"أم يس" وجلب الحبيب من الواتس آب...
سر قراءة الفنجان في مداواة آلام الفراق.. كتبت- زبيدة عاطف
نشر في 13 ديسمبر 2021 وآخر تعديل بتاريخ 27 يناير 2024 .
تتخبط ذهابا وإيابا متربصة لكوب القهوة بيدها اليمنىو صورته التي تساوت أطرافها بحواف شاشة هاتفها، الاحتمالات أكثر مما ينبغي أن تكون، من قرائة فنجان وكف إلى تنجيم لمستقبل لا أثر له، وإن لم يعجبها ما سمعت ستلجأ إلى الخدعة الأقدم و الأشد جدلا "جلب الحبيب"، لا تسعَ سوى لخوض مغامرة جديدة مع ذكرى قديمة، أو هكذا أخبرت نفسها، لو فقط تتذكر اسم والدته، كم قليلةٍ هي المعلومات المقدمة مقابل نتائجها المرجوة، لا تحتاج سوى صورة له واسمه واسم والدته، كيف لا تعلم اسم والدته..يبدو أنها كانت حبيبة لامبالية على أية حال!
يعاقبها خيالها ويرسمه مقبل تجاهها ساخرا من أعذارها الواهية، واعدا إياها لو خطت أقدامها عتبة مئة دجال و صنعت ألف "حجاب"، فلن يحجب أيهم عن ذاكرته قط قسوة الماضي معها، تهز رأسها في عنف وتنفض عنها محاولاتها لجلد ذاتها، يلاحق طيفها في خيالها طيفه، وتُفجر في وجهه وابلا من الكلمات الحافظة لما تبقى من ماء وجهها،تحلّق في عينيه كي تجد كلماتها طريقها إلى قلبه، تبحث عما يطفئ لهيب كرامتها، تتلعثم قليلا ومع ذلك تندفع منها الحروف دون هوادة وهي تتحدث لطيفه في خيالها وتقول :
"لأيام طوال مرّت كالعمر بيننا بنيت عندك مسكني، والآن تخونني خلاياي وتحزم أمتعتها هاربة إليك، لا ليس إليك بل إلى مسكنك، لا تخطئ الظن بي صديقي وتُرجع آلامي لغيابك، فلا أنا باحثة عنك ولا عن شبح وجودنا.. لكن بيتك هو مأواي الأخير الذي أملك مفاتيحه، لذا استمحيك عذرا إن هرولت إليه روحي دون حق اللجوء.."
"أم يس وجلب الحبيب من الواتس آب.."
تعقد العزم و تبحث عن "أم يس" في هاتفها قارئة الفنجان و جالبة الأحباب، تتعجب كثيرا من قدرة هذه السيدة ذو العلم البسيط أن تجذب اهتمام الأثرياء الرافضين تصديق كونهم مرفوضين، كل ما احتاجته هو "عدة صيني" لم تكلفها سوى مئات الجنيهات ووصلة انترنت جيدة، وبعكس الطرق التقليدية حيث تأتيك "ضاربة الودع" تعلن عن نفسها وحجابها المكشوف و تعدك أن تجلب لك الحظ و الحبيب وكل ما تشتهيه نفسك، في عالم الفيس بوك والواتس آب تأتي الزبائن إليها فرادى وجماعات، أغلبهن سيدات مُلئت أجوافهن بالمال الوفير و الخرافات العقيم، تتوفر جميع الخدمات الآن دون الحاجة إلى رؤيتك أبدا، تحلل الصور وترى المستقبل و تحذرك من الثعابين المحيطة بك و تعدك بغدٍ حالم لا تفارق فيه صورتك مخيلة حبيبك المرجو جلبه.. هكذا منّتها "أم يس" بلقاء حبيبها-التي لا تتذكر اسم والدته-تحت سقف واحد، هكذا وعدتها أن "الحرباية" التي فرقتهم سينكشف لونها الحقيقي أمامه في القريب العاجل، حتى لو كنتِ أنتِ المتلونة في هذه الحكاية، هذه تفاصيل لا تشغل بال "أم يس"، فمن يدفع لها المال حتما هو النقي الطاهر العاشق.. ولسخرية القدر رفضت أن تأخذ منها الأموال لقاء هذه الصورة، فهي الآن "تربي" زبون كما تقول وترى في وجه الفتاة الضائعة أرقام أُخرى لزبوناتٍ أُخريات أيضا تائهات يبحثن عمن ينتشلهن ويسبر أغوار مستقبلهن المظلم.
حين يجدن طريقهنّ إليها سيكون هاتفها مشحون وحسابها البنكي مفتوح لتلقي مئات الجنيهات والدولارات حسب طبيعة الزبون.....
-
زبيدة عاطفأنا أشك..إذن أنا أفكر..إذن أنا موجود