متى تعرف السعودية وإيران أنهما الجزء الأكبر من المشكل.. ؟. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

متى تعرف السعودية وإيران أنهما الجزء الأكبر من المشكل.. ؟.

سورية واللاحل

  نشر في 07 فبراير 2016 .

ابراهيم حياني التزروتي.


لم تعد المبادرات ولا الأفكار –التهورية- التي يعلن عليها النظام في العربية السعودية بين الفينة والأخرى مثيرة للاستغراب ولا حتى العجب، فعلى ما يبدو أصبح الأمر من ملازمات سياسة القيادة الحالية للنظام ، حيث ألفنا أن يخرج علينا كل يوم أحد من الساسة في البلد بفكرة أو مشروع لحرب جديدة، وكأننا أمام مواسم لعروض برامج الواقع التلفزيونية، ولسنا أمام قضايا مصيرية لأوطان وشعوب، ولعل أخيرها وليس آخرها حتما، هو إعلان نيتها التدخل بريا في سوريا.

المتحدث السعودي باسم عاصفة الحزم "أحمد العسري" أعلن عن الأمر في تدوينة الكترونية، وكأن قوات بلده ومعها قوات حلفائه ذاهبة في نزهة برية، أو كأنها ستغزو قرية أو مدينة صغيرة، وليس خوض حرب ضد دولة وبلد في حجم سورية، وبنظام أصبحت قضية بقائه -مسألة وجود- لثاني أقوى دولة في العالم التي هي روسيا، وثاني أقوى دولة في المنطقة أي إيران وأقوى جماعة مسلحة في العالم التي هي حزب الله .

نحن لا نقول هذا ليس للدفاع على النظام، ولا حتى للتهويل من أمر التدخل..، بل لأننا نعتقد أنه لو كان النظام السوري بذلك الضعف والصغر الذي من الممكن أن يجعل معه دولة في مثل العربية السعودية تقرر التدخل فيه بريا من خلال الإعلان بذلك في تدوينة الكترونية، لما بقي هذا النظام أصلا صامدا إلى اليوم.

هذا القول كذلك ليس ثناء على قوته أو أي شيء من هذا القبيل، فالأمور غير ذلك إطلاقا، ولا ننظر من هذا المنطلق أصلا، بل إننا نقول ذلك لأن الوضع لم يعد قضية بقاء نظام بشار الأسد في السلطة من عدمه ، الأمور أصبحت أكبر بكثير من النظام واكبر حتى من السعودية وإيران نفسيهما، هذا من جانب.

من جانب ثاني الحكام في البلد الشقيق يريدون إقناعنا ببساطة أن باستطاعتهم خوض مواجهتين حربيتين على جبهتين مختلفتين والبلد في أوج ضعفها الاقتصادي، خاصة بعد وصول البترول المورد الاقتصادي الرئيسي ل 30 دولار للبرميل، وبعجز تاريخي في الميزانية بقدر 87 مليار دولار، يعني ما لم تستطع أن تفعله أمريكا في أوج قوتها عندما فتحت الجبهة العراقية سنة 2003 بدون حسم الجبهة الأفغانية، فكان الخطأ الاستراتيجي الجسيم الذي كلفها غاليا، لأنها كانت تعتقد أن لها من القوة ما يجعلها تخوض حربين في آن واحد، لكنها كادت أن تخسر الجبهتين معا إذا لم يكن ذلك وقع فعلا، و المؤكد على الأقل أنها لم تحقق أي نصر بين فيهما، فكيف إذا فالعربية السعودية.

إن ما لا يريد أن يعيه ويستوعبه الحكام السعوديين جيدا، هو أن نظام "بشار الأسد" الذي تريد إسقاطه، لم يعد أصلا هو من يقرر ماذا ما يجب أن يكون أو لا يكون، كما أن كتائبه لا تقاتل من اجل بقائه هو فقط، والأهم من هذا وذاك أنه ليس من يحكم ويقرر مصير سورية..، لكن من كل هذا فالقضية أصبحت مسألة -أمن قومي- خاصة لروسيا بالدرجة الأولى، بل قد لا نكون مبالغين في قولنا أنها أصبحت بالنسبة لها مسألة وجود.

ثم بعد ذلك بدرجة ثانية أنها مسألة إستراتيجية كبرى بالنسبة لإيران ومعها حزب الله، وعلى غاية في الأهمية بالنسبة لها، خاصة في صراعها مع بقية القوى الإقليمية الأخرى نحو الهيمنة على المنطقة.

فإذا أرادت السعودية وحلفاؤها أن تخوض حربا ضد بقايا النظام في البلد، فعليها أن تجهز نفسها أولا لقتال الأطراف التي تحميه والتي لن تقبل بسقوطه مهما كان الثمن، وهو الشيء الذي نجزم أنها لن تستطيع ذلك، حتى وان كان معها بلدان أخرى من ذلك الحلف (السني) الذي سبق وان قامت بتشكيله، فإذا كانت لم تستطع استعادة العاصمة اليمنية من الحوثيين حتى (وليس هزيمتهم)، فكيف بها أن تهزم نظام وحلفاء بشار الأسد؟، مع أنه بالطبع لا مجال للمقارنة بينهما في أي من المجالات.

لكن ما لا يعد له الساسة في البلد أدنى حساب، وربما حتى الاستخفاف واللامبالاة بالأمر، هو تلك النتائج والعواقب التي حتما ستكون أشد تدميرا و أكثر تأثيرا بها على المنطقة ربما أكبر من كل الحروب السابقة، لو تم القيام بالأمر، ببساطة لأن احتمالية تحولها إلى مواجهة عالمية وارد جدا، لأنه نعتقد أن روسيا لن تسمح بأي شيء من هذا القبيل والدواعي لهذا كثيرة جدا، (وسنوردها في مقال لاحق).

أما أعظم الكوارث والمصائب المحتملة على الإطلاق، فهو دخول جيوش أكبر ست قوى إسلامية في مواجهة مباشرة فيما بينها، (تركيا، إيران، باكستان، السعودية، مصر،سوريا، اندونيسيا)، وهذا كفيل لمعرفة خطورة ومصيرية الخطوة السعودية، يعني نقول مبروك لإسرائيل من النيل إلى الفرات، ومبروك الزعامة المنفردة ولا عزاء لأصحاب الحروب الطائفية.

أما لو افترضنا جدلا و صدقنا الرواية والغطاء المعلن الذي قدمه المتحدث باسم عاصفة الحزم لذلك التدخل المرتقب، والذي كما قال هو لمحاربة "الدولة الإسلامية"، فما ينساه أو يتناساه حكام هذا البلد وهم يعلنون أنهم بصدد البحث عن حل للأزمة بالتدخل بريا لمحاربة "الدولة الإسلامية "كما يتم الترويج له ، هم أنفسهم من أوحوا إلى أزيد من مائة عالم ورجل دين، في فبراير من سنة 2012 (أي البدايات الأولى للثورة السورية)، بإعلان الجهاد والنفير ضد نظام بشار الأسد في سوريا، فتم حشد وتجييش الآلاف من الشباب للذهاب للقتال بدعوى "الجهاد" هناك، وهؤلاء هم نفسهم من يشكلون اليوم النواة الصلبة للتنظيمات التي تريد أن تحاربها العربية السعودية اليوم.

فإذا كانوا صادقين في نواياهم فعلا، فلماذا لا يقر الحكام في البلد بخطيئتهم إذا؟، ويعلنون للناس حقيقة الأمر وان ما يقع الآن سببه سياستهم المندفعة وبحماسهم الزائد، من الذي جعلهم لم يدركوا حقيقة الأشياء ولم يقدروا عواقب الأمور، وأن ذلك كان تهورا وطيشا سياسيا لن يتكرر مرة أخرى.

بالطبع نعرف أنه لن يحدث أي شيء من هذا كله، فلا الساسة في البلد سيعترفون بخطاياهم، ولا حتى سيقومون بأبسط شيء معمول بها في مثل هذه الظروف أي بتقييم الحصيلة السابقة، لأن العقلية غير قابلة لتقبل النصيحة ولا حتى لمناقشة الأمر للأسف الشديد.

لكن ما يجب معرفته هو أن بسبب سياستها المتخبطة والعشوائية فإن السعودية أصبحت تعيش مأزقا حقيقيا على أكثر من جبهة، خاصة في كل من اليمن وسوريا، وبدل الاعتراف بهزائمها وفشلها المتوالي في السياسة التي تنهجها في المنطقة، فإنها فضلت الحل الآخر وهو أن تغرق معها اكبر قدر ممكن من الدول الاخرى كي لا تحمل المسؤولية لها وحدها.

لكن حتى بغض النظر عن كل الأسباب والذرائع التي سيخرج بها للتغطية على التدخل، فإنه مع احترامنا للساسة الأشقاء في هذا البلد ، فالذي يجب معرفته، بمعية نظرائهم في إيران كذلك، هو أنهما الاثنتين معا، هما الجزء الأكبر من المشكل وليس من الحل، وأنه لولا سياستهما الطائفية والتدميرية في المنطقة لما وصلت البلد إلى ما هي عليه الآن، ومادامت العقلية لم تتغير، واستبعاد ذلك على المدى القريب على الأقل، فانه ما علينا إلا أن ننتظر مزيدا من الحروب والدمار والتي ربما ستكون أكثر ضراوة وشدة من التي نراها اليوم .



   نشر في 07 فبراير 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا