(ماما) أمريكا و حكاية الغول .
نشر في 15 ماي 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بالأمس أُسدل الستار على قمّة (كامب ديفيد) .. وللأمانة و التاريخ فالمخابرات الأمريكية تستحق
و بامتياز جائزة (الأوسكار) .. و لستُ أدري لماذا أصرّ (أوباما) على (كامب ديفيد) وليس على (هوليود)؟
ربما الولايات المتحدة لها فال كبير و طالع يُمْن ب (منتجع داوود) كما هو الحال ب(حائط المبكى) عند
إسرائيل .. نعم .. فمنذ أكثر من أربعة عقود شهدتْ (كامب ديفيد) اتفاقا استراتيجيا للسلام بين مصر
و إسرائيل و من يومها انكبّتْ المخابرات الأمريكية على إلهاء باقي الدول العربية التي كانت تنظر إلى هذه
الاتفاقية بنظرة يشوبها الشك و الريبة حيث و لإلهائهم عمدتْ المخابرات على تخويفها عن طريق خلق
(غول) إسمه ( صدام حسين ) و بالفعل نجحتْ نجاحا منقطع النظير فتدفقت الملايير من عائدات
البترول على البنوك الأمريكية ممّا أعطى للاقتصاد الأمريكي طفرة نوعية و قفزة عابرة للقارات و بعد أن
شاخ (الغول) و بدأت تظهر عليه علامات (جنون العظمة) كان لابد من البحث عن بديل .. باختصار دُمّر
العراق و أُعدم الغول .. و السؤال المفصلي ليس هو لماذا منحتْ أمريكا العراق للشيعة على طبق من
ذهب؟ بل السؤال الجوهري هو : لماذا منحتْ أمريكا العراق إلاّ بعد أن تأكدتْ أنّ المرجع الأعلى السيد
(السيستاني) هو منْ سلالة و جدور إيرانية ؟ من هنا سيفهم كلّ لبيب أنّ السياق الميثلوجي لحكاية
الغول يجب أن تستمر و البديل طبعاً هنا هو (إيران) .
قبل ثلاثة أيام بدأت و فود دول الخليج تشدّ الرحال إلى (كامب ديفيد) و كان يحدوها أمل كبير وهو
الحصول على ضمانات مكتوبة يوقع عليها ( أوباما ) لكنّ الصفعة كانت قويّة ليس على الخد الأيسر بل
وحتى على الخد الأيمن .. ليس هناك ضمانات مكتوبة و لا هم يحزنون .. بل هناك فقط برتوكول بيان
أهم ما جاء فيه :
- تلتزم أمريكا بالشراكة مع دول الخليج
- تلتزم أمريكا بالدفاع عن الخليج ضد أي تهديد خارجي
- تلتزم أمريكا بتسليح الخليج و ذلك عن طريق تزويدها بنظام الإندار المبكر .
ترى ما هو حجم التكلفة التي على دول الخليج أداءها مقابل هذه الإلتزامات ؟
شخصيّا اختلطتْ عليّ الأصفار و تشابهتْ عليّ الأرقام و وجدتُ نفسي أمام فاتورة فلكيّة ..
و باختصار الفاتورة باهضة و خصوصا أنّ الغول يطرق على الأبواب ففي الوقت الذي كانت فيه القمة
تضع بيانها الختامي .. كان يحاول (الغول) إرسال سفينة مساعدات بالقوة إلى ميناء (الحديدة) باليمن
بل و أطلق النار على سفينة تجارية تحمل علم سنغافورة في المياه الدولية مما أعطى للقمة و لمن يديرها
مصداقية كلامه عن هذا الغول الذي يريد أن يربطه مؤقّتا بسلاسل الاتفاق النووي و لذلك فإنّ المرحلة
تستدعي تسديد أي فاتورة يطلبها العم (سام) و ثانيها نسيان (فلسطين) بل و شطبها من
قاموس الأولويات على الأقل في الزمن المنظور إلى حين البحث عن (غول) جديد يأخذ مكان ( إيران ) و إني
على يقين أنّ (تركيا) ستكون البديل القادم لاعتبارات سوسيولوجية قد تكون محور المقالة القادمة إن
شاء الله . و قبل أن أنهي مقالتي .. و صلة بالموضوع أي صلةً بميثولوجيا (الغول) تذكرتُ شيئاً من عالم
الطفولة البريئة .. حيث إذا خيّم الليل كنتُ أهرع أنا و إخوتي إلى غرفة جدتي لسماع فصل جديد من
فصول حكاية ( عمّي الغول) و لا زلتُ أتذكر أنّني لا أجرؤ على سماع جدتي وجها لوجه بل كنت أكتفي
بالسماع من وراء ظهرها ظنّاً مني أن الغول إذا دخل علينا فهو سيبدأ بالأقربين أولى و بالتالي سأنجو و
جدتي من أنيابه و مخالبه .. من وحي هذه الذكرى و إلى حين يسترد عرب الخليج بيض مناعتهم الذي
وضعوه بالكامل في سلّة أمريكا .. أقول إلى ذلك الحين: طبابتْ ليلتكم يا أنظمة الخليج في حضن ماما
أمريكا .
بقلم تاج نور الدين
-
تاج .. نورالدين .محام سابق- دراسات في الفلسفة والأدب - متفرغ الآن في التأليف والكتابة .- محنك في التحليل النفسي- متمرس في التحليل السياسي- عصامي حتى النخاع- من مؤلفاته :( ترى من هذا الحكيم ؟ )- ( من وحي القوافي ) في ستة أبواب وهو تحت الطبع .- ( علم ...
التعليقات
فوالله انها للعبة عفنة ولكن قلما من فهم او ادرك ما يحاك ويخطط لتقسيم الامة وتمزيق الاوطان
دام قلمك .