- " حسناً , سأكتب اليوم عن الوعي "
= " لا لا دعك من الوعي , بل سأكتب عن الـ.. "
- " انتظر , ما رأيك ألا تكتب شيئاً اليوم ؟! "
ما أصعب هذه اللحظات التي تعاندك فيها الأفكار , تلك الأفكار التي كانت تنساب فيما مضى بسهولة فتمنحك خاطرة أو خاطرتين أسبوعياً , صارت اليوم تبخل عليك بالكلمات . تلك اللحظات التي تختبر قدرتك ككاتب , هل تستطيع أن تروّض الأفكار حتى تطيعك كما كان الحال فيما مضى !
و قد مررت بهذه اللحظات أكثر من مرة و هو ما جعلني أفكر في أسبابها و كيفية التعامل معها , و بعد الكثير من المحاولات , كتبت ملخصاً لتجربتي تلك التي أسميها ( عندما ينقطع الوحي ) . لن أوجّه نصائح لأحد لأن كل شخص له شخصيته و أسلوبه الخاص , لكن سأحكي عن تجربتي .
1) فليأخذ راحته
" أنت أرهقت ذهنك طوال فترة الإمتحانات الماضية , لذلك فإن عقلك قرر أن يأخذ راحته رغماً عنك , لذلك صرت تنام كثيراً هذه الأيام "
هكذا ردت المستشارة النفسية على زميلي - أثناء مرحلة الدراسة الثانوية - عندما سألها عن سبب نومه الكثير . و قد كانت تلك الإجابة سبباً في قرار إتخذته ألا و هو أن أمنح عقلي قسطاً من الراحة عندما أشعر به مرهقاً .و هذا هو أول ما أفعله في تلك المرحلة , لا أضغط عليه كي ينتج أفكاراً بل أمنحه الراحة التي يحتاجها .
2) ورقة و قلم
بعد أن أخذ عقلي راحته , بدأ يفرز بعض الأفكار العشوائية التي إن لم أسجلها في حينها اختفت . لذلك فإني أحتفظ بورقة و قلم دائماً حتى أدوّن أي شيء يخطر ببالي حتى صار الأمر عادة .
3) التخلص من ( الكراكيب )
و الكراكيب هي كلمة عامية مصرية تعني الأشياء الزائدة عن الحاجة .
عندما أشعر بعشوائية في داخلي , فإني أقوم بالتخلص بالكثير من الكراكيب الموجودة بغرفتي , أشعر كأني أتخلص من كراكيب عقلي معها . لأنني عندما أنظر لغرفتي فأجدها نظيفة مرتبة , أشعر براحة نفسية كبيرة و هو ما يحمّسني للقيام بالكثير من الأشياء و على رأسها الكتابة .
4) قليلٌ من الطعام يكفي
عن المقدام بن معدي كرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن .
لا شك أن إمتلاء المعدة بالطعام يسبب خمول عام في الجسد و العقل , لذلك فإن قدرتك على كتابة مقال أو القيام بأي عمل يعتمد على العقل تقل بنسبة كبيرة عندما تمتلئ معدتك بالطعام , لذلك جاءت النصيحة النبوية بالإقتصاد في الطعام .
5) إطلاق الشرارة
ينص قانون حفظ الطاقة أن : الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم .
كذلك الأفكار لا تأتي من العدم , بل لابد أن تطلق شرارتها حتى تنفجر الأفكار بين جنبات عقلك . و هذه الشرارة يمكن أن تكون موقفاً أو صورةً أو مقالاً ... لذلك فإن النظر للأمور من حولنا بطريقة تأمّلية يمنحنا الكثير من الأفكار .
6) الأسلوب المميز
عندما بدأت كتابة المقالات منذ أكثر من عامين كانت كتاباتي عشوائية , لكن شيئاً فشيئاً بدأ يتبلور لي أسلوب مميز في الكتابة , و قد سهّل هذا الأمر علي كثيراً فقد أصبحت الأفكار تتشكل في رأسي بنظام و ليس بعشوائية كما كان الأمر سابقاً .
و حقيقة رغم صعوبة تلك المرحلة إلا أن التعامل معها بحكمة يجعلها بداية إنطلاقة جديدة قوية .
شاركونا تجربتكم مع ( إنقطاع الوحي ) .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
شكرا لأنك شاركتنا مثل هذه التجربة ووضعت حلولا قد تساعد في عودة الإلهام والوحي من جديد .
فعلا هذا ما حدث لى بالفعل
قمت بجولة على كتاباتك وكم هي رائعة ، استمر .
مقال بليغ، سهل ومرن وممتع ومفيد، حتى المجاز جاء لطيفًا كقولك "أن تروّض الأفكار حتى تطيعك" .
وبالنسبة إلى تجربتي الخاصة، للأسف ما زال نظام كتابتي عشوائي، ونصائحك الممتازة أرجو تطبيقها .
بورك قلمك .
على الكاتب أن ينظر للكتابة (كـــ حلم ) كي يتجدد الوحي ويستمر انتاجه الأدبي ،
فــ للهدف نقطة نهاية، وختام وصول بنهاية سطر كئيب ،
أمــا الكاتب الذي ينظر للكتابة كــ حلم ، حلم جميل ،فإن اسلوبه يزداد تميزا بتغيّر ألوان احلامه (التي لا تموت ) ،
فالحلم يظل مستمرا يتجدد بمدى خيال و روح وإبداع الكاتب .
المرئية ، وكما ذكرت ، فى البداية ستشعر بالمشقة وبالتالى ستكون كتاباتك عشوائية لكن مع الإستمرار والممارسة ستبدأ الأفكار تدريجياً بإنتظام ويسر
مقال رائع ... بالتوفيق
أعتقد ان الطاقة تستحدث من العدم ، عن تجربة مني يحدث ذلك لأنك ستكون بين تحد و مغامرة يفرضان عليك المخاطرة و تحتاج الى طاقة ، مع العلم ان رصيدك منها منته لكن تأكد عمرو ان الطاقة تتجدد من العدم و هذا النوع بالذات لا ينفذ مستقبلا و لك ان تعقب على طرحي الأخير وهو : لما لا تنتهي الطاقة المستخلصة من العدم؟؟؟
لست اعرفك جيدا و لكن اقدر نسبة ذكائك من كتاباتك المميزة..رائع أكيد................
إحداث التغيير في أسلوب حياة الكاتب و ظروفه و المحيط حوله له أبلغ الأثر.
تحياتي سلمت يداك التي تكتب دوماً مواضيع رائعه
لكن وحدك من تطرق لموضوع هام ، لم يلتفت له العامة ،
وهو إنقطاع وحي الكتابة !!
او كما اصف نفسي احيانا
(حبل افكاري مقطوع) حين اعجز عن الكتابة ؛ رغم وجود الفكرة ورغبتي في الكتابة والتعبير لكن عقلي لا يجاريني !!
استفدت من مقالك كثيرا ، ورغم جميع نصائح تجربتك التي ذكرتها في مقالك تشبه تجربتنا ، لكن لم ننتبه لها ولم اكن اتوقع ان عامل الكراكيب وإرهاق العقل وإمتلاء المعدة سيؤدي لإنقطاع وحي الكتابة !!
صدقت فيما ذكرت بعامل الشرارة !
فهو من ينبت لي بذرة الفكرة !!
مقال رائع ومفيد للغاية ......
دام قلمك استاذ `