إلى غابرييل 00
رسالة أخرى
نشر في 06 مارس 2023 وآخر تعديل بتاريخ 27 يوليوز 2023 .
آذار 2023
الإثنين
السادس من أيام الربيع ...
و مازال كل شيء على حاله لا ربيع زارنا و لا هي الزهور زينت جنبات طرقاتنا ..
الجو بارد جدا، تغمر فيه الغيوم جنبات السماء و تحوم بداخلنا دون أن تمطر أو تسمح لنا أن نفعل.
الثامنة و النصف من يوم لا يعنيني..
مستلق فوق سريري بهذا المساء القارس، ألتحف وشاحي القطني و ألتحف معه شيئا من أيام مضت، أحس بالبرد يقتحمني مثلما تفعل الذكريات بي، أتذكرك و أتذكر كم كانت أيامي دافئة في وجودك، كنت أعيش الربيع بكل الفصول، لم أكن أشعر بالبرد معك، كل ما حدث معي، نوبات البرد المفاجئة و عثرات الخيبة المتكررة، كان بعد رحيلكِ.
أحس اليوم بطعم الأشياء و الفصول على حقيقتها.
يقولون:
الوحدة أيضا برد، ولم أدرك هذا إلا حين غادرتِ.
في غيابكِ فتحت عيني على الكثير من الحقائق التي أغفلتها طوال فترة وجودنا معا.
أقترب من المدفأة أكثر و أشد على أطرافي المبعثرة باحثا عن بعض الدفء، و عن بعضٍ منكِ أيضا، و أحاول كل مرة أن أسترجعك أن أستعيد منكِ بعضا مني، أنا الذي رفضتني ملاجيء النسيان ورمتني بشواطيء ذكريات تعذبني و تسحقني كل لحظة بك.
لا أكذب إن قلت أني أشتاق إليكِ دائما، و أني مازلت أحبكِ أيضا.
تبا لها من إعترافات..
تزورينني كل مرة، كل يوم و أسبوع، و لا أنفك عن التفكير بك..
ياترى هل ما زلت تكتبين؟
و هل هناك مساحة لي بين كلماتك؟
كيف تتذكرينني، كيف أبدو بطيات ذاكرتك، أمازلت أشبه جبران؟
أمازلت صغيرا في عينيك؟
هل أنهيتِ دراستكِ؟
هل وصلتِ إلى ما كنت تطمحين؟
أعرفك و أعرف عنادك ..
ربما أنا الوحيد الذي علق بين صفحات كتاب أنهكه و أخذ من حياته الكثير و لم ينهه بعد، الوحيد الذي سحقه التفكير و التوهان فيك،
الوحيد الذي أراد بلوغ كل شيء و لم يبلغ شيئا..
مثل فأر علق بذيله بمصيدة الأيام فلا هو مات و لا هو واصل الطريق..
لم تقتلني المصيدة، و لكن الإنتظار و الشوق كانا كافيين لوضع نهاية لي.
أراكِ في كل شيء، في كل تفصيلة تتجلين أمامي بكل حماسكِ و عفويتك، تتسرب ضحكتك إلى مسمعي فأصغي إليها كما أصغي إلى لحن جميل أو قطعة موسيقية نادرة لخوليو أو مقطع لدرويش
أعيدها و أكررها، و أصغي إليها آلاف المرات، صوتكِ، ضحكتكِ أيتها الشقية داء لن أشفى منه ما حييت ..
مازلت أذكرك، أحاديثنا المسائية، تحت ضوء القمر، السماء، النجوم المتلألأة و بقايا من قصص عطرة زينت أيامنا و ليالينا..
الغروب، المساء و فناجين القهوة، و الكثير من التفاصيل الجميلة.
لم تتركي شيئا إلا و كنت جزءا به، شاركتك كل ما أملك، و فتحت لك أبوابي نحو عوالمي السرية، فكيف طلبت مني ذات يوم أن أنسى؟
كيف أنسى؟ ما السبيل إلى ذلك؟
بربكِ أخبريني، ما السبيل؟
غابرييل
لقد تعلق وجودك بكل حياتي، بالرسم و الكتابة و التصوير و الموسيقى و الزهور و الأمسيات و القهوة، بالقمر و النجوم و العطور و الكتب و الكثير من الأغنيات....
لقد سلبتني كل شيء و رحلتِ.
عريتني من كل حب و تواريت وراء جبال تلك المدينة الجليدية.
قلت لي يجب أن ننسى، نسيتِ أنتِ،أو ربما كنتِ تحاولين، أما أنا فلم أنسى شيئا..
تائه اليوم، أحاول ترميم الجدران بقلبي و سد بعض الثقوب برأسي، و إعادة بناء ذاكرة أخرى لا تحتويك.
أتخلص من كل اللوحات، من الألوان من حبي للرسم و ربما بعد غد سأترك الكتابة و أسجل بمعهد لدراسة حياة النحل أو متابعة حركة الإلكترونات من جسم إلى جسم..
أو أي شيء غريب لا أحبه أو أعرفه، شيء لا تكونين به و لا أكون أيضا..
قلت لك أني أكره اللون الأصفر، سأبتاع غدا قميصا و بنطالا بنفس اللون..
أقترب إلى المدفأة أكثر ملتمسا بعض الدفء، و أحاول أن أتحكم في كم المشاعر و الأحاسيس المتأرجحة بداخلي.
بعدما إبتعدتُ معك و أبحرنا بالسابق ممتطين قوارب فينيسيا، أعود اليوم إلى نقطة البداية، بل إلى نقطة ما قبل البداية..
مبعثر، ينتابني شعور العائد من الموت، شعور الغريق الذي لم يغرق و لكنه تذوق مرارة الغرق..
ممتن و كاره و نادم على معرفتي لك
على الحرف اللعين الذي كان سببا في لقاءنا، في تعلقنا و حبنا ...
أحاول أن أنساك، و ليس حبا في ذلك و إنما إكراها، علني أعرف كيف أبدأ حياتي، كيف أخط بأرضي القاحلة خطا و أبدأ من نقطة ما قبل أن نلتقي ..
قبل أن أعرفكِ، و أواصل و كأني لم أعرفكِ أبدا.
آرثر
-
Abdelghani moussaouiأنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
التعليقات
ساحاول أن أكون غيري .لأن غيري خالٍ منك
واواصل كأني لم أعرفك أبدا.
حسك الإنساني عالي .وتعابيرك عميقة مودتي صديقي الكاتب .