الإثنين
السادس من أيام الربيع ...
و مازال كل شيء على حاله لا ربيع زارنا و لا هي الزهور زينت جنبات طرقاتنا ..
الجو بارد جدا، تغمر فيه الغيوم جنبات السماء و تحوم بداخلنا دون أن تمطر أو تسمح لنا أن نفعل.
الثامنة و النصف من يوم لا يعنيني..
مستلق فوق سريري بهذا المساء القارس، ألتحف وشاحي القطني و ألتحف معه شيئا من أيام مضت، أحس بالبرد يقتحمني مثلما تفعل الذكريات بي، أتذكرك و أتذكر كم كانت أيامي دافئة في وجودك، كنت أعيش الربيع بكل الفصول، لم أكن أشعر بالبرد معك، كل ما حدث معي، نوبات البرد المفاجئة و عثرات الخيبة المتكررة، كان بعد رحيلك
أحس اليوم بطعم الأشياء و الفصول على حقيقتها.
يقولون:
الوحدة أيضا برد، ولم أدرك هذا إلى حين غادرتِ.
في غيابكِ فتحت عيني على الكثير من الحقائق التي أغفلتها طوال فترة وجودنا معا.
أقترب من المدفأة أكثر و أشد على أطرافي المبعثرة باحثا عن بعض الدفء، و عن بعضٍ منكِ أيضا، و أحاول كل مرة أن أسترجعك أن أستعيد منك بعضا مني، انا الذي رفضتني ملاجيء النسيان ورمتني بشواطيء ذكريات تعذبني و تسحقني كل لحظة بك.
لا أكذب إن قلت أني أشتاق إليك دائما، و أني مازلت أحبك أيضا.
تبا لها من إعترافات..
تزورينني كل مرة، كل يوم و أسبوع، و لا أنفك عن التفكير بك..
ياترى هل ما زلت تكتبين؟
و هل هناك مساحة لي بين كلماتك؟
كيف تتذكرينني، كيف أبدو بطيات ذاكرتك، أمازلت أشبه جبران؟
أمازلت صغيرا في عينيك؟
هل أنهيتِ دراستكِ؟
هل وصلتِ إلى ما كنت تطمحين؟
أعرفك و أعرف عنادك ..
ربما أنا الوحيد الذي علق بين صفحات كتاب أنهكه و أخذ من حياته الكثير و لم ينهه بعد، الوحيد الذي سحقه التفكير و التوهان فيك،
الوحيد الذي أراد بلوغ كل شيء و لم يبلغ شيئا..
مثل فأر علق بذيله بمصيدة الأيام فلا هو مات و لا هو واصل طريقه.
لم تقتلني المصيدة، و لكن الإنتظار و الشوق كانا كافيين لوضع نهاية لي.
أراك في كل شيء، في كل تفصيلة تتجلين أمامي بكل حماسكِ و عفويتك، تتسرب ضحكتك إلى مسمعي فأصغي إليها كما أصغي إلى لحن جميل أو قطعة موسيقية نادرة لخوليو أو مقطع لدرويش..
ُأعيدها و أكررها، و أصغي إليها آلاف المرات، صوتك، ضحكتك أيتها الشقية داء لن أشفى منه ما حييت ..
مازلت أذكرك، أحاديثنا المسائية، تحت ضوء القمر، السماء، النجوم المتلألأة و بقايا من قصص عطرة زينت أيامنا و ليالينا..
الغروب، المساء و فناجين القهوة، و الكثير من التفاصيل الرائعة.
لم تتركي شيئا إلى و كنت جزءا به، شاركتك كل ما أملك، و فتحت لك أبوابي نحو عوالمي السرية، فكيف طلبت مني ذات يوم أن أنسى؟
كيف أنسى؟ ما السبيل إلى ذلك؟
بربك أخبريني، ما السبيل؟
وقد تعلق وجودك بكل حياتي، بالرسم و الكتابة و التصوير و الموسيقى و الزهور و الأمسيات و القهوة، بالقمر و النجوم و العطور و الكتب و الكثير من الأغنيات....
لقد سلبتني كل شيء و رحلت..
عريتني من كل حب و تواريت وراء جبال تلك المدينة الجليدية.
قلت لي يجب أن ننسى، نسيتِ أنتِ،أو ربما كنتِ تحاولين، أما أنا فلم أنسى شيئا..
تائه اليوم، أحاول ترميم الجدران بقلبي و سد بعض الثقوب برأسي، و إعادة بناء ذاكرة أخرى لا تحتويك.
أتخلص من كل اللوحات، من الألوان من حبي للرسم و ربما بعد غد سأترك الكتابة و أسجل بمعهد لدراسة حياة النحل أو متابعة حركة الإلكترونات من جسم إلى جسم..
أو أي شيء غريب لا أحبه أو أعرفه، شيء لا تكونين به و لا أكون أيضا..
قلت لك أني أكره اللون الأصفر، سأبتاع غدا قميصا و بنطالا بنفس اللون..
أقترب إلى المدفأة أكثر ملتمسا بعض الدفء، و أحاول أن أتحكم في كم المشاعر و الأحاسيس المتأرجحة بداخلي.
بعدما إبتعدتُ معك و أبحرنا بالسابق ممتطين قوارب فينيسيا، أعود اليوم إلى نقطة البداية، بل إلى نقطة ما قبل البداية..
تائه، مبعثر، ينتابني شعور العائد من الموت، شعور الغريق الذي لم يغرق و لكنه تذوق مرارة الغرق..
ممتن و كاره و نادم على معرفتي لك
على الحرف اللعين الذي كان سببا في لقاءنا، في تعلقنا و حبنا ...
أحاول أن أنساك، و ليس حبا في ذلك و إنما إكراها، علني أعرف كيف أبدأ حياتي، كيف أخط بأرضي القاحلة خطا و أبدأ من نقطة ما قبل أن نلتقي ..
قبل أن أعرفك، و أواصل و كأني لم أعرفك أبدا.
#رسائل إلى تيزوفيا
#موساوي عبد الغني
-
Abdelghani moussaouiفي رحلتي للبحث عن الامل .... الأمل الذي فقدته و انا في طريقي الى النجاح
التعليقات
ساحاول أن أكون غيري .لأن غيري خالٍ منك
واواصل كأني لم أعرفك أبدا.
حسك الإنساني عالي .وتعابيرك عميقة مودتي صديقي الكاتب .