الحيّ الأول والذكرى الأبدية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحيّ الأول والذكرى الأبدية

  نشر في 29 ماي 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

منذ ابتعادنا عن بعضنا و ذكراكِ تلاحقني كل حين ، و كأنّها ترغب بأن تشي للعالم حبنا الأعظم ، يزورني الحنين كل ليلة يتسلل لقلبي كــ نجوم السماء البارقة ، فيضئ تلك العتمة التي تسبب بها فراقنا المحتوم .

عدت اليوم لأزور حيينا القديم ، حين تعاهدنا فيه صغارا أنا وصديقتي أننا لن نفترق ، لكن على ما يبدو بأن عهود البقاء لا يكتب لها الدوام ، بطريقة لا اصدقها لم يشأ القدر أن نفي بوعودنا بالبقاء.

لكني رغم ذلك قد عدت اليوم كي اطمئن على ما نسجناه معا ، عدت لزيارة الحيّ الأول ذلك الحب الأبدي .

كيف لهذا المكان أن يحتفظ بتلك الذكريات رغم أنه على ما يبدو قد تغيّر عشرات المرات ، أين ذلك الخليط من الأطفال الذي كان يلوّن حيّنا القديم ، ما بالي أراه اليوم بائسا على غير عادته ؟

يا للغرابة ؟ كيف لعبق الماضي أن يظل منتشرا في الأجواء رغم أن سكانه قد تغيّروا مئات المرات، بحثت عن ذلك الحائط حيث نحتنا فيه أول حرفين من اسمينا لكن على ما يبدو أن أشعة الشمس قد محت كلّ شي ، من قلبي فقط تمكّنت من رؤية الأحرف ومن رؤيتنا معا ونحن نلعب ونزاحم الأولاد في لعبة كرة القدم .

شهقتنا حين تعثرت أقدامنا في الوحل ،ضحكاتنا ، نداءاتنا لبعضنا ، صوت خطواتنا والركض السريع ، يا الهي أسمع كل ذلك الان وانا واقفة في منتصف حيّينا القديم، أي ذكرى جميلة أفتقدها ، واي صديقة ضاع دربها وافترقنا ، في هذا الحيّ كانت لي حياة بألف حياة .

أين ذلك الممر الضيق ؟ قد كان صغيرا بما يكفي ليحتفظ بأسرارنا وحكاياتنا ، كان مليئا بالأعشاب ينتهي الى عالم واسع ، ما زال ذلك المكان الفسيح يلاحقني بين حلم و آخر ، وحدها ذكريات الطفولة تبقى في صميم القلب والروح ، وما عداها من أيام لاحقة لا تعدّ أكثر من كونها ذكريات عابرة ، كـ طيف يزورك، يعبث بك ثم يرحل .

يتراءى لي أن أصحاب هذا الحيّ اليوم مشغولون بأمور كثيرة يمشون بخطوات مجبرة أو هكذا خيّل اليّ و أنا أراهم يعبرون بجانبي ، أغمضت عيني رغبة بتجاوزهم و أملا في استدعاء أصحاب الحيّ الذين عهدتهم ..

و بعد فراق عشر سنوات كان لابدّ لكل منّا أن يتغيّر ، أنا ، صديقتي ، والحيّ الذي كان يجمعنا، عدت أدراجي إلى طريق لست أدريه ، وما زالت تلك الأصوات عالقة في أذني والى هذه اللحظة .... أنا اسمعها .


  • 13

   نشر في 29 ماي 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

نعم كل شيء لازال عالقا بداخل كل شخص فينا ..كل شيء لازال عالقا بتفاصيله الصغيرة ..
دام ابداعك
2
creator writer
و تلك العوالق تؤذينا كثيرا
Wesam Ahmad منذ 7 سنة
نكبر وتبقى الذكريات فينا لتذكرنا بأننا يومأ ما كنا صغار
3
creator writer
شكرا لقراءتك وتعليقك ، سعدت كثيرا به .
أسلوبك الهادئ المتناغم مع ما سردتيه ، جمال كلماتك ، الغوص في الماضي بشكل رهيب فعلا ، أحببتها كثيرا ، وكم أتمنى أن تلتقي بتلك الصديقة وتخبرك أنها أيضا لازالت تفي بالوعد وانها تحبك ، متميزة دوما استمري ❤
3
creator writer
مرحبا بعودتك يسرى ، نورتي المنصة من جديد ،، عليك
بتعويض القراء عن انقطاعك الطويل :)
وحدها ذكريات الطفولة تبقى في صميم القلب والروح ... حقا هي الباقية .. وأن كبرنا ... ونسينا أو تناسينا .. تظل ذكرى جميلة ...
وما عداها ..ذكريات عابرة .. حتى تلك الذكريات العابرة ... ما زالت موجودة .. لكونها طيف ... يعبث بنا ثم يرحل .
دام ابداعك سيدتي الفاضلة...
3
creator writer
شكرا لقراءتك وتعليقك المتميز دوما .. شكرا لتشجيعك ..
Salsabil Djaou منذ 7 سنة
الذكريات احيانا جارفة ،خاصة عندما يتعلق الامر بصديق غال فرقتنا عنه الظروف ، حملتنا كلماتك الى ماض لا ينسى ،احسست بكل حرف كتبته ، رائعة كالعادة كاتبتنا الرقيقة الشفافة .
5
creator writer
مرورك الاروع غاليتي :)
مريم منذ 7 سنة
ذكريات لا تموت إلا بموتنا...عدت مع كلماتك الى ذكرياتى..الطفولة...اصدقاؤنا...رفقتنا...مرحنا
غضبنا..ولحظات وداعنا.
6
creator writer
سعيدة بتعليقك الذي اضاف للمقال الكثير ،، شكرا لقراتك وتعليقك ،، كوني بالقرب دائما :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا