كان للنشاط السياحي المكثف ببعض الوجهات ببلادنا أيضا تداعيات على الجانب الأخلاقي وذلك بفعل توفير مختلف المنشآت الإيوائية والمسابح والأندية الليلية وجلب سياح لهم وقت الفراغ وأموال وثقافة مغايرة ويمارسون سلوكيات لا أخلاقية .

أكدت العديد من التقارير أن ممارسة الدعارة والبغاء تمثل حافزا مهما لشريحة كبيرة من السياح الوافدين على بلادنا ، وأن وكالات أسفار بالخارج تروج " خدمات " هذه السياحة خصوصا نحو وجهتي مراكش وأكدير ، ثم الدار البيضاء وطنجة وتطوان وغيرها ، وإذا رجعنا إلى تقارير صحفية فقط يمكن لنا أن نطلع على حجم هذه المعضلة وخطورة السياحة الجنسية واستفحالها ببلادنا ، فعدد التقارير بالعربية والفرنسية والإسبانية وغيرها التي تناولت هذا الموضوع كبير، والاستطلاعات والصور والشرائط الخليعة مهمة، والعناوين المحرجة على مختلف المواقع المعلوماتية ، تثير الشفقة على سمعة وأعراض أبناء هذا البلد المسلم.

نقرأ أنه ما أن تكتب على محرك البحث على الشبكة العنكبوتية كلمة المغرب، سياحة جنسية حتى تظهر لك الآلاف من المقالات المتعلقة بالموضوع، تتصدرها إعلانات من مواقع متعددة تعلن مثلا أن السياحة الجنسية مزدهرة في المغرب، وأن مراكش جنة الشواذ، وفي موقع آخر يعلن عن خريطة المواقع السياحية في أكادير التي يمكن فيها ممارسة الجنس وزيارتها دون مضايقة من السلطات، كما تجد أخبارا وصورا عن خليجيين يفضلون قصور الرباط من أجل الالتقاء بفتيات صغيرات السن. إن هذه الشهرة العالمية جعلت عددا من الجمعيات الوطنية تدق ناقوس الخطر، ومغاربة أمريكا أنشأوا جمعية للتحذير من انتشار ظاهرة السياحة الجنسية ، وتقول الجمعية إنه في حين أن جزءا كبيرا من الاهتمام الدولي للسياحة الجنسية للأطفال يذهب إلى بلدان في جنوب شرق أسيا، إلا أن المغرب أصبح أيضا القبلة المفضلة لكثير من السياح الباحثين عن المتعة الجنسية مع الأطفال .

وجاء في تقرير برنامج مراسلون للقناة فرانس 24 الفرنسية حول السياحة في المغرب : " أثارت التصريحاتُ التي أدلى بها وزير التربية الفرنسي الأسبق لوك فيري حول تورطِ وزيرٍ فرنسي سابقْ في استغلالِ جنسيً لأطفالٍ قاصرينَ في مدينةِ مُراكشْ جدلاً كبيراً في فرنسا وفي المغربْ. ويضيف التقرير: تعتبر مراكش القلب النابض للمغرب السياحي، فالمدينة أصبحت قبلة للسائحين المغاربة والأجانب يتوافدون عليها للاستجمام والتسوق من السلع التقليدية أو الاستمتاع بمُناخها الخاص، ولاسيما ساحة جامع لفنا التي تُعتبر فضاء للترفيه للكبار والصغار ، لكن بعد إسدال الليل ستاره ، نكتشف نوعا آخر من السياحة في قــلب المدينة الحمراء هي السياحة الجنسية على القاصرين .

وجاء في صحيفة وطنية أن عارضة أزياء أمريكية تلتقط صورا عارية بمدينة مراكش أثارت ضجة على الأنترنيت؛ فيما تحولت مدينة النخيل إلى وجهة لتصوير الصور المثيرة جنسيا لعارضات الأزياء من مختلف الجنسيات، تضيف الصحيفة . ووفق المنبر ذاته فإن صحف بريطانية نقلت الصور التي نشرتها العارضة إميلي راتاجكوسكي على موقعها على الأنستغرام، فيما أثار العري فيها استياء عدد كبير من المعلقين، بسبب عدم احترامها لعادات البلد المضيف، وتجرؤها على التقاط صور عارية من داخل فندق شهير في مدينة مراكش .

وتفجرت فضيحة شريط جنسي تحت عنوان " م. سيكس بريس " أنتجته شركة عالمية

لإنتاج الأفلام الجنسية وجرى تصويره بإحدى الإقامات السياحية بحي النخيل الراقي بمراكش وتم عرضه على شبكة الإنترنيت، وظهر فيه شواذ أجانب ومغاربة وأفارقة يمارسون الشذوذ الجنسي على نغمات موسيقية شعبية وتراثية .

لا يقتصر أمر بائعات الهوى بمراكش على المغاربة بــل إن وجهــات سياحــية أخرى تستــقطب أوربيات يسافرن وحدهن إليها ؛ فقد كشفت سائحة تعمل بوكالة أسفار إسبانية أن المغرب بلد مضياف ومنفتح وأن مدينة مراكش هي عالم آخر منفتح على الأجانب وتنطلق منها يوميا قوافل نحو الواحات لممارسة العلاقات الجنسية بين إسبانيات ومغاربة صحراويين مهرة لهم عمائم تذكر برجال الطوارق ، وأن الإسبانيات اللائي يقمن بهذه الرحلات يتعاطين هذه العلاقة على الأقل مرة واحدة خلال كل رحلة ، وتكرر الواحدة منهن السفر إلى هذه الوجهة وإلى الصحراء مرة ومرتين وحتى ثلاث مرات في السنة وتصطحبن معهن سائحات أخريات ليعشن زمان ألف ليلة وليلة .

ويرى البعض أن الواقع يشهد أن الفساد في الآونة الأخيرة لم يعد يحتاج للتخفي وطال مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأنه أصبح يتجول في الشارع بوجه مكشوف ورأس مرفوع وقامة منتصبة وأن " الدعارة لم تعد حكرا على بعض النساء ضحايا ظروف اجتماعية معينة، بل تحولت إلى "نشاط" مدر للدخل وفق تراتبية "طبقية " تميز بين أنواع الزبناء بناء على مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية وجنسياتهم أيضا ، بل هناك آباء أصبحوا يستغلون "مواهب" أطفالهم (حتى الذكور) في هذا المجال للحصول على العملة الصعبة من منحرفين ضاقت بهم بلدانهم الأصلية فحلوا بالمغرب و" أعجبوا به " بما أن المال يفتح كل الأقفال فيه.. بما في ذلك " أقفال السراويل".

ويرون أيضا "... صـــــارت "المدينة / الــدولة " ترى في " الــــدعارة " نشاطا تجاريـــــا أو "خدماتيا " يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية ، بل صار" الفساد " الأخلاقي علامة مميزة للبلد بأكمله في الداخل والخارج ، وصارت الصحافة تعتبر" العاهرة " مجرد "عاملة جنس" بل

هناك من يـــطالب اليوم بأن يتم "تضريب" نشاطها لتحقيق نــــوع من " العدالة الضريبية"، وإخضاع هذه "المهنة" لقانون الشغل صيانة لحقوق "الطبقة العاملة" فيها.. .

تثير هذه الظاهرة اشمئزاز العديــد من المواطنين المغاربة، ونقرأ في تعليقات بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثلا " ما الربح إذن مـــن وراء هذا النوع مــن السياحة ؟ جنس، أمــراض، خمور...هذا فقط 8 ملايين سائح لو بلغنا 70مليون كفرنسا لعلم الله أشيوقع. " .

وجاء في بيان الجمعيات الحقوقية المغربية، أنه لم يعد بالإمكان إخفاء هذه الظاهرة التي كانت تجري سرا من قبل، فتحولت إلى ظاهرة علنية، بما فيها الاستغلال الجنسي للأطفال...والترويج السياحي يكون خادعا، ولا يحمل الأرباح الاقتصادية فقط، بل أيضا مخاطر على درجة كبيرة من السوء بمدن مثل مراكش وأكادير والصويرة وطنجة وتطوان، يغزوها سياح كثيرون خلال فصل الصيف يستغلون حاجة الشباب من الجنسين للمال أو العمل أو الهجرة إلى الخارج وأصبح المراكشيون يدقون ناقوس الخطر بعد أن تحولت الكثير من المنازل العتيقة إلى رياضات خاصة في ملكية أجانب يستغلونها في سهرات ماجنة وأنشطة جنسية طوال العام ؛ هذه الأوكار ، وأغلبها يوجد في أحياء شعبية تقليدية ، أصبحت تدار من طرف شبكات عالمية للدعــارة، ويتم خلالها استغـلال العشرات أو المئات من شباب وشابات المدينة، وآخرين يأتون إلى مراكش من مدن أخرى .

فقرات من كتاب " السياسة السياحية بالمغرب : إشكاليات وتداعيات وبدائل "

إسماعيل عمران . ismailemran@gmail.com