رداً على المؤتمر الصهيوني الذي عقد في يافا، عقد العرب مؤتمراً في القدس من 27 يناير حتي 10 فبراير 1919م، بهدف عرض المطالب الفلسطينية حول تقرير المصير في مؤتمر السلام (الصلح) الذي عقدته الدول الأوروبية المنتصرة، وذلك في باريس، وقرر المؤتمرون .

1. اعتبار فلسطين جزءاً من سوريا العربية ترتبط معها بروابط قومية وجغرافية.

2. رفض الإعلان عن حقوق فرنسا في سوريا، مع التأكيد على ضرورة الوحدة العربية والاستقلال التام للدول العربية .

وفي المقابل قدمت اللجنة الصهيونية مذكرة في فبراير 1919م بينت فيها الدعوى التاريخية (للشعب اليهودي) في فلسطين ووزعت الحركة الصهيونية على مؤتمر الصلح خريطة (الدولة اليهودية المقترحة وكذلك تقدم الأمير فيصل بن الحسين بمذكرة طالب فيها باستقلال البلدان العربية باستثناء فلسطين نظراً (لطابعها العالمي).

ثم انعقد اجتماع لممثلي الدول المتحالفة، وجرى نقاش عنيف بين ممثلي فرنسا وبريطانيا، وتدخل الرئيس الأمريكي ويلسون مقترحاً إرسال لجنة تحقيق لدراسة الأوضاع في سوريا وفلسطين لمعرفة وجهة نظر سكان البلاد أنفسهم، لكن ممثلي فرنسا وبريطانيا رفضا الاقتراح، وذلك خشية إبداء السكان رفضهما لدولتيهما.

أصر الرئيس الأمريكي ويلسون على إرسال لجنة إلى فلسطيـن، فتألفـت لجنة أمريكية المعروفة باسم (لجنة كنج – كرين) نسبة إلى عضويها الرئيسين، ومكثـت اللجنة فـي فلسطين ستة عشر يوماً من 10 -25 حزيران/ يونيو 1920م، اجتمعت خلالها بممثلـي العـرب والصهاينة، ثم زارت سوريا، وبعد انتهاء التحقيقات وضعت تقريرها الـذي ظل طـي الكتمـان ثلاث سنوات، وقد قابلته كل من بريطانيا وفرنسا والحركة الصهيونية بالرفض الشديد، وذاب حمـاس ويلسـون عنـدما أيـد الكونجرس الأمريكي وعـد بلفـور في أيار – حزيران/ مايو – يونيو 1922م، وبعد أن وافق الكونجرس على الانتداب البريطاني على فلسطين في 24 تموز/ يوليو 1922م.

ومن أهم بنود تقرير لجنة (كنج – كرين):

1. يجب تعديل البرنامج الصهيوني الرامي لإطلاق الهجرة إلى فلسطين، وإسكان الصهاينة مكان أهلها الأصليين، وضرورة تفهم أن جميع الفلسطينيين يرفضون البرنامج الصهيوني.

2. المشروع الصهيوني يتنافى مع مبادئ ويلسون التي أطلقها عام 1918م (أيديولوجيته الأممية باسم "الويلسونية"، أو السياسة الخارجية التي تدعو الى تعزيز الديمقراطية العالمية)

3. كل المسئولين الإنجليز الذين قابلتهم اللجنة بينوا أن مشروع الصهيونية لا يمكن تطبيقه إلا بالقوة المسلحة وهذا دليل على مدى جور وظلم المشروع.

4. إن الإدعاء الصهيوني بالحق في فلسطين عائد إلى احتلالهم لها قبل ألفي عام.

5. اللجنة (رغم تعاطفها مع مسألة اليهود) تدعو إلى:

أ‌. عدم تأييد أي برنامج صهيوني غير معدل كثيراً، ويكون تطبيقه بالتدريج.

ب‌. يجب تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

ت‌. العدول نهائياً عن المشروع الداعي لجعل فلسطين دولة يهودية.

ث‌. لا يوجد ما يمنع من ضم فلسطين إلى سورية المتحدة.

ج‌. وضع المقدسات تحت إدارة لجنة دولية دينية.

ثورة موسم النبي موسى (1920م:

أدى الإجحاف البريطاني بحق الشعب الفلسطيني، والانحياز للصهاينة إلى حالة عامة من الغليان، ومما زاد الطين بلة موافقة بريطانيا على إنشاء منظمة الهاغاناة (الدفاع) الصهيونية، كأول منظمة عسكرية صهيونية في فلسطين عام 1920م.

تزامن الاحتفال بموسم النبي موسى عند المسلمين مع احتفالات اليهود الدينية، فقرر المسلمون تسيير الزوار في مواكب جماهيرية تعبر عن غضبها من السياسة البريطانية، فاشتبك العرب واليهود عند باب الخليل بالقدس، وتدخلت الشرطة البريطانية لقمع المتظاهرين، لكن الأحداث استمرت عدة أيام، قتل خلالها 5 من اليهود وقتل 4 فلسطينيين، وجرح 211 يهودياً و 23 عربياً، واعتقل عدد من الطرفين للتحقيق معهم، وتشكلت لجنة للتحقيق في أسباب الاضطرابات.

وأوضح تقرير الجنة (*) أن 90% من الشعب الفلسطيني يكنون عداءً للإدارة البريطانية، رغم أن الهجوم كان موجهاً ضد اليهود، وذلك لقلقهم على مستقبلهم، وخيبة الأمل من السياسة البريطانية كما أوضح التقرير أن توافق السياسة البريطانية مع الصهاينة والسماح بإنشاء الهاغاناة واعتبارها قانونية زاد من حدة التوتر.