون في المتناول ويسهل الوصول إليه ولا يحمل هم وعناء البحث عنه وهو ما يعبر عنه علميا بمصطلح التوفر
availability
وغياب هذا المفهوم للأمن الغذائي يعني شعور الإنسان بالقلق والتوتر المستمر ووجوده يلبي لدى الإنسان الشعور بالهدوء والطمأنينة والاستقرار النفسي .
.
.
إن الرجل والمرأة كلاهما مهما خاضا من تجارب عابرة بحاجة إلى شريك حياة دائم يشاركه الحياة والحب بعيدا عن حسابات المادة والمصلحة .
.
إن وجود هذا الشريك إلى جوارك يعطيك الشعور بالأمان والطمأنينة والاستقرار النفسي حتى لو لم يكن هناك اتصال جنسي .
.
الزواج المستقر الدائم يفرق بين الحب والرغبة ؛ فالزواج يرعى نبتة الحب ويقويها ويحافظ عليها بينما الرغبة تهرب من القيود والمسئوليات وكما يقول عالم الاجتماع الألماني باومان صاحب نظرية الحب السائل : الحب بطبيعته يسعى الي إدامة الرغبة وأما الرغبة فبطبيعتها تهرب من قيود الحب .
.
فاذا استثمر المرء في علاقة حب فأكبر ربح يتوقعه هو الأمن في المقام الأول والأخير، أما الرغبة فبطبيعتها مؤقتة فمها طالت العلاقة أو قصرت فلابد أن تنتهي كأي شيئ مؤقت ، وهذا هو الفرق بين الاحتياج الجنسي والأمن الجنسي .
-
حازم محمد حنفيمحب العلم والعلماء