حين يتغنى الغني عليك بكثرة المال و العز و الجاه فاعلم أنك أمام متملق مسافر برقبته الى فوق حيث لا تسع الأرض روابي سالكيها و لا تحمل السفن مجاديف كادحيها في واجهة هذا الصنف من الناس، رفقا بنفسك اذا أردت أن تنظر فيما عند الناس من مال ، و صونا لعرضك ان أردت أن تتطاول عيناك على ما يغضب الرحمان ، تعفف ، و استعفف ، ارتح و أرح بالك و قلبك من ركضك خلف طاحونة لن تتوقف لك بحسب رغبتك بل بحسب برنامج اللهف على الدنيا كما يراها الناس و هم يدورون في دوائر الطمع و اللهف ، لا تجلب لك متاعبا أخرى أنت في غنى عنها ، البس ما يعجبك و عش بما يريحك ، أطرب قلبك بحب الله تنعم عيشا و لو بت خالي الشبع مما تراه عند الناس ، يا سيدي لما تختلس النظر لمن لا يليق بعيناك في ما تملك ؟ ، أترك نواميس الكون تدور في أفلاكها و دع الناس و شأنهم و لك أن تنظر للجائع كيف يقتات أكلا لم يكن نظيفا من مكان تلعب فيه الفئران و القطط ، طهر طمعك و اشبع مما لم تشبع منه ، ليس ضروريا أن يسألك الناس كم هي أعمدة العلو في بيتك فلك أن تجيبهم أنك مرتاح و كفى في أرضية منبطحة بسيطة تسع سريرك و جسدك ، ليس شرطا أن تجيب على كل الأسئلة لأن منها ما سيكون مثيرا لأعصابك ليس الا.
ان كان مقاسك يناسب طموحا بسيطا فلا تزد عليه في البرامج ، لأنك ستتعب و تفقد الكثير من المكاسب ، فكر في غناك بما يناسب عقلك و بما يساعد قلبك ان ينتفض في قناعة ،فليس شرطا أن تبدو أكثر جمالا ،و من المقارنة ما بث الوساوس في حوارك مع اللاشيء، لأن الجمال الحقيقي هو ما تحمله روحك من براءة ، يكفي و يكفيك و ستكفي نفسك من كل ما هو زائد في برنامج عيشك ، عش في جلبابك بما يسعه جلبابك من مقاس ، لا بما تسعه نفسك من أهواء ، فالنفس ان اتبعتها أخذتك للهاوية فتغرق أنت و جلبابك ، أرح ابتسامتك و صل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما كان النادر الأندر في التعفف ، فمن تكون أنت حتى لا تقبل بالتعفف بل تزدريه ؟.
ما تعب من عاش في جلبابه و ما شقي من نام على طبيعته و لم يقلد من لا يسعه جلبابه ، فالأجساد سيلفها عند الرحيل مخيط واحد هو للناس موحد ، أعتقد حينما تتذكر أن هذا هو ملبسك في الرحيل ستكتفي بجلبابك الآن و لا تفكر في أن ترتدي ما لا يليق بتعففك ، زهدك في ملبسك يعفيك عن الأرق ليلا و عن الركض نهارا ...اسمعني و خذها مني كلمة واحدة : استعفف .
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية
التعليقات
و لكن هل من مستمع؟ "انها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور"
مقال جميل استاذة سميرة. بارك الله فيك