لم ألاحظ في أيامي السابقة بأنني أشعر بشيء غريب ! لمجرد أنني لم أتفقد كفاءة عيني حديثاً !

لقد أعانتني عيناي بلا مساعد لمدة لا توصف بالقصيرة أبداً ، فأربعة عشر عام ليست بالشيء الوجيز .. وما أن أعلنت استسلامها رفعت أيديها واهتزت لكي أطلب من يخطو عنها بعض ما تبقى من مسافات !!

آه عيناي كم سلكتما في سبيل راحتي .. وأيام حياتي !!

مكثت عيناي ومساعديهما وإياي لست سنواتٍ رهقات جداً .. وما أن شعرت باستعادة عيناي لنشاطهما ثانيةً ، أعلنت عدم حاجتهما لمساعدٍ دون أن أكلف نفسي عناء الذهاب لعيادة البصريات لفحصهما .. فتركتهما وحيدتان بلا شيء .. فقط معي وحسب !

ومضت خمس سنواتٍ وعيناي يكافحان وحدهما ! ربما كانت أكثر سنوات حياتي شقاءً وراحةً لم أعد أشعر بها ثانيةً بعدها ! وحان الوقت لعيناي أن يوجها رماحهما الحادة صوب رأسي ، فأشعر ثانيةً بحاجتهما لمساعدٍ جديد بمهاراتٍ جديدةٍ ..

لا أعلم ربما قد أجرمت بهما وجردتهما من ذخائرهم ، واستنفذتها بحفاوة حتى الزوال ، أو حتى تلك النقطة التي بدأت بتصبيرهما في ذاك العمر الصغير ! 

هل الحياة بوضوح تفاصيلها تكون أقرب ! أكثر بهجة وتفاؤل ! هل ستكون منظمة كما لم تكن قبل ! هل أشتاق الراحة لعيناي !! لا أعلم لكن الحياة لا تحتاج فقط لعينان يقومان بعملهما بكفاءة ! بل تحتاج للبصيرة قبل البصر ! لعقل حكيم يكمن داخل قلب رحيم ! يزن الأمور قبل تنفيذها ! يقرأ الخطأ مراراً ، فيكتشف علله ويصوبه !! لعلنا لسنا بحاجة للبصر الذي يعشق القشور السطحية ! بل نحن بحاجة لبصيرة تذهب إلى الأعماق فترفع الغطاء !!