جدرانك السميكة هي سند لي ومرافق كلما خطوت فوق حجارة أرضك المصقولة، لا تناغم ولا تجانس يذكر في ما يعرضه علي طريقك عدا وحدة هذه الجدران، تكاد تحسبها واجهة لبناية واحدة من كثرة تشابهها لولا تعدد المداخل. يعرض علي أرخص أنواع العطور وأكثرها أصالة، رائحة الخبز والطلاء الحديث للجدران ودخان السجائر. ويعرض علي أغرب موسيقى ذات إيقاع، أصوات النافورة وصراخ الأطفال ودندنة مدخن السجائر.
أرفع رأسي إلى السماء باحثة لي عن مهرب من هذا، فتقع عيناي على سقف من الخشب أنشأته أنامل حرفي مبدع ليحمي باطنك من أعين الغرباء، إلا أنه لم يحم زائرتك من نظرات الفضول المرسومة على وجوه نساء اخترقن برؤوسهن ظلاما طبع خلفية نوافذ الواجهات الصغيرة. شعور غريب اعتراني لوهلة كان يتأرجح بين الاحتواء والاحتجاز، فيميني مغلق ويساري مغلق وفوقي مغلق، طريقي مجهول النهاية والعودة تعني الخضوع لسطوتك.