إن من أكثر ما يحز في النفس أن تجد أفراد أمتك يسيؤون إلى نبي من أنبياء الله –ولو كان ذلك دون قصد الإساءة- ويتوارثون تلك الإساءة عبر التاريخ وأن يسكت العلماء والدعاة عن تلك الإساءة ولا تكاد تسمع أحدا منهم ينكرها أو يحاول تغييرها.
لقد بعث كل نبي من الأنبياء ليدعو الناس إلى التوحيد وليدعوهم إلى ترك ما يقترفونه من خطايا، وإن أقل ما يجب على المؤمنين برسالاتهم على مر التاريخ أن يكونوا أوفياء مع تضحياتهم، وأن يجعلوا من كل نبي رمزاً لنبذ تلك الخطايا ومحاربتها، ورمزاً للفضيلة التي كان يدعو إليها، لكن ما فعله كثير من المسلمين مع نبي كريم من أنبياء الله كان مختلفاً تماما...
في زمن بعيد، فشت فاحشة المثلية الجنسية في قوم يسمون قوم سدوم، وبعث الله لهم نبياً كريما اسمه لوط، كان لوط داعية إلى الفطرة والفضيلة وظل يحارب تلك الفاحشة ويدعوا قومه إلى تركها، لكنهم لم يستجيبوا له حتى عاقبهم الله كما ذكر في القرآن، بعد تلك الحادثة بمئات السنين جاء أقوام يسمون تلك الفاحشة التي حاربها ذلك النبي بإسم مشتق من اسم النبي نفسه!!! والمثير للدهشة أن علماؤهم ووعاظهم لم يقفوا في وجه تلك الإساءة البالغة، بل وجدنا منهم من يقوم بتك الإساءة ذاتها!
وكنتيجة لتلك الإساءة أصبح الناس يتجنبون تسمية أبناءهم بإسم ذلك النبي الكريم، فقد صار اسمه مرتبطا في عقلهم الباطن بتلك الفاحشة، وكمثال فأنت لا تجد في الأعلام من اسمه لوط إلا نادراً ، وعلى سبيل المثال، في ' سير أعلام النبلاء ' ليس هناك من اسمه لوط ، سوى واحد : أبو مخنف لوط بن يحيى، وبين المعاصرين لم أسمع بشخص اسمه لوط سوى عالم الفلك الجزائري لوط بوناطيرو.
وحتى ندرك مقدار الإساءة التي أساءها الجهال إلى ذلك النبي الكريم، تخيل أن يسمي الناس عبادة الأصنام بالـ (إبراهيمية) أو يسمون الغشاش (شعيبياً) أو يسمون الظالم (عمرياً)، أو يسمون اللجوء إلى العنف بالـ (غاندية)، إن اشتقاق إسم لخطيئة ما من إسم الرمز الذي حاربها هو خطيئة قد لا تقل شناعة عن الخطيئة ذاتها والله تعالى يقول (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
إنني أعتقد أن من أوجب الواجبات على العلماء أن يتصدوا لهذه الإساءة الشنيعة وأن تقنن القوانين التي توقع أشد العقوبات على كل من يسمي فاحشة المثلية بإسم سيدنا لوط، أما تلك الفاحشة فلن تعجز قواميس اللغة عن إيجاد إسم لها، ويمكن تسميتها بال سدومية أو المثلية أو الشذوذ أو الفاحشة كما سماها الله في كتابه وشيئاً فشيئاً سيصبح إسم نبي الله لوط رمزاً للفضيلة وإتباع الفطرة، وسلام الله على لوط في الأولين والآخرين..
-
أحمد عبودكاتب