في زمن الصراعات التي تشهدها أمتنا و التي ما لبثت أن تبقى دونما صراعات .. كل منا يدور في مخيلته حلم الأستقرار أكان استقرار نفسي أو معنوي، بعيداً عن صخب المكان الذي نعيش فيه ..
تكالبت علينا الامم من كل حدب و صوب من بعد أن قاموا ببث سمومهم في مجتمعنا، قاموا بتشتيت العقيدة و خلق الطوائف ومن ثَّم مزقوا أرضنا و أصطنعوا الحدود، بل والأنكى أننا أعناهم و قُمنا بصنع الرآيات بألوانٍ تُحاكي الفرقة و نبذ الوحدة التي كنا عليها، غسلوا عقول أطفالنا و لوثوا براءة آمالنا على التراجيديا و الكوميديا و الأخبار و رسوم الأطفال، و اذاعاتنا تنشر دونما هوادة .. لنؤكد لهم أننا على خططهم سأئرون .. ألا إننا هائمون ..
هائمون على وجوهنا و كل يوم يأكلون من عقولنا علماً و من أجسادنا عمراً و من وطننا شبراً و لم يتبقى من مشاريعنا اليوم إلا قبراً..
لم يدفعوا عن أغتصاب أرضنا مهراً.. أذاقوا أطفالنا و نسائنا ذلً وقهراً حيث صُراخهم على الأخبار يذاعوا جهراً هناك .. بفلسطين و العراق و سائر بلادنا بل و بورما، لا خيار لهم إلا العيش خنوعاً او الموت صبراً و قد طال بهم الصبر دهراً .. رفقاً بهم ..
هائمون خلف أحلامنا في واقع مصيرنا و حتى منامنا فليس لنا إختيار فقد وضعوا لنا الخيار، إما أن يحتلوا وطنك عنوة أو أن تهاجر إليهم لتوفر عليهم مشقة السفر إليك، ليحتلوا عقلك و مفردات كلامك ..
أو أن تبقى تعاني ويلاتهم في وطنك، حيث التعليم أصبح جهلاً و الطب أصبح حِكراً و نفايات شوارعنا باتت عطراً و رغيف الخبزُ أصبح من الكماليات، حيث القتل أصبح هواية حيث السجن أصبح نِكاية حيث الحب أصبح جناية حيث السلام أصبح رواية حيث المرض أصبح وقاية حيث الفُتات أصبح كفاية حيث الصدق أصبح وشاية حيث الوطن أصبح وصايا ..
الخلاصة .. بينما نبكي وطنً ألعابُ اطفاله بقايا حرب وشبابه بين الإعاقة و الشُرب .. أهلنا اليوم يخوضُون عُباب البحر بحثً عن الإستقرار و هرباً من معترك الأديان من بعد أن خاضوه أسلافنا سابقا من أجل الفتوحات .. للأسف، حالنا اليوم يلخصه القباني في إحدى كتاباته والتي صدفت أن تكون واقع يومنا و ربما مستقبلنا ليعزف على أوتار مشاعرنا حزناً تأصل في وطننا و في أعماقنا ..
مواطنون دونما وطن ..
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن ..
مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن ..
أوراقنا مريبة ..
أفكارنا غريبة ..
أسماؤنا لا تشبه الأسماء ..
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا ..
ولا الذين يشربون الدمع والشقاء ..
مواطنون دونما وطن ..
م. أحمد الغزيوي
-
م. أحمد الغزيوى...