صدرت مقالة الكتاب لأمين الريحاني (1876-1940) في كتاب الريحانيات، الصادر عن مؤسسة هندواي 2014. كُتبت بلغة رائعة وسلسة، وبأفكار مرتبة موضوعيًا. تناولت فيها أنواع الكتَّاب، وهم: من يكتب ليعيش، ومن يعيش ليكتب، ومن يعيش ويكتب.
وصف مؤلفات الصنفين الأولين "التعريفة الرسمية" بأنها دون تأثير، ولا يُكتب لها البقاء، لفقدانهما للعنصر الروحي العلمي، فالأول كاتب مأجور، والثاني بعيد عن الواقع، وهم لا يختلفوا عن أصحاب المهن. وفي صياغ الحديث أشار إلى محور مهم، وهو أن معيار الكتابة، وجودة الكاتب لا تقاس بكثرة المؤلفات، فقد تظهر في كتاب او كتابين، ومن هنا بدأ حديثه عن الصنف الثالث، الذي جمع ما بين الحياة العقلية والروحية والجسدية، فلا يكتب إلا في ساعة الإلهام والوحي.
وللتوضيح وضع تنظيرًا بين الكتَّاب الغربيين، ليدلل منها على أن الكاتب يقاس بمضمون ما كتبه، وبقدرته على البقاء والاستمرارية رغم مضي الزمن، والذي تصقله التجارب الحياتية الصعبة التي يمر بها، وليس اتساع ثقافته، وانعزاله عن ارض الواقع.
يشير بعد ذلك إلى رغبته في وضع مقارنة بين الكتَّاب العرب، الا أنه انتقل للإشارة إلى حديث النبي محمد ﷺ: "ما آتى الله احدًا علمًا إلا أخذ عليه الميثاق أن لا يكتمه احدًا". بعد ذلك صنف الكتَّاب تصنيفًا آخر، وهو: من يكتب ليرضي الناس، ومن يكتب ليرضي نفسه، الأول يجاري العامة مع اختلافهم، ويسلك مسلكهم، وهو مسؤول أمام جيبه، والثاني من يحافظ على حُرمة الأدب والعلم، ولا يسعى إلا لتقديم الحقيقة، كونه مسؤول أمام ضميره.
واختتم حديثه بالقول أن: "من يكتب للمستقبل لا يجازي عن علمه في الحاضر، ومن يكتب للحاضر فلا يبقى له ذكر في المستقبل".
-
Amal AlsablaniStoryteller