البُعد الآخر !
عندما وُجِدَت يوتوبيا !
نشر في 03 أبريل 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إني أسمع من ينادي من بعيد .. حروف متقطعة هي غير واضحة .. صوت جريح مبحوح .. أصغي لكني لا أسمع .. ربما هو صوت الريح ؟! ربما .. في الفترة الأخيرة حدث في العالم حدث مهم .. لا تدري ! كيف لا تدري !! انه حفل توزيع جوائز الأوسكار أنا أشعر بالحماس .. خصوصا و الصوت قد اختفى الآن .. اذن سأشاهد الحفل بدون ازعاج .
هذا مدهش .. انه نجمي المفضل قد حصل على الجائزة بعد طول انتظار.. سأتابع الآن ما ارتدته نجمات هوليوود .
اللعنة على العالم كله .. كل العالم لا يستحق الاهتمام و أمي و أمك جائعة أمي وأمك و جدتي وجدتك جائعة .. انها هناك ممددة على الرصيف في زمهرير الشتاء تصيح بصوت ملتهب طالما سمعناه و تجاهلناه : اني جائعة .. ساعدوني .. اني جائعة !
بعد هذه المقدمة القصيرة من خواطر جاءتني يمكنني بدأ ما أردت أن أقول تجري في العالم الآن ظاهرة لا يذكرها أحد .. هناك من نساها أو تناساها لكن .. أليست الذكرى تنفع المؤمنين ! فرغم أن معظم بلاد العالم فد نبذت عن ستارها الحضاري العنصرية والتبلد .. فإنني ولست وحدي أجدها الآن في كل مكان .. عنصرية وتبلد احساس بالغير غير عادي قد سيطر على الشعوب ! سمع أحدهم يعترض قائلا : إنه عصر الحرية .. نحن نعيش حياة بلا عنصرية . لكن كيف هذا وأنا أجد الفقر والجوع لا يترك مكانا إلا وسيطر عليه .. الناس يهتمون فقط بما يرونه ظاهرا وما تتعمد إظهاره جهات عليا لتسيطر علينا وتجعل عقولنا فارغة إلا من التفاهات التي نتلقاها بانتظام .. ومن أكبرها هي الأوسكار !
نعم .. فإني وبما أننا في عصر الحرية أريد إبداء رأيي في الأوسكار .. فأنا وبدون أي اعتراض على أن الفن الحقيقي يستحق تقديراً .. أرى أن هناك الكثير من القضايا التي يجب أن نهتم بها غير الأوسكار .. وان كانت هي أفضل ثاني جائزة في العالم بعد نوبل فهي لا تستحق هذا .. بالفعل لا تستحقه - رغم أن هناك بعض الأفلام العميقة والهادفة تظهر من حين لآخر كفيلمroom الذي قامت بآداء بطولته الممثلة الشابة ب لكن هذا لا يمنعني عن الاعتقاد ان جائزة الأوسكار لا تستحق كل هذا التقدير ولا تستحق حتى أن تكون بعد نوبل مباشرة .. ان جازة نوبل جائزة عظيمة قدرت الفن والسلام والأدب والعلوم ..أما أوسكار فهي لا تضاهي نوبل .. جائزة تمثيل واخراج وأفضل أغنية وأفضل مكياج وأفضل فيلم قصيرأو فيلم رسوم متحركة .. نعم إنه فن أيضا .. لكن لم كل هذا الاهتمام المبالغ فيه .. أريد أن أهزالعالم وأقول له : استيقظ فأبناؤك يموتون جوعا وفقرا وظلما ومرضا .. أرى أخبار الجرائد و التلفزيون .. اشترت الفنانة فلانة عقدا بخمسين مليون دولار .. الويل ! خمسون مليون ! خمسون مليون دولار ينقذون المئات من الموت أحياءً ! لحظة .. أسمع الصوت الضعيف ينادي .. هل حقا أسمع حروف النون والجيم والدال والهاء وقد احتشدت في كلمة واحدة .. لا لا .. لقد انخفض من جديد .. فهم يختارون الآن من يستحق جايزة أسوأ ممثل ! هل حقاً هم يملكون وقت فراغ كبير لهذا الحد ! أرى يداً امتلأت بالتجاعيد ممدودة .. أرفع عيني لوجه صاحب اليد فأرى امرأة طاعنة في السن تطلب ولو جنيها لتشتري رغيفا يسد رمقها .. ألا يفترض بهذه المرأة الآن أن تريح ظهرها المنحني من كثرة الحاجة على وسادة وثيرة .. ألا يفترض بها في هذا البرد أن تنام على فراش مريح وتتدثر بأغطية تكفيها برد الشتاء ! وماذا عن احصاءات أغنى الرجال والنساء في العالم .. لم هناك جوع وكل هؤلاء بهذا الثراء الذي يعجز القلم عن كتابة رقم محدد له ! .. وماذا يفعل بيت آيل للسقوط بسبب فقر أهله العاجزين عن دفع ما يحميهم شر المبيت في الشارع !! بجوار قصر ذاك الرجل أو تلك السيدة الذي رُصعت أحجاره بالجواهر والألماس .. أسمع الصوت اليائس ينادي من جديد .. هل حقاً أسمع حروف الغين والواو والثاء تحتشد معا .. لكن لحظة .. هناك فنانة رصعت هاتفها الجوال المصنوع من الذهب بالألماس .. هل تصدق؟! ولم لا تصدق وأقل أجر لممثل يتعدى الملايين .. لم هناك مرض؟! ماذا يحدث للعالم ؟ هل هناك بعدان متوازيان ؟!! هل يعيش هؤلاء المساكين في البعد الآخر صارخين من المرض باكين من الجوع ! هل أحيانا تحدث فجوة تجعل أصواتهم تصلنا ؟! وهل تلك الفجوة كافية كي يسمعهم سكان بُعد الثراء والأضواء ؟ نعم يسمعون .. يسمعون فيتبرعون - إلا قلة – للبيئة والسينما ومراكز العلوم .. ولم لا ؟! فهم في النهاية متبرعون .
أسمع الصوت يتضح .. الصوت البائس .. أخيرا أسمعه بوضوح .. لحظة إنها عدة أصوات .. الكثير من الأصوات ..
النجدة .. أنقذونا .. ساعدونا .. نحن جوعى .. ساعدونا النجدة .. هل يسمعني أحد ؟!! أنا جائع .. أنا سجين .. أنا مريض .. النجدة .. هل يسمعني أحد ؟!!
يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضا وليس بمذنب ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرا نبحت عليه وكشرت أنيابها الإمام الشافعي
-
NoRan Abd El SaLaMلَيسَ الحُظوظ مِن الجسُوم وَشَكلها .. السِّـرُّ كُلّ السّر في الأرواحِ #إيليا أبو ماضي