قبل الحرب ، كان جُلَّ تعنيفاً ممكن أن نتعرض له من الواقع الحياتيّ كأطفال هو : اما "ابو طبر" او "السعّلوة" ،حيث على رغم اننا لم نرَ يوماً وجه احدٍ منهما قط بل كدنا نحاول رسم ملامحهما مستعينين بأكثر أيقونة رعباً وتخويف مرت على أعيننا سواء عبر مشاهدتنا لافلام الرسوم المتحركة او افلام الرعب ، في غالب الوقت كان "فيلم اللُعبة" المُتاح الوحيد لتخيل وجوه الاشرار ، حيث لشحة استيرادنا مثل هكذا افلام لبلدنا "العراق" دوراً لضيق أفق مُخيلاتنا المرعبة ، كونناً بلدٌ لحدودهِ شرائع وليس من السهل نفاذ أيّ شيءٍ كان ، وبالتاكيد هذه الإسنة غدت في زمن "كان" !!
حديثنا ... ايّ إنَّ هذين الشخصيتان مجرد ابتداع مُجتَمعي قديم متفقٌ عليه عراقياً" و ذلك للحد من شغبنا الطفولي -نحن الصغار- آن ذاك ، لكن الشخصيتين بدت امراً مرعباً ، مثلاً ، إذا أراد أحد الوالدين أن يرغمناً على النوم ظهراً او في وقت المساء الباكر حتى لو لم يخطر على أعيننا النوم ف"السعلوةّ" أو "ابو طبر" السبيل الأسهل ؛ وللحدِّ بشيءٍ قليل من شغبنا ، وايضاً على طاعة أهالينا ، والشي الوحيد الذي كنا نتمناه -نحن الأطفال- هو زوال هذه اللعنة والتخلص من رعبها وأن تنام في سُباتٍ عميق لا صباح لهُ بدلاً عن كرهنا نحن لهذا النوم .
اللعنة التي تُخيفُنا برغم جهلنا لشكلها وهيئة شخوصها النكرة التي كدنا رسمها على هيئة "اللُعبة تشاكي" .
ثمّ إلى أن شُنّت حرب ٢٠٠٣ ، واذا بخروج كمٍّ هائل و لا يُحصى من "السعّالو" و "ابو طبر" و "اللعبة تشاكي" بشكلٍ زنّان اشبه بجيوش النحل المفترس الذي هجم بعد دخول احدهم الى منحلهِ ساهياً عن خوذتهِ الوقائية ، ليهجموا على الساهي هجمة جماعية لا نظير لها سوى في بلادي .
و إلى الوقت الحالي ، ووجوههم باتت مألوفة لنا وملأت الشوارع حتى إنها أصبحت لا ترعبنا .. والتي هي كما القردة والخنازير أجلَّ الله الأخيرين من التشبيه ، وحتى هيبة الأولين من "ابو طبر" والمدعوة "سعلوّة" ما اخافنا هو صيتهم الماضي فحسب ولم يكونوا لنا مصدر اذىٍ فعليّ كما زعم اهالينا عند الترهيب ، وحتى إنهم لم يكونوا الأكثر شراً كما الحاليّين .
والحقيقة المُجردة من الزيف ، أن طفولتنا لم يُخيفها شخصيات خرافية شعبية ؛ ما تسبب حقاً بأشدِ خيّفة لنا هو عند عام ٢٠٠٣ - نحن الأطفال- كانت دويّ الصواريخ والغارات المستفزة بأصواتها الشريرة والتي لم تُعرفّنا عن هويتها مسبقاً قبل تلك المناسبة ، اما الوحوش التي خرجت من كهفها خلال الحرب والتي لا زالت لوقتنا الراهن هذا، لم نكن نشهدها من قبل لا لاشكالها العفِنة ولا أفعالها الأكثر عفناً ، هي كانت أكبر صِعاقنا من الوحوش المسكينة التي أُستخدمت تخويفاً للاطفال رغماً عنها وبهكذا طريقة واهمة والتي بدت فيما بعد إنها الأسلمُ صنفاً والأقل جُرماً من وحوشنا الحاليين .