يوميات كاتب في مركز المعلومات ( السيد حُجة و السيد ملاحي .. رفقاء العمل الجدد) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

يوميات كاتب في مركز المعلومات ( السيد حُجة و السيد ملاحي .. رفقاء العمل الجدد)

  نشر في 04 أبريل 2017 .

يومان قبل يوم البدأ الفعلي للعمل ، أتى إلى مقر الشركة من أجل إمضاء العقد ، قصد المبنى المكون من 5 طوابق ، خصص ثلاث منها لشركة أخرى منافسة ، و خصص الطابقان الأخيران للشركة التي بها سيشتغل ، و الحق أنه فرح أيما فرحة بمقر الشركة الذي يتواجد بقلب الدار البيضاء النابض بحي المعاريف ، و هو مكان استراتيجي ، فضلا على أنه ليس بعيدا كثيرا من مقر سكناه ، و استوطن سوق ممتاز أسفل العمارة ، و إلى جانبه يسارا ، بائع فطائر مغربية ، يبدأ عمله في الساعة السادسة صباحا مع بداية خروج المارة إلى الشارع بعد صلاة الفجر ، و ينتهي منه في الحادية عشرة صباحا ليعاوده بعد الزوال إلى مغيب الشمس ، و تجارته رابحة ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لا يكاد الزبائن يتوقفون عنه إلا ليعاوده جدد . في الجهة المقابلة للشارع الكبير تتصاف محلات الأكلات السريعة ، جنبا إلى جنب مع مخبزة عصرية ، و محل لإصلاح العجلات .. كانت هذه الصور وحدها كفيلة بإدخال الراحة على نفسه ، لأنه كشخص لا يستطعم البعد عن مركز المدينة ، فعلى العكس من هناك ، كان المقر الذي اجتاز فيه مقابلة العمل مستوحش فعلا ، فبالرغم من أنه فخم جدا مقارنة بمقر يعقوب المنصور ، إلا أن الذي يشتغل هناك تلزمه ربع ساعة كاملة من المشي و أكثر من أجل أن يتناول وجبة غذاء في إحدى محلات الماكولات السريعة الجاهزة ، في حين أن حي المعاريف يعج بالمحلات من جميع الأصناف ابتداء من المصنفة هبوطا نحو محلات الأمل الرخيصة ! كان الأمر أشبه بالإستغناء عن شيء ، للحصول على أشياء ، وكان هو كشخص ، مستعد للتضحية بفخامة البناء و الخضرة ، من أجل أن يعيش في وسط شعبي .

ارتقى المصعد ، و دخل بعد أن فسحت له ابتسام حنين بضغطة زر ، و قابلته بابتسامة ترحيب مهذبة جدا ، و استأذنها أن يدخل إلى مكتب الموارد البشرية ، دخل فوجد أسماء بوبكري ، خاطبته بترحيب قائلة :

ـ أهلا سيد يعقوب

ـ أهلا اختي .. اسمك أسماء أليس كذلك

ـ نعم هو ذاك ، حسن ، عليك أن تذهب إلى مكتب مديرة الموارد البشرية في الشركة ، السيدة ابتسام ميمون من أجل إمضاء العقد .

ـحسن ، أن يوجد مكتبها ؟

هناك ، و أشارت بأصبعها نحو زاوية في أقصى الممر !

شكرها ، و ذهب ، طرق الباب الذي كتب عليه اسم : ابتسام ميمون ، مديرة الموارد البشرية ،

أجابته بفرنسية فصيحة أن ادخل ..

دخل المكتب مستأذنا ، و الحق أنه أحس بشيء من ضيق ، ذاك أن لغته الفرنسية كانت لا تسعفه من أجل التحدث بها ، بسبب أنه أهملها لصالح اللغة الألمانية و الإنجليزية ، لكنه استجمع قواه ، و قال لها :

ـ أهلا سيدتي ، أنا السيد يعقوب ، المرشح الجديد لوظيفة مركز المعلومات

ـ مرحبا بك ، هل قرأت العقد الذي بين يديك بتمعن ؟

ـ نعم سيدتي ، و ليس لدي ملاحظات عليه ، كل شيء على مايرام ، أعتقد أنني سأكون سعيدا بالإنظمام إليكم

ـ أتمنى ذلك ، هيا اترك لي في هذا المكان إمضاء ، و سأعطيك هذه النسخة من أجل تصحيح إمضائها .

ـ حسن سيدتي ، تشرفت بالإنضمام إليكم ، و أتمنى أن أكون عند حسن الظن

ـ رافقتك السلامة !

خرج من عند مديرة الموارد البشرية متهلل الأسارير منشرح الصدر ، مستعدا للقاء الحياة الجديدة التي من الله عليه بها ، و لولا أنه خشي اللوم لذهب لستكشاف المكان الذي به سيعمل ، و لكنه منى جاسوسه التطفلي بعملية استكشاف كبيرة حينما يأتي في أول يوم للعمل .

مر بمكتب أسماء بوبكري فذكرته أنه بعد الغد هو أول يوم فعلي للعمل ، و سيرافقه شخصان ، سيبدآن معه مشروع اللغة الألمانية بمركز المعلومات ، هما السيد عز الدين حُجة و المرشح الثالث لم يكن وقع عليه الإختيار بعد ، و لكنه سيأتي في الغد و طلبت منه الحضور على الساعة السابعة و النصف .

في اليوم الموعود ، كان أمه التي كان عندها يقطن ، في انتظار أن تلتحق به زوجته و ابنه ، كانت قد جهزت له زيه ، بعناية تامة ، و أعدت له طعام غذائه الذي سيأخذه معه ، ثم أصرت على أن يتناول وجبة إفطاره ، و كان هذا الطقس الصباحي المميز ، سببا في رفع معنوياته ، و طرد الخوف الذي سيطر عليه مذ غادر النوم جفونه بعد صلاة الصبح ، ودعته ، و كانت تدعو له ، حتى غاب عن أنظارها ...

كان منزل والديه يقع في شارع بوركون النصف شعبي ، و يبعد عن مكان عمله بنحو كيلومترين و نصف الكيلومتر ، خرج من منزل والديه على الساعة السابعة إلا ربعا ، و لكنه فضل أن يذهب إلى مقر عمله الجديد راجلا ، مستمتعا بالنسيم الصباحي العليل ، مستمعا إلى قناة القرآن الكريم في جهاز الراديو المثبت في هاتفه ، كان يحب المشي كامل الحب ، و لم يدر بتسارع المسافة ، حتى وجد نفسه أمام مبنى الشركة .. قبل أن يستقل المصعد ، طلب منه رجل الأمن المكلف بحراسة العمارة ، أن يوثق اسمه في ورقة استلمها من الشركة نفسها ، تسمه و رقم هاتفه ، و الساعة التي قدم فيها إلى مقر الشركة و الإمضاء ، و أخبره رجل الأمن قبل أن سيتفسره ، أن الأمر حتمي في أول الأيام ، إلى الآن الذي سيعطون هو و زملائه الجدد بطاقات ممغنطة من أجل استعمالها في الدخول و الخروج .

ودع رجل الأمن بابتسامة شاكرة ، ثم صعد إلى الطابق الخامس فوجد السيد عز الدين حجة قد سبقه

بادره بالتحية باسما :

ـ أهلا سيد عز الدين كيف حالك ؟

ـ بخير حال و أنت ؟ هل أنت مرتبك ؟

ـ في الحقيقة لا أخفيك سرا ، شيئا ما !

ـ أنا كذلك ، و لكن لا تقلق ، سيكون الأمر على ما يرام .

ـ أتمنى ذلك ، أنت على الأقل قد درست المعلوميات في ألمانيا ، أما أنا فقد كان مسار دراستي هناك مختلفا ، أنا اتبعت طريق الصحافة و الإعلام كطريق للتحصيل !

ـ لا شيء صعب سيد يعقوب ، بالممارسة ، و التعلم ، ستتمكن من ضبط الأمور ، و سيكون كل شيء ع مايرام ، كل على يقين .

ابتسم له يعقوب ابتسامة شاكرة ، ثم أردف :

هل لديك فكرة عن الشخص الثالث الذي سيرافقنا في هذه المهمة ؟

ـ كلا ، و لكني أظن أنه لن يتأخر !

و فعلا ، و بعد انتهاء السيد عز الدين من كلامه بخمس دقائق ، كان باب المصعد يفتح ، و يخرج منه شخص ، قدر يعقوب عمره في الخامسة و الثلاثين و كان يعقوب و السيد حُجة ، يجلسان على الدرج المقابل للباب ، في انتظار أن يأتي أحد ليفتح لهم ، و قصد المرشح الثالث قبالة الباب ، و وقف .. لم يستطع يعقوب كتمان تطفله ، فقال مخاطبا إياه :

ـ أهلا و سهلا ! هل أنت المرشح الثالث الذي سيرافقنا في مشروع اللغة الألمانية في مركز المعلومات ؟

رفع رأسه الذي كان مطأطآ للأرض ، و قال بشكل مقتضب : نعم أنا هو ، ثم أردف بصوت يلمس منه الإنزعاج :

أما من أحد يفتح لنا الباب ؟

أجابه يعقوب بابتسامة : سيأتون قريبا لا تقلق !

ـ لست قلقا ، و لكن هذه بعض مساوئ هذه البلاد ، لا يوجد انضباط ، و لا التزام بالوقت !

و في هذه الأثناء ، كان أحد الأشخاص العاملين في الشركة قد فتح الباب ببطاقته الممغنطة ، و أفسح لهم المجال للدخول ..

جلس الثلاثة على أرائك خمراء صفت إلى جانب قسم الموارد البشرية و ابتدأت حينها حصة التعارف بين الثلاثة ، حين قال المرشح الثالث : حسنا سأعرفكم نفسي :

أنا السيد محمد ملاحي ، عمري 49 سنة ، و قد درست اللغة الألمانية في ألمانيا في احد المعاهد بعد ان كنت في سويسرا ، و لكني ذهبت لألمانيا ، و أنا حاصل على شهادة من المعهد في اللغة الألمانية ، و قد اشتغلت في الترجمة ، لصالح المغاربة و العرب الذين كانوا يقطنون في ألمانيا ، و كانت الشرة تستعين بي في التحقيقات التي تخص العرب الذين لا يتحدثون الألمانية :

ـ جميل قال يعقوب ، و لماذا عدت إلى المغرب ؟

ـ بسبب الوالدة غفر الله لها ، كانت مشتاقة إلي ، و كانت ترسل إلي شرائط فيديو أنذاك من أجل أن أعود ، تقول فيه : يا إبني سأموت و لما أراك ، فعدت ، و لكني لم أعتد الحياة هنا في المغرب ، و أقسم لك أنني لو وجدت فرصة للذهاب حتى لأفقر البلاد الإفريقية سأذهب ! يتوجب علي أن أصبر فقط من أجل أطفالي ، عندي طفلة و طفلين .

ـ جميل سيد ملاحي ، أنا السيد يعقوب 35 سنة ، و السيد عز الدين حُجة هو في مثل سني و قد كنا نحن الإثنين في ألمانيا أيضا ، و كان السبب أيضا شخصيا من أجل ذلك عدنا أدراجنا إلى هنا !

مرت دقائق ، تحدثوا فيها هم الثلاثة عن كل شيء ، حتى وصل بهم الحوار حول الإسلام ، و القرآن فقال السيد ملاحي :

ـ أنا أعتقد أن أغلب المسلمين يفهمون القرآن و السنة فهما سطحيا ، و الحقيقة أن الأمر يتجاوز الأفهام ، فخذوا كمثال طلوع الشمس من مغربها : يقصد بها الله ، أن شمس الإسلام ستطلع من الغرب ، و يأجوج و مأجوج المذكورون في القرآن هم في الحقيقة الصينيون !

حملق يعقوب في السيد عز الدين متعجبا ، فاجابه هذا الأخير بابتسامة ماكرة ، و انتظر السيد ملاحي أن يجيباه عن أفكاره ، فلم يجد إلى الصمت .

في هذه الأثناء ، دخل السيد مهران ، فتعجب من جلوسهم على الأرائك ، و سألهم عن السبب الذي جعلهم لا يلتحقون بمقر العمل ..

أجابه السيد يعقوب أنهم كانوا بانتظاره ، فقال السيد عمر مهران :

ـ ابتداء من الغد، حينما تأتون ، ادخلوا مباشرة إلى مقر العمل ، و الآن هيا اتبعوني ..

تبعوه ، في ممر إلى اليمين ، حتى بلغوا منتهاه ، نحو باب كتب عليه بلغة لاتينية : مركز المعلومات، فتحه السيد عمر مهران ، و القى التحية ، كان مركز المعلومات عبارة عن صفين من حواسيب متصافة بشكل متواز على طول الغرفة التي قدرها يعقوب في أول وهلة بطول 5 أمتار في عرض مترين و نصف ، على مقربة من الباب حلس شخصان ، سرعان ما عرفهم عليهم السيدعمر مهران قائلا :

ـ هذا السيد عادل حجاجي ، مهندس معلوميات ، و هو في فرقة التدخل السريع هنا فيما يخص الجانب المغربي و الفرنسي لمركز المعلومات ، و هذه السيدة إدريسية حجوبي ، مكلفة بالتدخل السريع لفرع الشركة الآخر ..

و هؤلاء هم العضلات التي سنبدأ بها مشروع اللغة الألمانية أيها الإخوان ، قال السيد مهران مخاطبا السيد عادل و السيدة ادريسية ، كان السيد عادل حجاجي ، شخصا يغلب على رأسه و لحيته شيب كثيف ، أعطاه وقارا جميلا ، ووشى بتقدم سنه ، و كانت السيدة إدريسية أقرب إلى طفلة صغيرة برية منها إلى سيدة متزوجة ..

جلس الثلاثة فوق كراس جنبا إلى جنب ، و انتظروا الخطوة القادمة من السيد عمر مهران ..



  • يعقوب مهدي
    اشتغل في مجال نُظم المعلومات .. و اعشق التصوير و الكتابة
   نشر في 04 أبريل 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا